جائحة المجاعة.. أسوأ كابوس يؤرق العالم

18/05/2020 0
د. خالد رمضان عبد اللطيف

من الآن فصاعداً يجب أن يستعد العالم لجائحة المجاعات المتعددة، التي ستعقب الجائحة الصحية الراهنة خاصة في البلدان الأشد فقراً، والتي ستعاني اقتصاداتها انكماشاً أكبر مع اضمحلال العوائد، وتباطؤ الاستثمارات الأجنبية، وتدني التحويلات الخارجية لمواطنيها، وتدهور القطاع السياحي، ولعل من المناسب هنا تسليط الضوء على المعضلات التي تواجه سلاسل التوريدات الغذائية، وما يحدث في كواليس الإنتاج الزراعي الممون الرئيسي لقطاع الأغذية العالمي، ووضعية الأسعار الراهنة والعقود الآجلة للمحاصيل الزراعية والتي تشكل أكبر حافز أو مثبط للمنتجين عموماً في أى قطاع اقتصادي.

في الوقت الراهن، تحتدم المنافسة على صفقات السلع الغذائية مع تحرك حكومات العالم لشراء المزيد من أجل دعم مخزوناتها، في ظل إغلاقات شاملة تكبح سلاسل الإمدادات وتفرض قيودا على الصادرات، في الوقت الذي يواجه فيه التجار "حمى شرائية بدافع الفزع"، حيث يهرع المستهلكون إلى شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية بهدف تخزينها، وعلى سبيل المثال، فقد أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منتصف شهر مارس الماضي اتصالًا هاتفيًّا بالمديرين التنفيذيين لمتاجر السلع الغذائية وسلاسل الإمدادات، للتأكد من توافر المواد الغذائية، وناشد ترامب الشعب الأمريكي عدمَ تخزين المواد الغذائية الأساسية اليومية.

تعتبر المنتجات الزراعية حيوية بالنسبة لسكان العالم، فبنهاية عام 2020 يجب إطعام 7.65 مليار نسمة، وهذا الرقم ينمو سنوياً بـ 8 مليون شخص، وهناك 821 مليون شخص ينامون جوعى كل ليلة، كما يعاني 135 مليون شخص آخرين من الجوع بمستويات مرتفعة تصل إلى حد الأزمة أو ما هو أسوأ من ذلك، وبسبب فيروس كورونا بات 130 مليون شخص آخرين على شفا المجاعة بنهاية العام الجاري، ما يرفع العدد الإجمالي إلى نحو 265 مليون نسمة.

بدأ موسم الزراعة في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية في الربيع، وخلال شهور الصيف تنمو المحاصيل، ويحين الحصاد في الخريف، وتعد العوامل المناخية عنصراً أساسياً  في تحديد حجم المحصول، وبالتالي هناك حالة من عدم اليقين حيال الشهور المقبلة بشأن المحاصيل الزراعية مع زيادة التقلبات في أسعار العقود الآجلة.

مع دخول العالم في دوامة الانكماش الاقتصادي تراجعت أسعار الغذاء العالمية بشدة لثالث شهر على التوالي في أبريل، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعية التابعة للأمم المتحدة "فاو"، وأي احتمالية للجفاف سترفع أسعار الحبوب بسبب ضعف الإنتاج، وبينما نتجه حالياً صوب موسم الحصاد، تظل أسعار العقود الآجلة منخفضة عند مستويات قياسية، وإذا لم تتحسن الأجواء المناخية، فسيكون القادم أسوأ، إذ  سترتفع حينها أسعار المحاصيل الرئيسية بقوة، وبالتالي سيدفع الفقراء والجوعي حول العالم ثمناً باهظاً لذلك الارتفاع.

لا شك أن هبوط أسعار النفط والغاز يفاقم مشكلات سوق المحاصيل الزراعية خلال دوامة الانكماش، ومع بداية موسم الحصاد وصل عدم اليقين ذروته، وازداد الوضع سوءاً مع تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن حرب تجارية جديدة على الصين بسبب تعاملها "غير الشفاف" مع الوباء القاتل، وكان من شأن اتفاق التجارة الأولى الذي وقعه القطبان الكبيران يناير الماضي أن يغير من دفة سوق السلع الزراعية، عبر زيادة الصين مشترياتها الزراعية من الولايات المتحدة بنحو 40 مليار دولار سنويا على مدى العامين المقبلين، إلا أن الوضع تغير الآن، فحركة الطيران والنقل باتت معطلة، وبالتالي لم ولن تفي الصين بالتزاماتها الشرائية التي كانت الأسواق الزراعية تعلق عليها آمالًا كبيرة في دعم الطلب العالمي المتباطئ.

خاص_الفابيتا