ميزانية المملكة ٢٠١٧-٢٠١٨

27/12/2017 1
عبدالله بن سالم السلوم

ميزانية وموازنة ترقبهما اقتصاديو الخليج لما لهما من تأثير غير مباشر على اقتصادات الدول المجاورة بشكل عام، والخليجية بشكل خاص. وكعادتنا، قرأنا ما بهما من أرقام لنضيفها كملاحظات جديدة في أوراقنا الإحصائية التي نستخرج بها النسب الجديدة، والتنبؤات بالأرقام والنسب المستقبلية. ولا شك في أن تلك القراءات تعكس التوجه الإداري للدولة، والذي من خلاله يمكن رفع "مستوى ثقة" تنبؤات ذات صلة.

ما زال الحزم واضحا في العلاقة بين المصروفات المقدرة في بداية السنة والمصروفات الفعلية في نهايتها. المصروفات الفعلية في عام ٢٠١٦ كانت أقل من المقدرة بواقع ١٥ مليار ريال سعودي. وعلى الرغم من عدم حصول هذا الأمر في ٢٠١٧، كون المصروفات الفعلية اجتازت المصروفات المقدرة بواقع ٣٦ مليار ريال سعودي، إلا أن إجمالي التجاوز في هاتين السنتين يقدر بـ ٢١ مليار ريال سعودي. عند مقارنة إجمالي تجاوز هاتين السنتين مع أقل تجاوز سنوي منذ ٢٠٠٥، الذي يقدر بـ ٥٨ مليار ريال سعودي في عام ٢٠٠٦، فإن هذا التجاوز يعادل ٣٦٪ من تجاوز ٢٠٠٦، الأمر الذي يرفع من "مستوى ثقة" تنبؤات متعلقة بالحزم في تقريب المصروفات الفعلية من المقدرة.

ففي نهاية ٢٠١٦، ومع موازنة ٢٠١٧، كان لنا تكهنات مبنية على نموذجين للانحدار، أما الأول فتعتمد ملاحظاته على ميزانيات عهد الملك عبد الله رحمه الله، والثاني تعتمد ملاحظاته على ميزانيات عهد الملك سلمان. وعند أخذ المعدل بين نتائج هذين النموذجين نستخرج تكهن أقرب إلى ما نراه في أرقام ميزانية ٢٠١٧. فالتكهن نص على أن المصروفات الفعلية لعام ٢٠١٧ ستقدر بـ ٩٣٦,٨٥ مليار ريال سعودي، بمستوى ثقة يعادل ٩٧٪، والذي هو أعلى من المصروفات الفعلية التي تم الإعلان عنها بـ ١٠,٩ مليار ريال سعودي. وبناء على ملاحظاتنا الجديدة وموازنة ٢٠١٨ اللذان رسما لنا نموذج انحدار جديد، فالتكهن ينص على أن المصروفات الفعلية لعام ٢٠١٨ ستكون ١٠٤٨,٥ مليار ريال سعودي في حال كانت المصروفات المقدرة تساوي ٩٧٨ مليار ريال سعودي والإيرادات الفعلية تساوي ٧٨٣ مليار ريال سعودي، بمستوى ثقة انخفض إلى ٨٩٪.

من الناحية الأخرى، لا يجب الإشادة - في هذه السنة المالية على وجه الخصوص - بارتفاع نسبة الإيرادات غير النفطية، كونها أتت كنتيجة لانخفاض نسبة خزينة الدولة من إيرادات أرامكو السعودية. وعلى الرغم من أهمية ارتفاع تلك النسبة إلا أنها لا تعني بالضرورة تحسن اقتصادي من خلال تنوع مصادر الدخل. إن القراءة الصحيحة لتلك النسبة يجب أن ترتبط ليس بإجمالي الناتج المحلي وحسب، بل بمدى الارتفاع في الصادرات، والانخفاض في الواردات. فالتغيير الضئيل في هذين المعيارين واضح كون إجمالي الناتج المحلي في ٢٠١٧ قدر بـ ٢٧٣٨ مليار ريال سعودي، والذي ما زال أقل من نظرائه في الأعوام من ٢٠١٢ إلى ٢٠١٤.

معيارية اختيار المؤشرات في تسويق الأداء الحكومي أمر جدير بالذكر. ففي كل من الربع الأول والثاني والثالث كان التركيز واضحا على مقارنة العجز مع الربع النظير في السنة السابقة، كونه مؤشر إيجابي. ولكن، مع انتهاء السنة المالية، لم يذكر هذا المؤشر كون العجز الفعلي للربع الأخير أقرب إلى مجموع عجز الأرباع الثلاثة السابقة، والذي بمقداره تقل مصداقية تلك المقارنات السابقة في كل ربع. وعلى الرغم من معرفة الأسباب الفعلية لارتفاع العجز في الربع الأخير، إلا أن التدقيق المحاسبي والإحصائي ينتقد دوما عدم اعتبار معايير ثابتة، والذي قد يقرأ كمحاولة للتضليل من أجل إبراز الجانب الإيجابي فقط.

خاص_الفابيتا