أعلن الأسبوع الماضي عن صفقة استحواذ المجموعة السعودية للأبحاث والنشر على 51% من موقع " ارقام" الاخباري الاقتصادي " وبمبلغ أجمالي قدره 37.5 مليون ريالا.
لتكون بذلك أحدث صفقة استحواذ شهدها النصف الثاني وربما العام الحالي بين المؤسسات الإعلامية وفي محاولة لفهم أبعاد هذه الصفقة نجد انها جاءت بين عملاقين في الصحافة الاقتصادية فموقع ارقام الاخباري يعد الأهم والأقوى خلال العقد الحالي على مستوى المواقع الالكترونية الإخبارية المتخصصة في الجانب الاقتصادي مقارنة بمواقع إخبارية أخرى متخصصة فقد تمكن موقع أرقام خلال السنوات العشر وهي سنوات عمره المديد منذ انطلاقته عام 2007م أن يكون أحد أهم المراجع الإخبارية في الشق الاقتصادي وربما اسرعها في نقل المعلومة الموثقة والدقيقة ناهيك عن حجم الاقبال الإعلاني حصوله على حصة كبيرة من كيكة سوق الإعلان سواء من القطاع الخاص او القطاع الحكومي إلى جانب تميزه في نقل متغيرات السوق المحلي والعالمي في الأسهم والمعادن الثمينة.
وإذا نظرنا إلى الشريك الآخر المجموعة السعودية للأبحاث والنشر وهي عملاق الصحافة الورقية بلا منازع منذ ثلاثين عاما وتميزت بحضورها المهني القوي كصانع للأحداث ومرجع للأخبار ذات المصداقية العالية إضافة إلى انها كانت صاحبة التجربة الأولى في مجال الصحافة المتخصصة من خلال إنشائها لشركة تحمل المسمى النشر المتخصص إضافة إلى انها كانت صاحبة الريادة في إطلاق اول صحيفة اقتصادية متخصصة في العالم العربي تصدر يوميا وبالرغم من حالات عدم التوازن التي شهدتها تجربة صحيفة الاقتصادية بعد ان كانت من أكثر الصحف المتخصصة حضورا في الساحة الصحفية خلال الفترات الماضية فكما هو معروف ان الصحيفة من رئيس تحريرها " الا انه يمكننا القول ان صحيفة الاقتصادية استطاعت ان تحافظ على ثبات تواجدها في الساحة الصحفية اليومية.
وإذا حاولنا الرد على السؤال الذي يتبادر إلى الذهن لماذا تمت عملية الاستحواذ الآن وليس قبل ذلك ولا بعده؟ ولن نخوض في هذا السياق بالقدريات ولكننا سنجاول قراءة الواقع المهني للصحافة المتخصصة والمواقع الإخبارية المتخصصة اليوم لنجد ان الصحافة الاقتصادية المتخصصة لم تعد قادرة على مجاراة وتيرة الأحداث الاقتصادية المتسارعة حتى وان كانت تملك المواقع الالكترونية لها على الشبكة العنكبوتية في حين ان المواقع الإخبارية الالكترونية باتت الأكثر تواصلا والأسرع في الوصول إلى المعلومة وبالتالي أصبحت الأكثر قدرة على مخاطبة سرعة العصر ولذا كان لابد من إيجاد وسيلة تمكن الصحافة الورقية الاقتصادية من إيجاد نافذة لها في عالم الاخبار الالكترونية على المواقع المتخصصة.
ولكن لماذا تجاوب موقع ارقام الاقتصادي مع فكرة الاندماج او الاستحواذ ففي الغالب ان الاستحواذ سيؤدي إلى الاندماج بنفس حصة كل من الشريكين؟ وردا عن السؤال نقول " في ظل المنافسة المحمومة من المواقع الالكترونية الإخبارية المتخصصة أصبحت المنافسة على الحصة الأكبر من الكيكة يواجه العديد من المعوقات والصعوبات لاسيما ان في الغالب مصدر المعلومة يكاد ان يكون موحدا إلى حد كبير مع وجود فرصة لإحراز سبق مهني من هنا او من هناك إلا ان المنافسة القوية باتت تحتاج إلى ملائة مالية كافية تمكن الصحافة الالكترونية من تسجيل قدر أكبر من الحضور الصحفي والاخباري.
ولكن كيف سيكون تأثير هذا الاستحواذ على كل طرف من أطراف الصفقة؟ وكيف ستؤثر على سوق الاعلام الاخباري والمؤسسات الصحفية؟
وللرد عن السؤال الأول نقول ستتيح الصفقة لكل طرف من أطرافها الوصول إلى الأهداف التي يطمح إليها فدون شك سيتمكن موقع ارقام المتألق من مواصلة التألق ولكن بقدرة أكبر واحترافية مهنية اعلى وسيتمكن من استقطاب متابعين ومعلنين جدد كما ستوفر له الغطاء المالي ليتمكن من الانفاق على جوانب تتعلق بتطوير الموقع مهنيا وشكليا وحتى زيادة القوى العاملة.
في حين ستتمكن المجموعة السعودية من خلال الصفقة من تنويع خدماتها الإعلامية من خلال الاعلام الالكتروني الذي سيشكل بكل تأكيد قفزة واسعة في الحضور الإعلامي بما يتماشى مع شركة عملاقة في المجال الإعلامي العربي.
وبالنتيجة يمكننا القول إن الاستحواذ بين العملاقين جاء تلبية لحاجة ملحة لدى كل طرف من أطراف الصفقة وسيكون له الكثير من الآثار الإيجابية التي سيلمها المتلقي السعودي والخليجي والعربي إذ يمكننا القول إنها صفقة الاقتصاد المعرفي بتجلياتها الكاملة وكل ما نتطلع إليه في القادم من الأيام ان تنجح هذه الخطوة الكبيرة ولعلها تكون حافزا إلى قيام استحواذات إعلامية جديدة تسهم في تحقيق الارتقاء في الخدمة الإعلامية وتلبي تطلعات القارئ وفق معايير مهنية عالمية.
خاص_الفابيتا