انسحاب بوينغ من اتفاقها مع إمبراير ماذا يخبرنا عن الشركات المتعثرة قبل الجائحة

04/05/2020 0
د. مشعل فرج

حالة الطوارئ الصحية العالمية المتزايدة بسبب جائحة كورونا تركت أثرها على الاقتصاد العالمي وعمليات الشركات حول العالم. الجهود العالمية لاحتواء الفايروس أفرزت قيود على الحركة لم يشهدها الناس من قبل. والشركات بدأت في تقييم قدراتها على تخفيف أثار الجائحة وإيجاد حلول للوفاء بالتزاماتها العقدية. وهو ما يجعل نظرية القوة القاهرة والظروف الطارئة حلول محتملة لإنهاء الاتفاقيات والعقود.    

بعض الشركات واجهت صعوبات وتحديات مالية وغير مالية أثرت على قدرتها للوفاء بالتزاماتها قبل اعلان منظمة الصحة الدولية بأن تفشي فايروس كورونا وباء عالمي "جائحة". القيود والإجراءات الاحترازية المطبقة لمواجهة هذه الجائحة فاقم من درجة التحديات على هذه الشركات، وكأن بالجائحة تغطي على مشاكل هذه الشركات وتخلق مبرر قانوني للتخارج من اتفاقياتها وعقودها تحت عذر الجائحة.

نظرية الظروف الطارئة والقوة القاهرة تفترضان أن أطراف العقد كانوا يمارسون أعمالهم بشكل معتاد دون مشاكل قبل وقوع الحادث القهري أو الظرف الطارئ، لذلك تم استبعاد من هذا المقال البحث في التكييف القانوني للجائحة: هل تعتبر إحدى تطبيقات القوة قاهرة أم نظرية الظروف الطارئة. وسوف يتم مناقشة حال الشركات التي تواجه صعوبات قبل اعلان الجائحة واثره على تعاقداتها.      

استعراض حالة انهاء شركة بوينج لاتفاقها مع شركة امبراير يعد مثال جيد لتوضيح فكرة المقال. حيث بعد مفاوضات استمرت لمدة عامين تقريباً، أعلنت شركة بوينغ الأمريكية مؤخراً عن إنهاء الاتفاقية بينها وبين شركة امبراير البرازيلية والتي تعمل في صناعة الطائرات. كان سبب انهاء الاتفاق، حسب بوبنغ، أن شركة امبراير لم تستوفي بعض الشروط المتفق عليها في الوقت المحدد. من جهتها ردت الشركة البرازيلية بأن بيونغ انسحبت من الاتفاق وذلك لتغطي على مصاعبها المالية ومشاكلها التي لحقت بها بسبب حوادث بيونغ 737 ماكس والتي كلفت الشركة 18.7 مليار دولار مما اثر على سمعتها التجارية، وعليه يعتبر انسحابها من الاتفاق غير قانوني.

بموجب الاتفاق بين الشركتين والمكون من 123 صفحة، كان من المفترض أن تمتلك شركة بوينغ 80% من عمليات الطائرات التجارية لشركة امبراير وتظل شركة امبراير محتفظة بــملكية 20% من تلك العمليات وذلك مقابل 4.2 مليار دولار تدفعها شركة بوينغ لامبراير. شركة امبراير تعتبر من الشركات الرائدة في صناعة طائرة الركاب الصغيرة، وتملك بوينغ لحصة في عملياتها التجارية سوف يعزز من قدرة بيونغ في منافسة ايرباص الأوروبية.

من المتوقع أن يخسر قطاع الطيران 314 مليار دولار وفقاً لاتحاد النقل الجوي الدولي "إياتا" وذلك نظراً للإجراءات الاحترازية التي أتخذتها الدول، مما أثر على جميع الشركات في القطاع، ولكن شركة بوينغ كانت تواجه صعوبات قبل اعلان الجائحة وقد تكون هذه الصعوبات زادت بعد اعلان الجائحة مما أضطرها إلى الانسحاب من الاتفاقية مع شركة امبراير.

يوبنغ لم تحتج بالجائحة كمسوغ لانهاء الاتفاق وذلك لان الاتفاق بينها وبين إمبراير يستبعد الجائحة كحالة من حالات الانهاء، ولكن هناك اتفاقيات أخرى تنص على أن الجائحة كحالة من الحالات التي تبرر إنهاء الاتفاق، فما هو موقف الشركات المتعثرة من قبل وقوع الجائحة.

أثر الجائحة عام على جميع الشركات ودرجة تأثيره تختلف من قطاع إلى أخر ولكن هناك شركات متعثرة ولديها تحديات خاصة بها قبل حدوث الجائحة وليست خاصة بالقطاع التي تعمل فيه. وهو ما يدعو إلى إعادة النظر في انسحاب تلك الشركات من اتفاقياتها بعذر الجائحة، حيث أن الجائحة قد تزيد من ضعف الأداء ولكن ليس بالضرورة هي منشأة له. ولتحديد ما إذا كانت الجائحة هي منشأة لضعف أدائها من عدمه، يتم تقييم أداء الشركة بالرجوع إلى أدائها قبل حدوث الجائحة لفترة سنة أو سنتين وهي الفترة التي كانت تمارس فيها الشركة أعمالها بالشكل الطبيعي.

خاص_الفابيتا