في عالم الشركات الحديث، مجلس إدارة الشركة المساهمة قليلا ما يتخذ قرارات، بدلا من ذلك، هو يقوم بالإشراف على الإدارة التنفيذية ويمارس رقابة عامة على أعمال الشركة. وهذا يزيد من احتمالية تعرضه للمساءلة في سياق ممارسة دوره الرقابي والإشرافي.
إعلان البنك السعودي الفرنسي يوم الأربعاء الموافق 11/10/2017 على موقع تداول يلفت الانتباه لدور المجلس الرقابي. إذ جاء في الإعلان ما نصه «يعلن مجلس إدارة البنك السعودي الفرنسي أنه بناء إلى ما ورد إليه من معلومات بوجود تجاوزات للصلاحيات الممنوحة لعدد من العمليات الخاصة بحوافز عدد من موظفي البنك...».
رغم أن محتوى الإعلان يثير بعض التساؤلات والاستفهامات، إلا أنه جاء تطبيقا لمتطلبات الإفصاح والشفافية. وأوضح الإعلان أن التجاوزات للصلاحيات الممنوحة حصلت «خلال الأعوام الماضية، ونتج عنه دفعات مالية مخالفة لسياسة برنامج التحفيز المعتمد». الفترة التي وقعت فيها التجاوزات ليست قريبة، كما جاء في الإعلان، وإنما وقعت في فترة بعيدة «خلال الأعوام الماضية»، وهذا يدل على أن وصول المعلومة لمجلس الإدارة استغرق وقتا طويلا.
وصول المعلومات الكاشفة عن التجاوزات لمجلس الإدارة يفهم منه أن هناك نظاما رقابيا داخليا قائما، ولكن هل هو فعال بالقدر الذي يمكن مجلس إدارة البنك من ممارسة دوره الرقابي والإشرافي؟
ألزمت لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن هيئة السوق المالية مجالس إدارات الشركات المساهمة بوضع أنظمة وضوابط للرقابة الداخلية والإشراف عليها. من جانب آخر، أوردت مبادئ حوكمة البنوك الصادرة عن مؤسسة النقد التزامات مشابهة على مجلس الإدارة.
غالبا ما تثار مسؤولية مجلس الإدارة في قضايا التقصير في الرقابة والإشراف نتيجة انخراط موظفي الشركة في أنشطة مخالفة للأنظمة أو اللوائح أو لوائح الشركة الداخلية. وجه التقصير في جانب مجلس الإدارة يتبلور في عدم معرفة مجلس إدارة الشركة بهذه الأنشطة وهو ما يعكس إما انعدام وجود نظام رقابي أو وجود نظام رقابي ولكنه غير كاف. عدم معرفة المجلس عن وقوع المخالفة والتجاوز في الوقت المناسب قد يقود إلى تطور الوضع وتفاقم المخالفة، مما قد يعرض الشركة للمساءلة على حسب طبيعة المخالفة.
من الصعوبة بمكان تقييم النظام الرقابي الموجود في البنك السعودي الفرنسي، ولكن استغراق المعلومات المتعلقة بالتجاوزات وقتا طويلا حتى تصل إلى علم مجلس الإدارة يعتبر مؤشرا بأن النظام الموجود غير كاف بحيث يمكن المجلس من التعامل مع التجاوزات في الوقت المناسب.
أوضح البنك في إعلانه أنه بدأ باتخاذ الإجراءات التصحيحية ويعمل على تلافي هذه التجاوزات مستقبلا. الإجراء الأمثل في مثل هذه الحالات ويجنب البنك التجاوزات مستقبلا هو إيجاد نظام حوكمة متطور ونظام رقابي فعال.
نقلا عن مكة
قد تمثل المشاكل التي ظهرت في البنك الفرنسي راس جبل الجليد فقط لما يحصل في باقي البنوك السعودية من تجاوزات وفساد اداري ومالي.