كلما انتهت مراجعة المادة الرابعة من مشاورات صندوق النقد الدولي بعد موافقة الأجهزة المعنية في المملكة خاصة وزارة المالية تذكرنا الحاجة إلى مراجعة داخلية قوامها البعد الاقتصادي وليس المالي فقط. ربما من عقود خاصة بعد أزمة دول شرق آسيا في نهاية التسعينيات من القرن الماضي وهناك درجة من الاستياء من توصيات صندوق النقد والبنك الدوليين.
- استياء تزامن مع الموجة الشعبوية عالميا حتى أصبحت تيارا جارفا يجعل كثيرين يترددون في النظر واعتبار التوصيات، فمثلا يتداول البعض أن توصيات الصندوق لألمانيا" توسعية "بينما يدعو إلى سياسات "تقشفية" في الدول النامية ما يدغدغ مفاهيم ومشاعر أحيانا بعيدة عن الاستحقاقات الاقتصادية والضغوط المالية أو حتى أحيانا فرصة لتفهم الاختلافات الموضوعية بين اقتصادين نام وناضج. لعل قيمة التشاورات أنها من جهة مهنية مستقلة على الرغم من بعض الأخطاء الكبيرة "خاصة الدول الفقيرة في الماضي"، لكن يبدو أن هذه المنظمات العالمية تعلمت الدرس وأصبحت أكثر حرصا واستعدادا للاستماع. لذلك أصبحت التوصيات في المجمل أكثر اعتدالا وموضوعية لكن ما قد يكون موضوعيا قد يكون ناقصا في نواح أخرى.
أشادت نتيجة المشاورات الأخيرة بالتقدم الذي حدث في المملكة على صعيد المالية العامة لكنها أيضا نصحت بالتسريع في بعض النواحي مثل تحسين المركز المالي والشفافية المالية وكفاءة المصروفات وتأطير أفضل لإدارة الأصول والمطلوبات على المستوى العام، وكذلك نوهت إلى الحاجة إلى مراجعة تسعير المياه بعد التعديل في إدارة دعم الوقود والكهرباء، كذلك نوهت بسياسة استمرار ربط الريال بالدولار، ولعل أهم نقطة ذكرت هي الحاجة إلى توظيف المواطنين. كذلك أوصى الصندوق بدراسة إمكانية رفع ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 10 في المائة، ربما من المبكر قبول هذه الجزئية غير الملزمة خاصة أنها مرتبطة بتنسيق مع دول مجلس التعاون لكنها ضريبة مكلفة أكثر على الأقل دخلا لأنهم يستهلكون حصة أكبر من مداخيلهم. كل هذا في نظري مقبول وربما متوقع لكن في نظري ما زالت هذه التوصيات ناقصة من ناحية جوهرية.
صندوق النقد الدولي مؤسسة مالية، وربما بسبب أن اقتصاد المملكة ما زال مالي النزعة، لذلك جاءت التوصيات في أغلبها من منظار مالي لكن لا بد من مراجعة اقتصادية وبشرية "التعليم والعمل والاستقدام والتوظيف العام" شاملة كي تكون الحالة والسياسة المالية في وئام مع التحولات الاقتصادية. لا شك أن بعض الملاحظات المالية لها استحقاق اقتصادي واضح مثل هيكلة الدعم والتوظيف لكن يبدو لي أن هناك نقصا في التركيز على العوامل والقوى الاقتصادية ورصد دقيق للتحولات الاقتصادية حتى من ناحية تنظيمية، فمثلا ما زالت النواحي البشرية في عتمة تنظيمية "لم نصل إلى متابعة في سلم القيمة المعرفية للمواطن العامل من فرز ومنافسة في الهيكل التعليمي والتوظيف وربط ذلك بالهجرة الاقتصادية والاستقدام" لكن أيضا بدأت خطوات طيبة مثل فصل الصناعة والتعدين عن الطاقة لمزيد من التركيز على الصناعة.
أتفق مع مشاورات المادة الرابعة على أهمية المالية العامة لأنها دون استقرار وثبات قد تقوض وتصعب الخيارات الاقتصادية لكن التغيير الحقيقي في رصد سلم القيمة والإنتاجية هو أن تسير في مواءمة مع حالة مالية عامة مستقرة.
كما أن المال "وسيلة" ممكن توظيفها بحنكة لتفعيل القوى الاقتصادية، لذلك الحرص عليه مركزي في إدارة الاقتصاد لكن الاقتصاد أهم من المال. ما زلنا في محاولة لإيجاد التوازن بين الحصافة المالية والكفاءة الاقتصادية وبين المدى القصير "من المؤثرات فيه العقلية التجارية" والمدى البعيد "التعامل مع القوى الاقتصادية وتفعيلها"، يخطئ البعض حين ينشغل بضرورات المرحلة ويأخذها على أنها "فرصة "لتأخير البدء حالا في التخطيط طويل الأجل.
نقلا عن الاقتصادية
- استياء تزامن مع الموجة الشعبوية عالميا حتى أصبحت تيارا جارفا يجعل كثيرين يترددون في النظر واعتبار التوصيات، فمثلا يتداول البعض أن توصيات الصندوق لألمانيا" توسعية "بينما يدعو إلى سياسات "تقشفية" في الدول النامية ما يدغدغ مفاهيم ومشاعر أحيانا بعيدة عن الاستحقاقات الاقتصادية والضغوط المالية أو حتى أحيانا فرصة لتفهم الاختلافات الموضوعية بين اقتصادين نام وناضج. لعل قيمة التشاورات أنها من جهة مهنية مستقلة على الرغم من بعض الأخطاء الكبيرة "خاصة الدول الفقيرة في الماضي"، لكن يبدو أن هذه المنظمات العالمية تعلمت الدرس وأصبحت أكثر حرصا واستعدادا للاستماع. لذلك أصبحت التوصيات في المجمل أكثر اعتدالا وموضوعية لكن ما قد يكون موضوعيا قد يكون ناقصا في نواح أخرى.
أشادت نتيجة المشاورات الأخيرة بالتقدم الذي حدث في المملكة على صعيد المالية العامة لكنها أيضا نصحت بالتسريع في بعض النواحي مثل تحسين المركز المالي والشفافية المالية وكفاءة المصروفات وتأطير أفضل لإدارة الأصول والمطلوبات على المستوى العام، وكذلك نوهت إلى الحاجة إلى مراجعة تسعير المياه بعد التعديل في إدارة دعم الوقود والكهرباء، كذلك نوهت بسياسة استمرار ربط الريال بالدولار، ولعل أهم نقطة ذكرت هي الحاجة إلى توظيف المواطنين. كذلك أوصى الصندوق بدراسة إمكانية رفع ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 10 في المائة، ربما من المبكر قبول هذه الجزئية غير الملزمة خاصة أنها مرتبطة بتنسيق مع دول مجلس التعاون لكنها ضريبة مكلفة أكثر على الأقل دخلا لأنهم يستهلكون حصة أكبر من مداخيلهم. كل هذا في نظري مقبول وربما متوقع لكن في نظري ما زالت هذه التوصيات ناقصة من ناحية جوهرية.
صندوق النقد الدولي مؤسسة مالية، وربما بسبب أن اقتصاد المملكة ما زال مالي النزعة، لذلك جاءت التوصيات في أغلبها من منظار مالي لكن لا بد من مراجعة اقتصادية وبشرية "التعليم والعمل والاستقدام والتوظيف العام" شاملة كي تكون الحالة والسياسة المالية في وئام مع التحولات الاقتصادية. لا شك أن بعض الملاحظات المالية لها استحقاق اقتصادي واضح مثل هيكلة الدعم والتوظيف لكن يبدو لي أن هناك نقصا في التركيز على العوامل والقوى الاقتصادية ورصد دقيق للتحولات الاقتصادية حتى من ناحية تنظيمية، فمثلا ما زالت النواحي البشرية في عتمة تنظيمية "لم نصل إلى متابعة في سلم القيمة المعرفية للمواطن العامل من فرز ومنافسة في الهيكل التعليمي والتوظيف وربط ذلك بالهجرة الاقتصادية والاستقدام" لكن أيضا بدأت خطوات طيبة مثل فصل الصناعة والتعدين عن الطاقة لمزيد من التركيز على الصناعة.
أتفق مع مشاورات المادة الرابعة على أهمية المالية العامة لأنها دون استقرار وثبات قد تقوض وتصعب الخيارات الاقتصادية لكن التغيير الحقيقي في رصد سلم القيمة والإنتاجية هو أن تسير في مواءمة مع حالة مالية عامة مستقرة.
كما أن المال "وسيلة" ممكن توظيفها بحنكة لتفعيل القوى الاقتصادية، لذلك الحرص عليه مركزي في إدارة الاقتصاد لكن الاقتصاد أهم من المال. ما زلنا في محاولة لإيجاد التوازن بين الحصافة المالية والكفاءة الاقتصادية وبين المدى القصير "من المؤثرات فيه العقلية التجارية" والمدى البعيد "التعامل مع القوى الاقتصادية وتفعيلها"، يخطئ البعض حين ينشغل بضرورات المرحلة ويأخذها على أنها "فرصة "لتأخير البدء حالا في التخطيط طويل الأجل.
نقلا عن الاقتصادية