قبل أن نذهب للحديث عن مستقبل الإستثمار، يجب أن نفرق أولاً بين صندوق الإستثمارات العامة (وهو ما يطلق عليه الأن بصندوق الثروة السيادي السعودي) وبين الإحتياطيات الإجنبية العامة. فالإول يتبع مجلس الشؤون الإقتصادية والتنمية، وهدفه الأساسي هو تحفيز النمو الإقتصادي وتنويع مصادر الدخل وبناء محفظة إستثمارية متنوعة تحتوي على إستثمارات محلية وعالمية، في المجالات غير النفطية، وبذلك يسعى بعد طرح شركة أرامكو للإكتتاب العام، بإن يكون واحداً من أكبر الصناديق السيادية في العالم، ومن المقدر أن تصل قيمته إلى 7 تريليون ريال (1.8 تريليون دولار) مع حلول عام 2030.
أما الإحتياطيات الإجنبية العامة، فهي تتبع لمؤسسة النقد السعودي (البنك المركزي)، وهدفها الإساسي هو سد العجز في موازنة الحكومة وحماية سعر صرف الريال، لذلك يتم إستثمارها في الأصول الأجنبية ذات العائد المنخفض وأقل مخاطرة مثل سندات الحكومة الأمريكية، وتقدر قيمة هذة الإحتياطيات حالياً 1.8 تريليون ريال (499.8 مليار دولار)، أي ما يعادل 80% تقريباً من إجمالي الناتج المحلي للمملكة.
أما عن مبادرة مستقبل الإستثمار، فهي فرصة لمتخذي القرار بالحكومة والشركات والمستثمرين للإطلاع والإستماع عن قرب عن أخر المستجدات ألتي توصل العالم لها اليوم من حولنا، والصناعات والقطاعات التي يوجه لها هؤلاء المستثمرين العالميين إستثماراتهم، خاصة التي تتعلق بالتكنولوجيا والطاقة النظيفة وتكنولوجيا الإتصالات، مثل الذكاء الإصطناعي والتطبيقات الذكية والروبورتات والواقع الإفتراضي وتكنولوجيا النانو والحيوية، ومدى تأثيرهذة التكنولوجيا اليوم على القطاعات المختلفة في حياة البشر الصحية والإجتماعية والخدمية والإنتاجية.
وتتبني المبادرة أيضاً، ما يطلق علية بالإقتصاد 2.0 ((Economic 2.0، والذي يهتم بالإبتكار والتشريعات، والذي يهدف إلى عمل التشريعات اللازمة والإنظمة واللاوائح الدولية لدعم وتشجيع عمل هذة الإبتكارات بين الدول، لتحقيق نظام اقتصادي يلبي إحتياجات الجميع، في توازن مستدام.
أحد أهم المتحدثين في المبادرة بجانب الروبورت الأنسة صوفيا، هو السيد ماسوشي صن، والذي يعتبر المؤسس لصندوق رؤية سوفت بنك، وأحد أهم المستثمرين في العالم في قطاع التكنولوجيا والإتصالات. خريج جامعة بريكلي الأمريكية بكليفورنيا، إثناء دراسته الجامعية فيها أبتكر جهاز محول كهربائي، وحصل على أول مليون دولار بعد شراء شركة شارب براءة إختراعه، فالتعليم والبيئة المحفزة هما أساس الإبتكارات والإختراعات.
يعرف بإنه رجل من المستقبل، وهي الفكرة التي قام عليها صندوق رؤية سوفت بنك وهي الإستثمار في المستقبل، في المشاريع والشركات الكبرى والخاصة والناشئة (Startup) التي ستدعم المرحلة القادمة من ثورة تكنولوجيا المعلومات، يشارك سوفت بنك بنسبة 25% من القيمة الإجمالية للصندوق وألتي تبلغ 100 مليار دولار، ويشارك صندوق الثروة السيادي السعودي بنسبة 45%، ومجموعة من المستثمرين كصندوق أبوظبي السيادي (مبادلة) بنسبة 15%، وشركة أبل، وأوركل، وكولوكم، وفوكسن تكنولوجي قورب التايوانية، وشارب قورب اليابانية.
في رأيي من المهم معرفة الشركات التي قام صندوق رؤية سوفت بنك بإلاستثمار بها مؤخراً، والذي يعطي فكرة مختصرة عن مستقبل الإستثمار بالعالم، بمعرفة الصناعات والقطاعات التي يستهدفها صندوق سوفت بنك، سواء كان ذلك عن طريق الإستثمار المباشر كشراء حصة من أسهم الشركة، أو عن طريق تمويل الشركات الحديثة أو الناشئة وهو ما يسمى برأس المال الجريء، من بعض أهم هذة الشركات هي كالتالي:
وغيرها الكثير، فجميع الشركات التي كانت في السابق شركات حديثة أو ناشئة، أصبحت اليوم من أحد أهم وأكبر الشركات في العالم، وهذا ما تتطلع إليه رؤية صندوق سوفت بنك، الإستثمار في شركات المستقبل. وأفضل مثال من وقتنا الحاضر على ذلك، هو شركة علي بابا الصينية، والذي كان السيد ماسوشي صن أحد الرواد المستثمرين بها عند ناشئتها، وأستطاع تحويل قيمة رأس ماله الجريء من 20 مليون دولار في عام 2000، إلى 50 بليون دولار في عام 2014، وتستهدف شركة علي بابا الأن إلى توظيف مليون موظف في الصين فقط في السنوات القليلة القادمة. وهذة أحد الأمثلة التي يسعى إلى تحقيقها صندوق الثروة السيادي السعودي مع حلول عام 2030، أتمنى ذلك.
وأخيراً ما أردت قوله، أن مثل هذة المبادرات تتيح لنا جميعاً معرفة الكثير عن الصناعات والقطاعات ألتي يوجه لها أهم المستثمرين في العالم إستثمارتهم، لذلك وجب العمل على التنظيمات والتشريعات اللازمة والمراكز الداعمة لمثل هذة الصناعات والشركات، وإيضاً معرفة السياسات التعليمية والبيئة التي كانت المحرك الرئيسي في بناء وظهورمثل هذة الشركات، وأن نوجه أنفسنا نحوها لكي نكون منتجين لها لا مستهلكين فقط، ونكون من صناع شركات المستقبل.
خاص_الفابيتا