مجمل الأرقام المنخفضة التي تظهر بقيم التعاملات بالسوق المالية المحلية، وكذلك السوق العقارية وبقية الأنشطة من إقبال على الاستثمار، وكذلك خفض بالنشاطات عموماً وبأعداد الموظفين تشير إلى حالة ترقب بشكل كبير من قبل المستثمرين للعديد من الاستحقاقات القادمة ذات التأثير البالغ بتوجهات الاستثمار حتى تتحقق جودة القرار الاستثماري.
فالاقتصاد الوطني يتمتع بإمكانات كبيرة جداً تعد الأكثر جاذبية للاستثمار بالمنطقة حيث تقاسمت المملكة مع تركيا التناوب بين المركزين الأول والثاني لسنوات عدة بجذب الاستثمارات لاقتصادياتها، إلا أن هبوط أسعار النفط الكبير منذ ثلاثة أعوام الذي انخفضت معه الإيرادات العامة للدولة وأثر على الإنفاق الحكومي بالتراجع على المشاريع، إضافة إلى تنفيذ الكثير من المشاريع خلال العشر السنوات الأخيرة بالبنية التحتية وانتقال المملكة لمرحلة اقتصادية جديدة بإطلاق رؤية 2030 والتي تستدعي تحولاً هيكليًا ضخمًا لابد أن يمر بمرحلة انتقالية في اتجاهات النمو الاقتصادي مع التحديات الكبيرة التي تواجه نمو الاقتصاد العالمي وغيرها من الأسباب أدت لتراجع النمو بالاقتصاد الوطني خلال العام الماضي والحالي، وهو بالتأكيد ما ينعكس على تدفق الاستثمارات بانخفاضها كما يلاحظ بالسوق المالية حيث تستقر التداولات عند متوسط 2.5 مليار ريال يوميًا منذ شهور بينما نشاهد كيف هبط سوق نمو بحدة عالية وبنحو 2000 نقطة من أصل 5 آلاف هي النقطة الأساس عند انطلاقته هذا العام وهو السوق الجديد بالاقتصاد الوطني حيث هبطت أسعار جل الشركات المدرجة فيه وانخفضت التعاملات لمستويات متدنية قلت ببعض الأيام عن مليون ريال، والأمر ذاته في قطاع العقار وغيره من الأنشطة التجارية وهي ردات فعل تعد طبيعية قياسًا بالوضع الاقتصادي العام الذي يتهيء لدورة نمو جديدة في السنوات القادمة.
لكن ما يحتاجه المستثمرون ليستقرئوا الفرص المستقبلية وتتخفض حالات الحذر والترقب لديهم يتمثل باتخاذ إجراءات عديدة من الجهات المعنية، مثل إعلان الهيكلة الاقتصادية المنتظرة بالتفصيل التي تشمل البرنامج الزمني لرفع الدعم عن الطاقة والوقود ونسبه السنوية، فهو سيحدد للمستثمر جدوى استثماره والتكاليف التي يجب أن يبني عليها قراره والاتجاهات في كل المجالات سواء في سوق الأسهم أو العقار أو الأنشطة التجارية الأخرى، كما ينتظر المستثمرون الخطط التحفيزية للاقتصاد من برامج ومشاريع ستطلقها الحكومة لدعم تنشيط الاقتصاد من جديد التي قدرت تكاليفها الأولية بنحو 200 مليار ريال وبطرق متنوعة، يضاف لذلك برامج الدعم الأخرى التي قد يكون الاقتصاد بحاجة لها سواء تنظيمية أو تشريعية للنهوض بأنشطة العقار والقطاعات الأخرى من تجزئة وقطاع المقاولات وغيرها مع النظر بتطور التكاليف على الاقتصاد والقطاع الخاص والعمل على رفع كفاءة التشغيل لتقليل آثارها أو مراجعة بعض التكاليف العامة وجدولتها بمدد زمنية أطول حتى يتكيف الاقتصاد معها ويتحقق الهدف الأساسي وهو تحقيق النمو الذي سينعكس بسرعة وتيرة ضخ الاستثمارات.
اقتصاد المملكة يرتكز على أسس قوية وما زال تصنيفه الائتماني مرتفع ولدى المملكة احتياطيات مالية تغطي وارداتها لأربعة سنوات وهو ما يعادل 16 ضعفاً للمعدل العالمي والدين العام منخفض والمجتمع فتي والفرص الاستثمارية ضخمة إنما تتطلب دوران العجلة من جديد بوضوح الخطط الهيكلية للاقتصاد وكذلك التحفيزية وأن تركز تصريحات المسؤولين المعنيين بالشأن الاقتصادي على ما يحتاج أن يسمعه المستثمر لتخفيف حالة الترقب المبالغ فيها لديه.
نقلا عن الجزيرة