أسعار كهرباء مناطقية وليست موحدة

25/04/2018 2
م. عماد بن الرمال

على الرغم بأننا اعتدنا على أن أسعار الكهرباء موحدة لدينا لجميع الفئات ولجميع مناطق المملكة المترامية الأطراف، إلا أن التاريخ قد سجل أن أسعار  تعرفة الكهرباء في المملكة بدأت بأسعارغير موحدة ومختلفة بحسب المنطقة وحسب الشركة المنتجة .

ففي عام ١٩٥٠ أنشأ القطاع الخاص أول شركة مساهمة لإنارة المنازل والطرقات تحت مسمى (شركة القوى الكهربائية لمقاطعة الظهران) والتي لحقتها شركات أخرى في مناطق المملكة وسجلت أسعار تعرفة الكهرباء ما بين ١٠ و ٣٠ هللة.

إلا أن الأمور تغيرت مع تدخل الحكومة عام ١٩٨٠ م للاستحواذ على منظومة الطاقة الكهربائية بعد فشل القطاع الخاص بتوفير طاقة موثوقة للمواطن ومواكبة سرعة النمو والأهم من ذلك معالجة تكرار انقطاع الكهرباء والذي كان يسبب إزعاج للمواطنيين.

وعلى الرغم من نجاح الحكومة في ذلك الوقت من إيجاد الحل السريع لمعضلة انقطاع الكهرباء من خلال قيام الدولة بإدارة منظومة الطاقة بالكامل واستمرار ذلك النجاح الى يومنا الحالي بتسجيل أعلى معدلات الموثوقية في شبكة الكهرباء على مستوى العالم.

إلا أن سلبيات إدارة القطاع العام لمنظومة اقتصادية كمنظومة قطاع الطاقة الكهربائيه تتجلى بغياب الإدارة الاقتصادية، وغياب المنافسة وبالتالي غياب الإبداع.

ونحن نعيش حاليا فترة رؤية المملكة ٢٠٣٠ التي وضعت من أهم أهدافها إعادة تخصيص قطاع الكهرباء واخضاعه للمنافسة وخلق الإبداع من جديد، فهذا يتطلب منا وحسب ما أراه أن يتم إعادة تسعير تعرفة الكهرباء حسب كل منطقة في المملكة وحسب كفاءة كل شركة متنافسة وحسب استهلاك كل فرد فالمواطن في مرتفعات طريف وعسير لا يستهلك كهرباء كمواطن في مدن الرياض والدمام وجدة حيث الحرارة المرتفعة.

فتكلفة انتاج الكهرباء تختلف من منطقة الى أخرى، وتختلف من فصل الى آخر بل يختلف تكلفة الكهرباء في اليوم الواحد مع تقلب الليل والنهار.

فعلى سبيل المثال سعر تكلفة الكيلوات ساعة في المنطقة الشرقيه والوسطى وأيضا الشمال الغربي من المملكة الغنية بالغاز الطبيعي يصل الى متوسط ٥ هللة كيلوات ساعة بدون أي دعم من الدولة لاستخدام محطات انتاج الطاقة الغاز الطبيعي بالكامل، وفقا لدراسة قامت بها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن لحساب أسعار الكيلوات المنتجة من الغاز الطبيعي.

بينما سعر الكيلوات ساعه للمنطقة الغربيه من المملكة يصل الى ٨٠ هللة كيلو وات ساعة نظرا لاستخدام المحطات الكهربائية الوقود العربي الثقيل وفقا لتصريحات لهيئة تنظيم الكهرباء كسعر غير مدعوم من الدولة.

وهذا الفارق السعري الكبير  يفترض أن يكون عاملا مهما في تقرير توجيه الصناعات من منطقة وأخرى ، وأيضا يكون عاملا مهم بإعطاء الأولوية في مشاريع الطاقة البديلة.

ما يحصل الأن نتيجة لوجود سعر تعرفة موحد، بأن نمت الصناعة بشكل أعلى في المناطق الأكثر تكلفة للكهرباء والتي يمكن نقلها الى مناطق أقل تكلفة في الكهرباء، كذلك بدأنا نرى أن أمانات المدن في المملكة بدأت حملة استخدام الطاقة الموفرة في إنارة الشوارع في المناطق الأقل تكلفة في انتاج الكهرباء ولا يوجد لديها أولويات بتلك المشاريع حسب تكلفة انتاح الطاقة الكهربائية في كل مدينة.

بالاضافة الى أن مشاريع الطاقة الشمسية والرياح بدأت في المناطق الغنية بالغاز الطبيعي ومن المفترض أن تبدأ في المناطق الأعلى تكلفة في الكهرباء حتى تكون موفرة وذات عائد اقتصادي.

التقرير الصادر من هيئة تنظيم الكهرباء لعام ٢٠١٦ يوضح ارتفاع نسبة استهلاك القطاع الصناعي في المنطقة الغربية بالضعف عما هو عليه في المنطقة الوسطى ومن المعروف أن تكلفة انتاج الكهرباء في المنطقة الغربيه أعلى من الوسطى وأعلى من المنطقة الشمالية أو حتى الشمالية الغربية المطلة على البحر الأحمر.

كذلك نرى أن مشاريع الطاقة المتجددة ذهبت الى منطقة الجوف شمال المملكة الغنية بمصادر الغاز القريبة في وعد الشمال أو حقل تبوك بينما المنطقة الغربية الأغلي تكلفة للكهرباء هي من المفترض تعطى الأولوية بمشاريع الطاقة المتجددة.

العودة الى أسعار كهرباء مناطقية بحسب تكلفة انتاج الكهرباء، وأسعار كهرباء متغيرة في ساعات اليوم الواحد سوف يعزز ويحقق التنافسية التي وضعتها الرؤية كهدف لمنظومة الطاقة.

وأيضا سوف يعزز ويحقق إعادة توزيع  دعم الكهرباء لمستحقيه.

خاص_الفابيتا