يعد الاعتماد على موارد الجموع (Crowd) أحد أهم الركائز للبنية الحديثة للتطبيقات بأشكالها التقنية والاقتصادية والاجتماعية. حيث أن الموارد المتوفرة والفائضة عن حاجة مجموع الأفراد يمكن استغلالها بشكل أمثل للحصول على عوائد تنموية مختلفة الأشكال والأبعاد.
فتطبيقات مثل Uber، Airbnb، MTurk، KickStarter كلها تقوم في فكرتها المبسطة على استغلال الموارد المتوفرة والفائضة عن حاجة الفرد لتلبية حاجة لدى مستهلك للحصول على قيمة أو مقابل.
وتركيزنا في هذا المقال سيكون على ما يعرف بـ Crowd Funding (أو ما قد يعرف بالتمويل الجماعي) وما يتعلق به من نماذج أعمال وفرص اقتصادية وتنموية يمكن استغلالها لدعم جهود التحول الوطني والاقتصادي. حيث يعتبر أحد أشهر تقنيات ما يعرف التقنية المالية أو FinTech ولكن لغياب التنظيمات وعدم شيوعها في المنطقة يندر الحديث عنه؛ غير أن ما أعلن عنه خلال شهر أغسطس 2017م من إقرار أول تشريعات منظمة لعمل شركات التمويل الجماعي في الإمارات العربية المتحدة كأول دولة في منطقة الخليج حفزني لكتابة هذا المقال التعريفي.
يمكننا تعريف التمويل الجماعي، بأنه إقامة الحملات لجمع مبالغ مالية محدودة من عدد كبير من الأفراد لتحقيق هدف أو تنفيذ مشروع محدد خلال فترة محددة. ويتم تنظيم وإدارة العملية والتسويق والتشغيل لها من خلال استخدام تطبيقات الإنترنت المختلفة التي يقدمها الوسيط غالباً مقابل نسبة من التمويل.
تعود أصول التمويل الجماعي على الإنترنت إلى عام 2005م حيث ظهر موقع Kiva.org كأول موقع متخصص في القروض الصغيرة غير الربحية بهدف التغيير الاجتماعي ودعم المحتاجين مع الحفاظ على أصول المقرضين ودعم المقترضين للمساهمة بمساعدة الآخرين في المستقبل. أعقب ذلك تتابع المواقع وتنوع أهدافها ما بين الربحية وغير الربحية.
ظهر أول نموذج ربحي للتمويل الجماعي في عام 2009 من خلال موقع Kickstarter حيث يوفر لرواد الأعمال فرصة للحصول على دعم المهتمين عن طريق توفير معلومات وشروحات عن المنتج وفكرته وتحديد هدف تمويلي وتاريخ بداية ونهاية الحملة، وتحفيز المهتمين للمشاركة والدعم بطرق مختلفة مع التأكيد على عدم حصول صاحب المشروع على دعم جزئي في حالة فشله في جذب مبلغ التمويل المستهدف، ويحصل الموقع على عمولات مقابل عمليات الدفع والتحصيل دون أي مسؤولية عن المشاريع وتنفيذها فيما بعد.
ومن الواجب التنبيه إلى أن هذا المجال يعد مرتفع المخاطر، للعوامل المؤثرة فيه من موثوقية الجهات المقدمة للخدمة أو موثوقية الأفراد والجهات المتقدمة بمشاريع للتمويل وقدرتهم على التنفيذ، هذا بالإضافة إلى التكاليف الواقعة على الأفراد خصوصاً في حالة الاستثمار مثل نسبة التمويل المسموح وفارق العملات وعمولات المشاركة والتمويل. لهذا سعت الجهات المنظمة حول العالم لوضع التنظيمات اللازمة لحماية المستثمرين عن طريق رفع مستوى الإفصاح عن المخاطر وتحديد نسب الاستثمار خصوصاً للمستثمرين الصغار مع وضع أنظمة صارمة لتأهيل المستثمرين تلتزم بها الجهات المقدمة للخدمة.
بدأت الفكرة في الظهور في عالمنا العربي في عام 2012م عن طريق موقع Aflamnah حيث وفر لمنتجي الأفلام المستقلين فرصة للحصول على دعم المهتمين لتمويل عمليات الإنتاج الفني، لدعم الحركة الفنية الهادفة. ونظراً لتخصص الموقع فقد شكل حالة استثنائية من ناحية كونه يمكن صاحب المشروع من الحصول على مبلغ التمويل المقدم حتى ولو لم يتحقق الهدف التمويلي. ولعل أحد أهم الأعمال التي أعطت شهرة وزخم للموقع دعمه لإنتاج فيلم (أبو رامي) للمخرج صباح حيدر. وتتابعت بعد ذلك المواقع المختلفة التي تستهدف العالم العربي، منها ما هو مستمر إلى الآن ومنها ما تم إغلاقه لعدم الفعالية أو الجدوى.
ولحداثة بروز التمويل الجماعي كأداة تمويلية واختلاف أهدافها فإنه لا يوجد تصنيف موحد ومعتمد لأنشطة التمويل الجماعية ولكن يمكن تصنيفها كما يلي بحسب أهداف المشاركين والمستثمرين كما يلي:
1.التمويل الجماعي بهدف التبرع -Donation-based Crowd Funding:
وهو أوضحها وأبسطها حيث يكون الهدف الأساسي للتمويل هو المسؤولية الاجتماعية، عن طريق دعم مشاريع أو أفكار خلاقة أو اجتماعية غير ربحية. ويعد مشروع Student في بريطانيا، والذي تم إغلاقه مؤخراً لوجود بديل حكومي مثال جيد، حيث يوفر للطلاب العاجزين عن توفير الرسوم الدراسية للجامعات قدرة جمع التبرعات والحصول على التمويل اللازم كما يضمن وصول التبرعات مباشرة للجامعات لدعم الطالب مما يوفر درجة عالية من الشفافية والثقة. ومع تطور الموقع قبيل إغلاقه طرحت بعض البنوك منتجاً خاصاً للحصول على قروض بنسب ربحية منخفضة وقيم منخفضة من أجل المشاركة في دعم الطلاب. و لعل تجربة بعض رواد الأعمال المسلمين في مواقع مثل LaunchGood و Patronicity في الاستفادة من هذا النوع من التمويل عن طريق تحفيز الأعمال الخيرية أو التغيير الاجتماعي في أماكن الحياة العامة والأحياء السكنية تستحق الاطلاع. حيث تم تنفيذ العديد من المشاريع مثلاً في عن طريق تحفيز المسؤولية الاجتماعية لدى الشركات لتحسين مستوى الحدائق وتوفير بيئة مناسبة في المرافق العامة لذوي الاحتياجات الخاصة بحيث يتم التنسيق مع الجهات المسؤولة وتحديد المشاريع المستهدفة وجمع التبرعات وعند الوصول إلى أهداف معينة تقوم الشركات الداعمة أو الجهات الحكومية بمضاعفة مبلغ التبرعات أو الإشراف على المشاريع.
ولعل الملاحظ أن هذا النوع من التمويل، قد يمثل خياراً رائع لتنظيم وتحفيز أعمال الخير في عالمنا العربي عن طريق تنظيم عمليات جمع التبرعات وتمكين أصحاب المبادرات الاجتماعية الخلاقة من نشرها وسهولة الحصول على الدعم. بالإضافة إلى تسهيل مشاركة الشركات المهتمة بأعمال المسؤولية الاجتماعية ذات الأثر في بيئة منظمة ترفع مستوى الشفافية والإنجاز.
وقد يحصل مدير منصة التمويل الجماعي في هذه الحالة على نسبة محددة من عملية التمويل، في مقابل توفيره للمنصة وإدارته لعملية جمع وتوزيع الأموال. كما توفر بعض الخدمات، قيمة مضافة لدعم الأعمال الاجتماعية مثل خدمات الاستشارات والتدريب للفرق إضافة إلى مجانية الخدمة.
2.التمويل الجماعي بهدف المكافأة – Rewards-based Crowd Funding:
حيث يكون التمويل في الغالب من أجل إنشاء منتج أو دعم مشروع تجاري، وهو أكثر الأنواع شيوعاً وتنوعاً، من حيث المكافأة حيث تكتفي بعض المشاريع بإرسال بطاقة شكر أو ذكر اسم المستثمر من الداعمين وقد تصل إلى طباعة اسم المستثمر على المنتج النهائي أو تسليمه منتجاً مخصصاً أو توفير المنتج له قبل طرحه في الأسواق. ويستخدم هذا النوع من التمويل لدعم رواد الأعمال في مشاريعهم ومنتجاتهم، دون التزام منهم للمستثمرين بنجاح أو استمرار المشروع. وتعد الأمثلة على هذا النوع من التمويل كثيرة ومشهورة كـ Kickstarter و Indiegogo. وقد ذكرنا في بداية المقال تجربة موقع Aflamnah في العالم العربي حيث يقع ضمن هذا التصنيف.
ويحصل مدير منصة التمويل الجماعي في هذه الحالة على نسبة محددة من عملية التمويل، في مقابل توفيره للمنصة وإدارته لعملية جمع وتوزيع الأموال.
3.التمويل الجماعي بهدف الإقراض -Debt-based Crowd Funding:
ويعد هذا النوع أكثر نمواً بين أنواع التمويل الجماعي، ويعرف غالباً بـ Crowd Lending. حيث تكون صيغة التمويل قائمة على مبدأ الإقراض التجاري فيقوم رواد الأعمال أو الشركات بتحديد احتياجاتهم المادية لشراء أصول معينة أو تمويل مشاريع معينة أو سداد فواتير محددة القيمة ويحصل المستثمر على نسبة فائدة على مبلغ القرض الموفر لمشروع محدد. وتختلف نسب الفائدة باختلاف سمعة المقترض والهدف من الحصول على القرض وطبيعة السوق، وجدولة عمليات السداد. وتعد الأمثلة على هذا النوع من التمويل كثيرة, و من أشهرها في العالم العربي شركتي Beehive و Liwwa.
يحصل مدير منصة التمويل الجماعي في هذه النوع على نسبة محددة من عملية التمويل، تتغير باختلاف المخاطر. وتتباين منصات التمويل الجماعي لهذا النوع، في الخدمات حيث تلتزم بعضها بعمليات فحص لبيانات المتقدمين للحصول على القروض وتشترط أن تتولى جهة أخرى عملية شراء وتسجيل الأصول الناتجة عن عملية التمويل كما تتعهد بعضها بالتحصيل والملاحقة القانونية في حالة التعثر وفي بعض الحالات لا يتم تحصل نسبة مدير منصة التمويل إلا من الدفعات المستلمة فقط لرفع ثقة المستثمرين. ومن أهم العوامل التي تساهم في دعم وانتشار هذا النوع من التمويل، وجود عامل كبير محفز للمقترضين من حيث انخفاض كلفة الاقتراض.
4.التمويل الجماعي بهدف التملك -Equity-based Crowd Funding:
ويعد أكثرها نضجاً كقناة استثمارية وجذباً للمستثمرين ويعرف هذا النوع أيضا بـ Crowd Investing. حيث يسمح للمقرض بالحصول على حصة من مشروع المقترض في مقابل توفير السيولة للمشروع، خصوصاً المشاريع التقنية الناشئة ومشاريع التطوير العقاري، مع توفير البيانات اللازمة للمستثمرين لاتخاذ القرار المناسب. وقد تتضمن الشروط أحياناً تخلي صاحب المشروع عن جزء من صلاحياته في اتخاذ القرار للمستثمرين المهتمين.
تختلف أنواع وشروط حصة المقرضين حيث قد تكون تملك حصص في شركات ناشئة في مراحلها الأولى وقبل الطروحات الأولية والمساهمة في إنجاحها وتوجيهها مع دعم الأفكار الخلاقة أو تكون على هيئة أسهم، أو نصيب في الأرباح أو جزء من الأصول.
وتشدد أغلب الدول على نوعية المستثمرين المؤهلين للمشاركة في هذا النوع بسبب ارتفاع درجة المخاطر وضرورة وجود معرفة جيدة بمفاهيم الاستثمار وتقييم المشاريع. وتعد الأمثلة على هذا النوع كثيرة, وتختلف باختلاف خدماتها المقدمة للمستثمرين من ناحية توفير البيانات المالية اللازمة و القيام بعملية الفحص والإجراءات الخاصية بتوثيق الملكية بشكل قانوني و من أشهرها RealtyShares المتخصص في الاستثمار في المشاريع العقارية بشكل خاص و CrowdCube و SeedInvest المتخصصين في المشاريع الناشئة بشكل عام.
ومن هذا التبسيط يتضح إمكانية تطويع التمويل الجماعي ليشكل رافداً مهماً لدعم مبادرات ريادة الأعمال، حيث يعمل الوسطاء على توفير البيئة المناسبة لتسهيل وصول رواد الأعمال إلى المستثمرين المحتملين أو التمويل بعيداً عن تكاليف وأساليب التمويل البنكية المعتادة أو تعقيدات شركات الاستثمار. وتشير بعض التوقعات إلى احتمالية تجاوز سوق التمويل الجماعي بهدف الإقراض (Crowd Lending) 300 بليون دولار واحتمالية وصول سوق التمويل الجماعي بهدف التملك (Crowd Investing) لقيم تتجاوز 90 بليون دولار بحلول عام 2020م.
ويعد التمويل الجماعي من أكثر الأنشطة التمويلية نمواً خلال السنوات الأخيرة حيث بلغت القيمة التقديرية لسوق التمويل الجماعي بأنواعه المختلفة ما يقارب 195 مليار دولار خلال 2017م. وبالنظر إلى النمو العالمي في استخدام التمويل الجماعي كوسيلة لدفع قطاع الأعمال الناشئة وتحفيز النمو الاقتصادي يتوقع أن تستمر عمليات التمويل الجماعي بهدف الإقراض (Crowd Lending) في تسيد قطاعات التمويل الجماعي من ناحية الحجم بقيم قد تزيد عن 182 مليار دولار خلال 2017م، كما أن النمو السنوي المتوقع خلال الأعوام الخمسة القادمة يزيد عن 30% مع تفاوت في دراجات النمو بين أنواع التمويل الجماعي المختلفة حيث يتوقع أن يكون الأداء في التمويل الجماعي بغرض التملك (Crowd Investing) أكثراً قابلية للنمو مع نمو ونضج التنظيمات حول العالم بالإضافة إلى التوسع في القطاعات الجديدة كالتمويل الجماعي للمشاريع العقارية.
وتتفاوت الدول في تنظيمها وتفعيلها للتمويل الجماعي، حيث تشكل الصين بناءً على التقارير الحديثة أكبر سوق نشطة لعمليات التمويل الجماعي بقيمة جاوزت 155 مليار دولار خلال 2017م كأكبر المستفيدين والأسواق مع تركيز كبير على التمويل الجماعي بهدف الإقراض (Crowd Lending) حيث شكل ما يزيد عن 95% من إجمالي عمليات التمويل الجماعي خلال الفترة ذاتها.
وكما أسلفنا فإن وجود التنظيمات الملائمة للحالة الاقتصادية في البلد، يسرع من عملية جذب رؤوس الأموال للدخول في أسواق التمويل الجماعي كقناة استثمارية، حيث يمكن ملاحظة النمو المطرد في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2012م بعد صدور ما يعرف بـ JOBS Act (Jumpstart Our Business Startups) وهو تنظيم معني بتسهيل وتبسيط تمويل الشركات الصغيرة والناشئة بما يشمل خيارات التمويل الجماعي من تحديد المستثمرين المؤهلين وغير المؤهلين وحدود التمويل الممكنة للشركات والمسموحة للأفراد بحسب تأهيلهم. حيث فاقت قيمة سوق التمويل الجماعي 30 مليار دولار خلال 2015م، مع ملاحظة تطوير وتدرج الأنظمة والقوانين المتعلقة بحدود الاستثمار ونوعية المستثمرين المستهدفين.
وبهذا أصبح التوسع عن طريق التمويل الجماعي بغرض التملك (Crowd Investing) خياراً مريحاً لرواد الأعمال بسبب أن التكلفة للحصول على التمويل منخفضة على المشاريع الناشئة نظراً لتخفيف القيود الحكومية والإجرائية حيث أن التمويل من سوق الطروحات الأولية قد يكلف الشركة ما يقارب 3 مليون دولار في سبيل الحصول على تمويل يصل إلى 100 مليون دولار وهو مبلغ كبير جداً على شركات ناشئة لا تستطيع تحمل المتطلبات النظامية لهذه العملية، كما لا تحتاج إلى هذه المبالغ الكبيرة من التمويل في مراحلها الأولى.
ونجد نفس المشكلة لدينا حالياً حتى بعد إنشاء سوق نمو بقيود مخففة لتسهيل الحصول على التمويل، إلا أن التكلفة تظل مرتفعة حتى الآن للشركات الناشئة ولعل هذا يفسر ارتفاع عدد الشركات التي لجأت إلى سوق نمو للتخارج وليس للنمو والتمويل:
وفي الجزء الأخير من هذا المقال نلقي بعض الضوء على التجارب في تفعيل التمويل الجماعي في المنطقة العربية عن طريق تجربة الإمارات والأردن في ذلك.
تلعب الشركات الصغيرة والمتوسطة دوراً رئيسياً في دعم النمو الاقتصادي في دولة الإمارات، حيث شكلت في عام 2014م ما يقارب 80% من شركات الأعمال مشاركة بما يفوق 40% من إجمالي الناتج القومي مع نسب توظيف وصلت لأكثر من 60% من إجمالي القوى العاملة في القطاع الخاص. لكن بعض الدراسات كشفت أن ما يزيد عن 50% من الشركات الصغيرة والمتوسطة تم رفض طلبات إقراضها من البنوك، كما أن قروض البنوك للشركات الصغيرة والمتوسطة لا تتجاوز 4% من إجمالي محافظ القروض وهذا أقل بكثير من المتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمقدر بـ 9.3%.
لذلك كان من المنطقي التوجه لتفعيل هذا النوع من الخدمات المالية، والحصول على الريادة فيها بالنسبة للمنطقة حيث أن خيارات التمويل الجماعي بهدف الإقراض (Crowd Lending) والتمويل الجماعي بهدف التملك (Crowd Investing) تمثل مصدر مهماً وفعالاً للوصول للموارد المالية بالنسبة لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة. ولذلك ركزت التنظيمات الجديدة على وضع الأطر المناسبة لنمو عمليات الأعمال المتعلقة بالتمويل بهدف الإقراض وهدف الاستثمار.
وقد سبق هذه الخطوة، توفير مختبر للتقنية وهو بيئة عمل مناسبة لتمكين شركات التقنية المالية (FinTech) من اختبار منتجاتها والحصول على توافقية مع المنظومة المالية والتنظيمية في الإمارات.
أما فيما يخص الأردن, فأشير للتقرير الذي نشرته شركة Liwwa عن تطور أعمالها وأثرها على المجتمع الأردني خلال 2017م لتوضيح للأثر البالغ للتمويل الجماعي على ريادة الأعمال من ناحية خلق فرص العمل واستدامة الدخل للعاملين وبالتالي تحفيز الناتج المحلي حيث ساهم جمع مبلغ 4.6 مليون دولار في دعم 308 وظيفة وتوفير إجمالي دخل 1.12 مليون دولار للعاملين في مختلف القطاعات الممولة, و يلخص الجدول التالي أثر الإقراض في القطاعات المختلفة التي تعمل بها الشركة في الأردن:
وبهذا يتضح الأثر الإيجابي الممكن لتفعيل منتجات التقنية المالية (FinTech) لخدمة التحول الوطني ودعم رواد الأعمال وقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق نمو مستدام وخلق فرص وظيفية. وفي هذا المجال من المناسب ذكر ما صدر من قواعد منظمة للممارسة نشاط التمويل المتناهي الصغر، والصادر في عام 1436هـ والذي أسس للبنة أولى في تقديم خدمات التمويل للمشاريع الناشئة (أصحاب الأعمال الصغيرة والحرفيين ومن في حكمهم) عن طريق شركات التمويل المتخصصة. ولعله حان الوقت لتطوير هذه القواعد لتكون بشكل أشمل وأكثر توافقاً مع التوجهات الحديثة في التمويل كالتمويل الجماعي (Crowd Funding) مستفيدين من التجارب العالمية والتجارب المحيطة بنا.
ومن المبهج أن نشير إلى استثمار الصندوق الاستثماري الجريء الرياض للتقنية في شركة Beehive إحدى الشركات الناشئة للتمويل الجماعي بهدف الإقراض في الإمارات، في إشارة إلى بداية الاهتمام من قبل المستثمرين في المملكة لدعم انتشار وعمق المنتجات المالية الموجهة للمستثمرين الأفراد للحصول على حصة سوقية أكبر من عوائد النمو المتوقع لهذه المنتجات. وكذلك ما أعلنت عنه شركة تداول مؤخراً من إنشاء مختبر للتقنية المالية يهدف إلى دعم الصناعة المالية الجديدة والمعتمدة على تقنية المعلومات.
في ختام هذا المقال، أعود للتنبيه أن استخدام منتجات مالية دون استيعاب طبيعة المنتج وأهدافه يضاعف من مستوى المخاطر. وبناء على ذلك فكل المواقع والخدمات المذكورة في هذا المقال، إنما هي من باب إيضاح نماذج أعمال قائمة للتمويل الجماعي ولا ينصح باستخدامها إلا بعد وجود فهم كامل لها ولبيئة العمل والتنظيمات المستخدمة فيها.
كما أنه من المهم استيعاب التطورات المتلاحقة في التقنية المالية وأثرها على قدرة هذا النوع من المنتجات على البقاء وجذب الاهتمام، والتحور الممكن فيها للاستفادة من الكفاءة وانخفاض التكاليف الممكنة باستخدام منتجات التقنية المالية الأخرى.
خاص_الفابيتا