المصري إداري واللبناني تسويقي والهندي محاسبي
مثلها مثل بقية دول مجلس التعاون الخليجي، تعتبر الكويت من كبار مستوردي العمالة الاجنبية في العالم. فحسب آخر احصاءات الهيئة العامة للمعلومات المدنية، بلغ حجم القوى العاملة الكويتية في القطاعين العام والخاص حتى النصف الأول من 2009 حوالي 343.5 ألف موظف، في حين بلغ حجم العمالة الأجنبية 1.73 مليون موظف، أي 5 أضعاف القوى العاملة الوطنية. � في تفاصيل المهن، يُلاحظ أن عدد المديرين الإداريين ومديري الأعمال من المواطنين في القطاع الخاص فقط يبلغ 5774 كويتياً، في حين أن عدد غير الكويتيين الذين يحتلون هذه المناصب في الشركات الخاصة يرتفع إلى 20759 أجنبي. وإن دل ذلك على شيء يدل على أن الأجانب يشاركون بكعكة كبيرة من إدارة الأعمال في البلاد. � لكن ماذا عن مشاركتهم في مراكز القرار المالي والاستثماري؟ والمعني بمراكز القرار المالي المديرون والمسؤولون عن الأقسام ورؤساء القطاعات في كل من البنوك وشركات الاستثمار. وهؤلاء يشاركون بالطبع في اتخاذ قرارات مصيرية أو على الأقل مهمة في مسيرة القطاع بشكل عام أو الوحدة التي يعملون بها بشكل خاص. والجدير ذكره أن القانون الكويتي يجبر القطاع المصرفي على «تكويت» %60 من موظفيه. وهو أعلى رقم في القطاع الخاص على الإطلاق. لكن ضمن حصة غير الكويتيين والبالغة %40، هناك قيادات أجنبية تسيطر إلى جانب الكويتيين على مراكز القرار.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، %90 من الرؤساء التنفيذيين للبنوك المحلية هم أجانب. ويشار هنا إلى أن نسبة القيادات الأجنبية في القطاع المصرفي أكبر من نظيرتها في شركات الاستثمار، على اعتبار أن هذه الأخيرة لا تعتمد بمعظمها على معايير عالمية. كما أن فكرة شركات الاستثمار قائمة على تعظيم أموال الكويتيين أنفسهم، فتجد المواطنين حريصين على إدارة شؤونهم و«خبزتهم» في هذا المجال، حتى لو على حساب الكفاءة. إذ تروي بعض الأوساط المالية أن قطاع الاستثمار قائم على العلاقات أكثر منه على المهنية، فمن عنده معارف أكثر يستطيع استقطابهم لاكتتاب في صندوق أو لإدارة أصولهم، يمكنه الوصول إلى مناصب رفيعة حتى لو لم يكن حاملا شهادة جامعية. وتختلف الصورة في البنوك التي تعمل وفق معايير وضوابط عالمية. كما أنها توظف عددا أكبر بكثير من العمالة مقارنة بشركات الاستثمار.
من يبرع بماذا؟
وأظهرت إحصائية أعدتها «القبس» أن القيادات غير الكويتية في القطاع المالي المحلي يسيطر عليها العرب أكثر من الجنسيات الأجنبية الأخرى. ولا يمكن استنتاج أي الجنسيات بالتحديد سيطرت أكثر على مراكز القيادة، لو أن الصورة اختلفت بشكل جذري بين فترة قبل الغزو وما بعده. فالفلسطينيون كانوا المسيطرين بشكل بارز على المناصب قبل عام 1990، لكن الأمور تبدّلت وبات المصريون الأكثر عددا بين الجنسيات العربية. � واللافت في هذا الإطار أن أصحاب كل جنسية برعوا في اختصاص مختلف عن الآخرين. إذ تبيّن الإحصائية أن المصريين يسيطرون على كعكة الشؤون الإدارية والاستشارات القانونية وخدمة العملاء والعمليات التشغيلية، في حين برع اللبنانيون في قطاعات مثل التسويق والعلاقات العامة والإعلانات والعلاقات مع المستثمرين والأبحاث والتحاليل. لدرجة أن البعض يقول: «أن تكون لبنانيا ليست جنسية، بل مهنة»، بمعنى أنهم «شطار» بالتسويق. � وفيما تعمل أغلب القيادات الأردنية والفلسطينية في أقسام العمليات والشؤون الائتمانية، يحتل الهنود والباكستانيون مسؤولية المحاسبة وتمويل الشركات وأقسام التكنولوجيا والكمبيوتر. أما الأميركيون والأوروبيون فأغلب وظائفهم القيادية في قطاعات مثل الخدمات المصرفية للافراد وإدارة الثروات وشؤون الاستثمار.
والجدير ذكره أن القيادات المصرفية السورية في البنوك وشركات الاستثمار الكويتية نادرة، إذ برع السوريون أكثر في إدارة أعمال التجزئة. كما أن الخليجيين العاملين في مناصب رفيعة قليلون جدا في هذا المجال. واللافت ان الأميركيين والأوروبيين نادرون أيضا في مناصب داخل شركات الاستثمار، لأن هذه الأخيرة تعتمد، كما سبق ان ذكرنا، على العلاقات أكثر منها على الجانب الفني.
الأكثر استقراراً
وعلى صعيد الجنسيات الأكثر استقرارا في مناصبها القيادية، تبيّن أن الهنود يبحثون أكثر من غيرهم على الأمان الوظيفي ويخشون التنقل بين الشركات والبنوك، في حين أن القيادات المالية اللبنانية هي الأقل استقرارا. ويُعتبر المسؤول المصري أكثر ولاء للشركة أو للبنك من غيره من الجنسيات الأخرى، وهو الأسهل في التعامل مع البيئة الكويتية، إن صح التعبير. لكن الصورة بدأت تختلف في الأعوام الأخيرة الماضية، خصوصا في قطاع الاستثمار، عندما بدأ المعنيون ينظرون إلى شهادة الـ CFA كأحد متطلبات التوظيف في المراكز القيادية، فارتفع عدد اللبنانيين والأردنيين والهنود على حساب المصريين. يُذكر أن بعض المصريين وصلوا إلى مناصب رفيعة في قطاع الاستثمار مثل رؤساء تنفيذيين لبعض الشركات.
وبشكل عام، أكثر الجنسيات تدرجا في المناصب هي الهندية ثم المصرية لأنها الأكثر استقرارا في الوظائف. أضف إلى ذلك أن الهنود هم الأكثر تحملا لضغط العمل والروتين اليومي، حسب الإحصائية.
الرواتب والأعمار
إلى ذلك، تُظهر الإحصائية أن الأميركيين والأوروبيين يتمتعون بأعلى رواتب في القطاع المالي، على اعتبار أن مستوياتهم المعيشية في بلدانهم مرتفعة، فتجدهم متطلبين أكثر من غيرهم. كما أن المصارف وشركات الاستثمار تقدم لهذه القيادات امتيازات مختلفة عن بقية الجنسيات مثل سكن وسيارة وغيرهما. ويحل المديرون اللبنانيون بعد الأميركيين والأوروبيين من حيث ارتفاع الرواتب والأجور، وبعدهم يأتي الأردنيون والفلسطينيون ثم المصريون. أما الهنود والباكستانيون بشكل عام فهم أصحاب أقل الأجور في هذا المجال. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الرواتب تختلف عادة حسب طبيعة الوظيفة والاختصاص والكفاءة، لذا التعميم هنا على الجنسيات يحمل جانبا من الخطأ، خصوصا أن الحديث عن قيادات لا عن موظفين عاديين.
أما على صعيد الأعمار، فالبنوك وشركات الاستثمار تبحث عادة عن الخبرة قبل اختيار القيادات، لذا أغلب المسؤولين الأجانب تتجاوز أعمارهم الثلاثين، وفي بعض الاختصاصات الأربعين. وقد تجد العنصر الشاب في قيادات التسويق والإعلانات، أي لدى الجنسية اللبنانية.
على كل حال، يتفق جميع المستطلعة آراؤهم في الإحصائية على أن تنوع الجنسيات بين القيادات المصرفية والاستثمارية هو عنصر غنى يزيد من مهنية المؤسسات على اعتبار أن الاختيار تم على أساس الكفاءة، لا على أساس المحسوبية والواسطة، كما يحصل في القطاع العام في أغلب الأحيان!
الإمارات وقطر غير
تعتبر الجنسيات العربية هي الطاغية على المناصب القيادية في الكويت، في حين تختلف الصورة في الامارات وقطر، فاغلب القيادات المالية والاستثمارية الاجنبية هناك تحمل الجنسية البريطانية او الاميركية او الاسترالية او الكندية او الالمانية او الفرنسية.
الأجانب أكثر تحفظاً
تقول بعض الاوساط المالية ان كبرى شركات الاستثمار لجأت لتوظيف قياديين اجانب غير عرب لحماية نفسها من تسريب الاخبار والمعلومات. فوفق هؤلاء ان العرب كثيري الكلام والعلاقات، في حين ان الاجانب يحافظون أكثر على سرية المعلومات.
بريطاني وهنود
يروي احد المصرفيين ان بعض الاقسام في البنوك المحلية يديرها بريطاني ويختار جميع موظفيه من الهنود. ويتابع ممازحا: كأننا ما زلنا في حقبة الاحتلال البريطاني للهند.