لن ينتهي الجدل الاقتصادي لأن الحياة المعيشية ورفاه العامة ومستقبلهم يعتمد على كفاءة الحالة الاقتصادية، ولكن يصعب أن يتم نقاش اقتصادي مفيد دون تفهم عميق للسياق وتأطير مناسب. إذ أنه دون إجماع حول مرجعية واحدة سوف يستمر الجدل المباشر وغير المباشر - لنا أن نسمع كل رأي يمكن الدفاع عنه منطقيا والبعض منها يساهم في التأطير ومعرفة وتقدير الممكن وغير الممكن، لكن لا ينبغي أن يستمر الجدل دون تحقيق إجماع على أولويات قليلة محددة لعدة سنوات، إذ دون اتفاق على المرجعيات يصبح أغلب النقاش عبثي وخاصة لما يكون هناك مبالغة في توظيف حلول اقتصادية لمسائل تنموية، فمثلا هناك من لا يفرق بين الدوري والهيكلي في ما يمر به الاقتصاد الوطني حاليا، على سبيل المثال يصعب أن تطمح لسياسات نمو اقتصادي دون رصد لمستوى الانتاجية الحالي أو تقدير عملي للقدرات الاستيعابية في الاقتصاد من ناحية مؤسساتية أو بشرية أو نلجأ لمبالغات من الاستعارة من تجارب دول مختلفة في السلم التنموي والاقتصادي والظروف الموضوعية والنصيحة الوافدة.
أحد أهداف تأطير المرجعية أن نفرق بين الأعراض والمرض وبين المسكنات والعلاج طويل الأجل وبالتالي يصبح النقاش أكثر عقلانية في نظري هناك عدة معطيات لابد من الإجماع حولها قبل التوسع في الجهاز العام أو طرح وصفات علاجية، خاصة لما تكون كثيرة مما يؤدي أحيانا إلى تضارب في تأثيراتها الثانوية وما بعدها.
الأولى أننا نعيش حقبة بين مطرقة الحاجة للتقدم الاقتصادي وسندان التكيف المالي، الثانية أن تشكيل العقلية الانتاجية وأنماط التصرفات العقلانية مجتمعيا أهم من الماديات، الثالثة علينا التمكن والتمكين من بعض الاشياء وترك الكثير من مجالات الاعمال والخطط الرابعة ايجاد التوازن المناسب بين المنافسة الداخلية لرفع الكفاءة والحماية من المنافسة الخارجية الكاسحة لحين التمكين خاصة بشريا وصناعيا، الخامسة هناك دور محدود جداً للاستشاريين الوافدين مهما بدأت دراساتهم وملاحظاتهم براقة وواعدة خاصة أن بناء المعرفة الحقيقية محلي الصنع دائما، السادسة الانفتاح على عقلية التجريب والمساءلة، السابعة تفادي الانجراف نحو الأخطاء في وصفات علاجية كلية يصعب التعافي منها مثل التخصيص وتقديم الخدمات على الصناعة ونظام الاقامات قبل حل جذري للتستر والاهتمام بالتعليم العالي على حساب الفني والمهني أو الشركات الصغيرة والمتوسطة دون حديث عن التستر أو جودة التعليم، هذة المحددات لا تأخذ من ما تم من إنجازات عظيمة على مدى عقود وفرص الارتقاء ولكن يبدو أن إنجازاتنا المادية ليست في تناسق مع التطور المؤسساتي والبشري ولذلك لابد من مراجعة لكي نستعد لمدارات أعلى.
من هذه المحددات نستطيع أن نستخلص عدة نواحي في السياسة العامة المالية والاقتصادية، الأولى السعي نحو سياسة مالية محافظة بما يضمن استقرار مالي ومحافظة على سعر صرف الريال مقابل الدولار من خلال اعادة تحقيق فوائض مالية ورفع مستوى الرصيد المالي بعد أن تقلص بدرجة سريعه نظرا لارتفاع مستوى الميزانية العامة دون مواءمة مع دورات سعر النفط ، لحسن الحظ لاتزال المديونية في منطقة آمنة ولكن التوجه غير صحي بما في ذلك التوازن الكفيل بالاستدامة بين الاستثمار والاستهلاك، الناحية الثانية المقلقة في المدى البعيد حين يكون لدينا الاستعداد لصرف طاقات وأموال على الناحية البشرية ( العمالية والتعليمية ) دون تركيز يصب في نقل المعرفة والتوظيف الاقتصادي والانتاجية أو حتى ربط وثيق بالخطط والتوجهات الاستثمارية المعلنة، الناحية الثالثة لابد من التركيز على الصناعات التي نستطيع السعي حثيثا للمنافسة فيها - علينا اختيار عدة صناعات واعدة وليس حالة استبدالية (import substitution )- الخيارات الأولية لن تخرج عن التعمق في سلسلة الصناعات التحويلية في البتروكيماويات وصناعة السلاح والطاقة وصناعة أو صناعتين أخرى، أكثر من ذلك سوف تكون أكثر من الطاقة الاستيعابية على الاقل في السنوات العشر القادمة.
لمدة طويلة ولازلنا تحت وقع حالة في الفكر الاقتصادي في نظري مغلوطة في الجوهر مفادها أنها لا تفرق بين النمو العضوي الحقيقي ( الذي ينبع من عوامل الانتاج لدينا ) وبين الضغط نحو التوسع والتصرف وكأنه بديل عن النمو الحقيقي لذلك تجد فجوة بين القطاع الخاص والعام يجد طريقة في الممارسات وسب الادارة وضعف الحوكمة، هذه الحالة تساهم في تردئ النقاش الاقتصادي والمالي في المجتمع، هذه ليست مسؤولية أفراد أو وزارة أو وزارتين ولكن مسؤولية فكرية وتخطيطية عامة، فرص النجاح تزيد كلما استطعنا التنفيذ محليا وفكرنا كونيا خاصة بعد المخاض التنويري والتفكير الاقتصادي الذي أطلقته الرؤية بقيادة ولي العهد.
المراقب اليوم للاقتصاد الوطني سوف يلاحظ اندفاع نحو تفعيل الاقتصاد غير النفطي من بُعد مالي فقط وهذا غير كافي وسوف يلاحظ أيضاً توجه الحكومة للتوظيف وحتى منافسة القطاع الخاص (هناك توجه جديد للمراجعة) وهناك ما صرح به وزير التجارة عن الاقامات وما ذكر عن تزايد التستر حيث هناك على الأقل درجة من عدم الوضوح في الاولويات.
لن يكون التخطيط ذا جدوى عالية دون إجماع على مرجعيات والعمل على خيارات محددة يسهل توصيلها للجميع.
خاص_الفابيتا
اخوي فواز ارجو أن تكون شجاع عند طرح ارائك و الا تغلفها بكم كبير من الكلام الانشائي و الذي يبدو جيدا جدا بالمناسبة لاكن بعيد عن فحوى فكرة المقال يطيل المقال و قد يترك القارى المقال بسببه دون إكمال فكرة المقال نفسها غنية وليست بحاجه لهذا الأمر ، لا ادري اتوقع ان لديك شيء تود قوله لاكن لم تفصح عنه أو لم يصلني ك قارئ
شكرا لك على شجاعتك !!! اذا لا تعتبر التساؤل حول الفرضيات الاساسيه في السياسة العامه الاقتصاديه و الماليه شجاع فنحن في كوكبيين مختلفين .