في اجتماع وزراء العمل الخليجيين الذي عُقد في أبوظبي الأربعاء الماضي (19 - 10 - 2011)، والذي قرروا فيه تبني خطة تتكون من عشرة بنود، أهمها تنسيق العمل ككتلة واحدة في قضايا العمالة الوافدة، لعلي أعلق على قضية نمو وضخامة مبالغ تحويلات العمالة للخارج، التي لا تزال تشغل حيزا كبيرا من تداولات الرأي العام الاقتصادي بدول مجلس التعاون. وأؤكد هنا على أن قضية عدد العمالة وضخامة حجم تحويلاتهم النقدية للخارج ليست المبرر الأولى بالقلق، فعندما تزداد مبالغ تحويلات العمالة بمعدل 60% خلال بضعة أعوام في السعودية (مثلا)، فإن من المهم النظر إلى تضاعف حجم الموازنة العامة للدولة والمشاريع المعتمدة وارتفاع متوسط دخل الفرد وإنفاق الحكومة والقطاع الخاص محليا، لأن الوضع الطبيعي أنه بقدر ما تزداد المشاريع الضخمة لدينا بقدر ما نحتاج إلى مزيد من العمالة لتنفيذها، وبقدر ما تزداد معه تحويلاتهم لأهاليهم في بلدانهم، وهذا من وجهة نظري أمر صحي يدعو للتفاؤل، ودلالة على النمو والمسارعة في بناء مشاريعنا الاستراتيجية واستكمال بنيتنا التحتية. والواجب عوضا عن تركيز النظر بقلق لمقادير التحويلات النقدية للعمالة، أن ننظر لإنتاجية هذه العمالة والاستفادة منهم بأعلى قدر ممكن من الفعالية. والأهم هنا أن يكون تقييمنا لهذا الأمر بموضوعية وبمعيار الجدوى الاقتصادية، ليكون الفيصل هنا أن نقارن مقدار متوسط ما أسهم به العامل في البناء لنضمن أن يكون أعلى بكثير مما قام بتحويله لبلاده.
والنقطة الأخرى تتمثل في منافسة أسواق العمل بدول المجلس في ما بينها، لأن الواقع اليوم أن العامل عندما يتدرب ويكتسب مهارة فنية ما من أسواق العمل بإحدى الدول الخليجية فإن المجال رحب لديه ليجد الدخل المغري والمميزات الأخرى بدولة خليجية أخرى، مما ينتج عنه منافسة غير مبررة وخسائر كبيرة لقطاع الأعمال بدول المجلس، ويسبب تعثرا لمراحل تنفيذ بعض المشاريع الحيوية وحرجا للكثير من المقاولين عند تنفيذ ما التزموا بتنفيذه من مشاريع وتعرضهم للغرامات التعاقدية.
ولا ننسى مشكلة هروب العمالة.. ففي السعودية يُعد هروب العمالة من أهم عيوب سوق العمل، لأن صاحب العمل يسعى للبحث عن العامل الفني الجيد ويدفع مبالغ لقاء استخراج تأشيرات وتذاكر واستقدام، ومن المجموعة يناسب بعضهم للعمل وبعضهم يعود قبل أن يعمل وبعضهم يهرب قبل أن يبدأ، وبعضهم بعد أن يبدأ العامل في الإنتاج يبدأ يساوم صاحب العمل على المشاركة في الدخل، وإذا لم يقبل صاحب العمل بالمشاركة فإن العامل يجد المجال رحبا للعمل لدى شخص آخر بدخل أكبر. هذا في ظل فتح المجال للعمالة للوقوف في الأسواق والتعاقد مباشرة مع أصحاب الأعمال. ولا ألوم من يتعاقد معهم، لأنه مضطر إلى ذلك ليستكمل أعماله.
ولذلك أقترح لحل هذه المشكلة أن يُفتح خط مجاني ساخن إلكترونيا (هاتفيّ وعبر شبكة الإنترنت)، يمكن من خلاله قبل أن يتفق أي صاحب عمل مع أي عامل أن يتصل على الرقم المجاني ويُدخل رقم الإقامة التي يحملها العامل ليعرف هل هو هارب أو مطلوب أمني أو غيره. وبالمقابل تشدد العقوبات على من يتعامل مع عامل بإقامة غير نظامية.