قضايا الفساد من القضايا الخطرة، التي لها آثار سيئة على الدولة سياسيًّا وأمنيًا واقتصاديا واجتماعيا، وقد دأبت القيادة الرشيدة على حماية النزاهة ومكافحة الفساد والقضاء عليه وتطبيق الأنظمة بحزمٍ على كل من يتورَّط في مثل هذه القضايا، سواء كان صغيرًا أم كبيرًا، ولذلك صدر الأمر الملكي الكريم مطلع شهر نوفمبر من العام الماضي والمتضمن تشكيل لجنة عليا، برئاسة صاحب السمو الملكي، ولي العهد لحصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام.
مؤخرًا قامت إحدى شركات الأبحاث وبالتعاون مع صحيفة سبق الإلكترونية بإطلاق استبيان إلكتروني لقياس ظاهرة الفساد وأثر القرارات الحالية على نظرة المجتمع، وقد أظهرت نتائج الدراسة أن 74% من المشاركين يرون أن استغلال النفوذ يعتبر أخطر أشكال الفساد على الوطن، كما أفاد 67% أن الاختلاس وتبديد المال العام يأتي في المرتبة الثانية، في حين جاءت الرشوة في المرتبة الثالثة بنسبة 54%، وحصلت الواسطة على نسبة 41%.
كما أظهرت النتائج أن 74% من أفراد عينة الدراسة لم يكونوا يتوقعون تفعيل الدولة لإجراءات مكافحة الفساد، كما تم مؤخرًا، في حين رأى 82% من المشاركين أن الإجراءات التي استحدثتها الحكومة مؤخرًا لمكافحة الفساد فعالة، في حين رأى نحو 87% من المشاركين أن التساهل في تطبيق العقوبات النظامية هو أهم أسباب انتشار ظاهرة الفساد، في حين جاء عدم الشعور بأهمية المال العام بالمرتبة الثانية بنسبة 78%، وقد أعرب 83% من إجمالي المشاركين عن رضاهم عن نتائج القرارات الجديدة لمكافحة ظاهرة الفساد.
هذه خارطة الفساد لدينا وهذه أسبابه، وقد أكدت الدراسة بأنه يؤثر بدرجةٍ كبيرة على الجوانب الاقتصادية والمشروعات التنموية، كما أن القطاع الحكومي هو من أكثر الجهات المتأثرة بالفساد، خصوصًا البنية التحتية، يليها الخدمات الصحية ثم التعليمية، متبوعًا بالقطاع الخاص ثم الإعلام، ثم الجهات غير الربحية، ومن خلال مثل هذه المعلومات القيمة والدراسات المتخصصة يمكن أن تسهم في محاربة الفساد والتخفيف من آثاره.
نحن نعيش ولله الحمد في مجتمع نشأ على مبادئ وقِيَم صالحة، ويُطبِّق شرع الله في كل جوانب حياته، فالفساد مرض قاتل، وهو كالسرطان، لا يجب التهاون في معالجته، لذلك سنجد بأن المجتمع يدعم مثل هذه الخطوات الجادة لمكافحة هذا الداء ومحاربته، وبتر كل عضو ينتشر فيه، لنحافظ على سلامة الجسد كاملًا، وليبقى مجتمعنا مجتمعًا صالحًا يحرص على مكافحة كل ما يساهم في الإضرار به.
نقلا عن المدينة