في الأسبوع الماضي، عرضت للقسم الأول في الكتاب، الذي تعامل مع مسائل تعريف الأصول غير الملموسة، وتحديات القياس، وحاجة المملكة إلى رعاية إحصائية واقتصادية لهذه الأصول والاستثمارات. في القسم الثاني نعرض للنتائج الاقتصادية والاستثمارات غير الملموسة؛ حيث يتحدث الكتاب عن ثلاث ظواهر اقتصادية مصاحبة:
الأولى الركود الطويل secular stagnation، والثانية انخفاض محصلة إنتاجية عوامل الإنتاج، والثالثة التوجه نحو عدم المساواة في الدخل. هناك أعراض لكل ظاهرة، وهناك علاقة مع الاستثمارات غير الملموسة قد تكون تسببية. الظاهرة الأولى تتحدث غالبا عن اقتصاديات أمريكا وبريطانيا؛ حيث حققت الاستثمارات عامة نقصا واضحا منذ أواسط السبعينيات كنسبة من الدخل القومي الإجمالي، وعادت لتتعافى قليلا في الثمانينيات، ثم انخفضت على أثر الأزمة العالمية، ولم تتعاف حتى الآن، كذلك جاءت الفوائد المنخفضة تاريخيا لتحير الاقتصاديين، حين صاحبت نزول الاستثمارات "المفروض أن انخفاض الفوائد يحفز الاستثمارات".
فمثلا، Cowen يعتقد أن الدول المتقدمة "استهلكت" الموارد الممكنة لتحقيق استثمارات مجدية، بينما يقدم Gordon شرحا آخر في قوله إن الإبداعات والاختراعات المؤثرة تمت في القرن الـ20، ولم تأت مؤثرات مماثلة منذ النصف الثاني من القرن الماضي. ما زال انخفاض مجمل الإنتاجية محيرا، لكن العلاقة مع الاستثمارات غير الملموسة قد تكون أكثر وضوحا، فإحدى خصائص الأصول غير الملموسة ما يسمى Spillover - خاصية الانتقال - بمعنى قدرة الآخرين على الاستفادة منها من دون مردود على المستثمر، وبالتالي تسهم هذه الظاهرة في التردد في بعض الاستثمارات.
لا نريد تبسيط موضوعات معقدة ومترابطة، فمثلا هناك ارتفاع في أرباح الشركات، بينما هناك - كما ذكرنا أعلاه - انخفاض في محصلة إنتاجية عوامل الإنتاج، وانخفاض في أسعار الفائدة كأحد تكاليف الاستثمار، لكن الاستثمارات لم تتفاعل كما كان متوقعا. الظاهرة الثالثة أيضا محيرة ومعقدة؛ حيث صاحب هذه التطورات في نمو الاستثمارات غير الملموسة نقص تدريجي في المساواة في الدخل بين المهن من ناحية، وحصة رأس المال من الأرباح على حساب الأيدي العاملة من ناحية أخرى، ما فاقم توزيع الدخل بين فئات المجتمع. عراب هذا التحول في الدخل الاقتصادي الفرنسي Piketty "سبق أن نشرت مراجعة شاملة لكتابه على صفحات الاقتصادية"، حيث تدور الفكرة الرئيسة حول ما يرى أن نسبة الزيادة في العائد على رأس المال أعلى من الزيادة في النمو الاقتصادي، ما يجعل العائد على رأس المال أعلى، وحصته من الدخل ترتفع تدريجيا على حساب الأجور.
هذه الظاهرة قد تكون تعززت بخاصية أخرى في الشركات المؤثرة في التقنية "قوتها وتركزها" في الاستثمارات غير الملموسة؛ حيث يكسب المنتصر الأول، الذي يستطيع إيجاد السوق الجديدة، حصة الأسد من الأعمال والأرباح. بعض التحليلات تذهب بموضوعية في ذكر دور هذه التحولات على ظاهرة السياسة الشعبوية في بعض الدول كبريكست Brexist، أو ظاهرة ترمب في أمريكا؛ بسبب أن الدخول للغالبية لم تحقق ارتفاعا. كثير من التحولات والتغيرات في هذه الظواهر سيستمر. العلاقة بين هذه التحولات والتغيرات والاستثمارات غير الملموسة واضحة، لكن قياسها وتقييمها ليس سهلا. في العمود اللاحق والأخير سنستعرض الخاتمة والآفاق كما يراها الكتاب، وبعض الدروس ذات العلاقة لحالتنا.
نقلا عن الاقتصادية
الأولى الركود الطويل secular stagnation، والثانية انخفاض محصلة إنتاجية عوامل الإنتاج، والثالثة التوجه نحو عدم المساواة في الدخل. هناك أعراض لكل ظاهرة، وهناك علاقة مع الاستثمارات غير الملموسة قد تكون تسببية. الظاهرة الأولى تتحدث غالبا عن اقتصاديات أمريكا وبريطانيا؛ حيث حققت الاستثمارات عامة نقصا واضحا منذ أواسط السبعينيات كنسبة من الدخل القومي الإجمالي، وعادت لتتعافى قليلا في الثمانينيات، ثم انخفضت على أثر الأزمة العالمية، ولم تتعاف حتى الآن، كذلك جاءت الفوائد المنخفضة تاريخيا لتحير الاقتصاديين، حين صاحبت نزول الاستثمارات "المفروض أن انخفاض الفوائد يحفز الاستثمارات".
فمثلا، Cowen يعتقد أن الدول المتقدمة "استهلكت" الموارد الممكنة لتحقيق استثمارات مجدية، بينما يقدم Gordon شرحا آخر في قوله إن الإبداعات والاختراعات المؤثرة تمت في القرن الـ20، ولم تأت مؤثرات مماثلة منذ النصف الثاني من القرن الماضي. ما زال انخفاض مجمل الإنتاجية محيرا، لكن العلاقة مع الاستثمارات غير الملموسة قد تكون أكثر وضوحا، فإحدى خصائص الأصول غير الملموسة ما يسمى Spillover - خاصية الانتقال - بمعنى قدرة الآخرين على الاستفادة منها من دون مردود على المستثمر، وبالتالي تسهم هذه الظاهرة في التردد في بعض الاستثمارات.
لا نريد تبسيط موضوعات معقدة ومترابطة، فمثلا هناك ارتفاع في أرباح الشركات، بينما هناك - كما ذكرنا أعلاه - انخفاض في محصلة إنتاجية عوامل الإنتاج، وانخفاض في أسعار الفائدة كأحد تكاليف الاستثمار، لكن الاستثمارات لم تتفاعل كما كان متوقعا. الظاهرة الثالثة أيضا محيرة ومعقدة؛ حيث صاحب هذه التطورات في نمو الاستثمارات غير الملموسة نقص تدريجي في المساواة في الدخل بين المهن من ناحية، وحصة رأس المال من الأرباح على حساب الأيدي العاملة من ناحية أخرى، ما فاقم توزيع الدخل بين فئات المجتمع. عراب هذا التحول في الدخل الاقتصادي الفرنسي Piketty "سبق أن نشرت مراجعة شاملة لكتابه على صفحات الاقتصادية"، حيث تدور الفكرة الرئيسة حول ما يرى أن نسبة الزيادة في العائد على رأس المال أعلى من الزيادة في النمو الاقتصادي، ما يجعل العائد على رأس المال أعلى، وحصته من الدخل ترتفع تدريجيا على حساب الأجور.
هذه الظاهرة قد تكون تعززت بخاصية أخرى في الشركات المؤثرة في التقنية "قوتها وتركزها" في الاستثمارات غير الملموسة؛ حيث يكسب المنتصر الأول، الذي يستطيع إيجاد السوق الجديدة، حصة الأسد من الأعمال والأرباح. بعض التحليلات تذهب بموضوعية في ذكر دور هذه التحولات على ظاهرة السياسة الشعبوية في بعض الدول كبريكست Brexist، أو ظاهرة ترمب في أمريكا؛ بسبب أن الدخول للغالبية لم تحقق ارتفاعا. كثير من التحولات والتغيرات في هذه الظواهر سيستمر. العلاقة بين هذه التحولات والتغيرات والاستثمارات غير الملموسة واضحة، لكن قياسها وتقييمها ليس سهلا. في العمود اللاحق والأخير سنستعرض الخاتمة والآفاق كما يراها الكتاب، وبعض الدروس ذات العلاقة لحالتنا.
نقلا عن الاقتصادية