سوق دبي المالي .. بين تشكيك شعاع وانتقام المضاربين

06/03/2010 1
محمد سليمان يوسف

شكك تقرير لشعاع كابيتال يوم أمس الخميس الموافق 4/3/2010 بجدية قيام "شركة سوق دبي المالي " بشراء "بورصة ناسداك دبي " واعتمد التقرير في تشكيكه على مخاوف تتعلق باختلاف منصتي التداول في كلا السوقين لكنني ومن خلال متابعتي لمسار السيناريو المنجز  سابقا - والمتوقع إنجازه لاحقا - أجزم أن ما تم تحقيقه حتى الآن جيد ولا أجد أي مبرر للتشكيك في إمكانية إتمام صفقة الإستحواذ بل على العكس أرى أن عملية الإندماج تسير بثبات ونجاح نحو هدفها،  وبالرغم من أنني قد أشارك  شعاع قناعتها بأن الحركة نحو الإندماج بطيئة وبأن التحديات والعوائق  كبيرة إلا أنني في الوقت نفسه أختلف معها كليا بشأن التشكيك في النتيجة النهائية للصفقة . وإذا كانت شعاع متشائمة ولها أسبابها فأنا متفائل ولي أسبابي أيضا بدليل أنني كتبت هنا في أرقام بتاريخ 10/2/2010 مقالا بعنوان " ثلاثة أرقام يمين الفاصلة .. كأنك يا بو زيد ما غزيت " وقد تحدثت  فيه عن أهم الخطوات التي أنجزت  وتوقعت أن يتم حسم طريقة تسعير أسهم  أحد السوقين لصالح السوق الآخر- لم تكن لدي معلومات مؤكدة بل مجرد استنتاجات – ورجحت وقتها  أن يعمد سوق دبي المالي إلى تغيير طريقة عرض الأسعار في منصته  وأن يتجه نحو ثلاثة خانات يمين الفاصلة- لمحاكاة منصة ناسداك دبي -  بدلا من الإثنتين المعتمدتين حاليا .. فما الذي حصل بعد ذلك ؟

في خطوة متممة لما أنجز سابقا أعلن  سوق دبي المالي أمس أيضا اعتزامه تعديل وحدة عرض الأسعار بما يتيح إدخال أوامر البيع والشراء حتى الخانة العشرية الثالثة للأسهم التي يقل سعرها السوقي عن 10 دراهم وحتى الخانة العشرية الثانية للأسهم التي تزيد قيمتها عن 10 دراهم  – توقعنا أن يقتصر أمر التعديل على الأسهم التي قيمتها  تحت الدرهم فقط -  وبترجمة هذا الكلام إلى أرقام نجد أن التعديل الجديد يتيح للمضارب وضع أمرشراء أو بيع   لسهم فوق العشرة دراهم مثل سهم دبي للتأمين حسب إغلاق الخميس 18.41 بدلا من 18.45 أما إذا كان السهم  تحت مستوى عشرة دراهم كإعمار مثلا حسب إغلاق الخميس فإننا قد نراه يوم الخميس القادم مطلوبا عند  2.991  درهم ومعروضا عند 2.992 درهم  ويبدو أن هذا التعديل صمم ليخدم جميع الاطراف المرتبطة بالسوق باستثناء المضاربين .

لا شك أن تعديل سوق دبي المالي لوحدات عرض الأسعار اعبتارا من 11/3/2010 هو خطوة في الطريق الصحيح نحو الإندماج مع بورصة ناسداك دبي ،إلا أنه – بالتأكيد-  خيب آمال صغار  المضاربين وجعلهم يضربون الكف بالكف من شدة الدهشة والذهول فالتداولات بالنسبة لهم أصبحت خالية من المتعة تماما و لم تعد مجدية على الإطلاق وبالرغم من أن التعديل بحد ذاته يحميهم من ضغوط كبار المضاربين- عند ظهور الأخبار السلبية القاتلة -  إلا انه في نفس الوقت  يفقدهم الدافع والشهية  للبيع والشراء ويدفعهم للبحث عن أسواق أخرى تكون طريقة عرض الوحدات السعرية فيها أكثر ملائمة لتوجهاتهم المضاربية .

بعد التعديل الجديد أصبحت منصة التداول في كل من "سوق دبي المالي" و"بورصة ناسداك دبي" موحدة من حيث فترة التداول وطريقة عرض وحدات الأسعار لكن اختلاف العملات ما زال موجودا ..فهل الخطوة القادمة من مسيرة الدمج ستكون تغيير  العملة المستخدمة في ناسداك دبي  إلى الدرهم بدلا من الدولار؟.. على اعتبار  أن النشاط الأساسي للسيولة في سوق دبي قائم على الدرهم وبالتالي فإن مصلحة ناسداك دبي تكمن بالتوجه إلى حيث السيولة أكبر وهذا الأمر سيتاح له بشكل أفضل فيما لو كانت تداولاته بالدرهم بدلا من الدولار .

طالما كانت  الخطوات التوحيدية باتجاه الدمج النهائي بين "سوق دبي المالي"  و "بورصة ناسداك دبي"  مستمرة فمن المبكر إذن التشكيك بالنتيجة النهائية للصفقة  وعلى الجميع - نحن وأنتم وهم بما في ذلك  شعاع -  الإنتظار إلى نهاية المشوار لنرى إن كانت مسيرة الإندماج ستتكلل بالنجاح أم أنها ستكون كغيرها من قصص "بداية بلا نهاية ". أما فيما يتعلق بطريقة عرض الوحدات السعرية فستؤدي عند تطبيقها إلى موجة هائلة من انتقادات المضاربين وسيعمد هؤلاء المضاربون ومؤيدوهم إلى التأثير على السوق سلبا كرد فعل على القرار وبهدف الإنتقام من إدارة السوق ومعاقبتها على ما اقترفته يداها بحقهم من إهمال وتهميش.