البطالة بين «هدف» ووزارة العمل

29/10/2018 1
محمد العنقري

قبل ثمانية عشر عاماً تأسس صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» بقصد توطين الوظائف في القطاع الخاص وفق رؤية تقوم على تأهيل القوى العاملة الوطنية لتتناسب مع احتياجات سوق العمل ويحصل الصندوق على تمويله من رسوم يدفعها القطاع الخاص على خدمات تخص العمالة الوافدة لديها مما وفر له موارد ضخمة جداً سنوياً تقدر بالمليارات، وهي التي ينفق منها على برامجه التي يدعم بها توطين الوظائف لكن فعلياً لا يمكن اعتبار إنجازات الصندوق بحجم يتوافق مع أهدافه فنسبة البطالة ما زالت مرتفعة وتقف عند 12.9 في المائة وفق هيئة الإحصاء رغم أن الصندوق درب وضم مئات الآلاف لبرامجه التي من بينها تحمل جزء من رواتب الموظفين في السنة الأولى لعمله إذا كان لا يمتلك خبرة وغيرها من البرامج لكنه أوقف أغلبها لأنها لم تأت بنتائج ملائمة أو كونها محددة بفترة مثل برنامج دعم رواتب المعلمين السعوديين بالقطاع الأهلي الذي كانت مدته خمسة أعوام.

لكن تحليل أسباب ضعف دور الصندوق بسوق العمل قياساً بحجم إنفاقه السنوي على برامجه بالإضافة لخروج من دعم توظيفهم من السوق بنسب ليست بالقليلة له أسباب عديدة فمن بينها أنه دعم التوطين بقطاعات طبيعة العمل فيها تعد محطة مؤقتة للشباب مثل قطاع التجزئة بمهنة بائع أو «كاشير»، إضافة لغياب إستراتيجية تركز على توطين الوظائف المستدامة بقطاعات صناعية وخدمية بنسب عالية وكذلك دعم التوطين بالمهن الحرجة لتقليل الانكشاف المهني، إلا أن من بين أهم أسباب هذا الدور المحدود بأثره النهائي على خفض البطالة من قبل الصندوق يعود لارتباطه ببرامج وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في معالجة البطالة منذ تأسيسه كون الوزارة كانت تنظر لرقم البطالة العام وتريد خفضه بالكم وليس النوع من الوظائف المجدية والمستدامة بشكل أساسي فأكثر من 40 في المائة من العاطلين يحملون مؤهلات فوق الثانوية.

ولذلك فإن تغيير إستراتيجية العلاقة بين الصندوق ووزارة العمل سيكون له دور كبير بأن يتجه الصندوق لمعالجة مشكلات ضعف اختراق سوق العمل والتأهيل الصحي والمناسب للتوطين بالقطاعات الحيوية وبالوظائف المهمة تحديداً فيها، فالصندوق يجب أن يكون له رؤية مختلفة عن الوزارة التي يجب أن ينصب تركيزها بتنظيم سوق العمل ومراقبة الالتزام بالأنظمة والتشريعات التي ترفع من تنافسية المواطن بالسوق بينما يكون الصندوق مستقلاً بأدواره ويعالج الاختلالات التي تواجه طالب العمل بشكأساسي رغم كل الجهود التي بذلت من وزارة العمل والتي قامت بتنفيذ عشرات البرامج خلال السنوات الماضية لخفض البطالة التي تماشى الصندوق معها إلا أن النتائج ليست بالمستوى المناسب لدور الصندوق في سوق العمل مما يعني بالضرورة أن يكون الصندوق مستقلاً بدوره ويمثل مساراً خاصاً لمن يرغب في الانضمام لبرامجه من طالبي العمل وتبقى الوزارة لدورها الأساسي الإشراف والتنظيم والرقابة على سوق العمل.

 

 

نقلا عن الجزيرة