كان ومازال لمفاوضات صفقة الاستحواذ أو الاندماج بين "بيتك" و "الأهلي المتحد" دور فعال في لفت أنظار وسائل الإعلام الاقتصادية وناشطي وسائل التواصل الإجتماعي المختصون في الأمور المالية، الأمر الذي صنع نوع من التذبذب في حركة السوق الكويتي.
يتمحور تساؤلنا في هذه الضجة الإعلامية حول مدى شرعية تسريب نية البنكين في التفاوض أو دراسة الأمر، بالإضافة إلى إيضاحات الرئيس التنفيذي لـ "بيتك" في صحيفة الأنباء الكويتية حول هذا الأمر: "وأوضح الناهض ان «بيتك» يبحث دائما عن جميع الطرق التي تعظم من ربحية البنك، وكان هناك حديث كثير عن الاندماج معه البنك الأهلي المتحد، وأفصحنا أكثر من مرة بهذا الخصوص أننا ندرس الموضوع فقط ولم يتم أي نوع من انواع الاتفاق حتى الآن، ولكننا نرى أن هذه الخطوة إيجابية جدا اذا تمت بالسعر المناسب، واذا حققت التكامل بين المصرفين المندمجين، ولكن إلى الآن ليس هناك اي جديد بهذا الموضوع."
فالتساؤل الأول، كونها صفقة قيد الدراسة ولم تخضع حتى الآن للفحص النافي للجهالة والإتمام، ما هي سياسة الإفصاح المتبعة هنا؟ وكيف للائحة حوكمة الشركات المعدة من قبل هيئة سوق المال أن تسمح بهذا النوع من تسريب لـ "نية" في صفقة، أو بتصريح رسمي يؤكد هذه النية؟ الأمر الذي لا شك في أنه صنع وسيصنع تأثيرا ملحوظا في القيمة السوقية لهذين البنكين، والذي بدوره قد يجعل الأمر سابقة وبناء عليها تقوم شركات أخرى باستخدام ذات النهج كأداة للتأثير على قيمها السوقية أيضا.
في الخبر نفسه صرح الرئيس التنفيذي بـ "أنه من الصعب الإفصاح عن طبيعة الأصول التي يستهدف «بيتك» التخارج منها بنهاية 2017، حيث تجري حاليا الأطراف المهتمة بشراء هذه الاستثمارات الفحص النافي للجهالة، ولكنه اكد على ان هذه الاصول غير استراتيجية." فالتساؤل الثاني هو، هل سياسة الإفصاح تنطبق بحذافيرها على الأخبار التي تؤثر سلبا فقط على القيمة السوقية للبنك؟ إن كان الجواب بنعم فهذا ازدواج بالمعايير وأمر لا يقبله عقل عاقل. وإن كان بلا فما سبب ذكر الرئيس التنفيذي بأن تلك الأصول غير استراتيجية بالإضافة إلى تأكيده لـ "نية" البنكين في دراسة الصفقة؟
أما تساؤلنا الذي يتمحور حول آراء هؤلاء الذين أشادوا أو عارضوا تلك الصفقة استنتاجا لتحليلهم في مدى جدواها، فأولهم، كيف يتم احتساب جدوى هذه الصفقة للبنكين؟ قبل الدخول في التفاصيل علينا الإدراك بأن لكل بنك ميزانياته المعدة بشكل ربع ونصف سنوي وسنوي بواسطة البنك نفسه، ويتم التدقيق عليها من خلال جهة مستقلة تماما، و "تماما" هنا لا تعتبر بالضرورة مبدئي عدم تضارب المصالح وعدم الانتفاع المشترك، إن وجد. وفي صفقتنا هذه، فور الاتفاق بدراسة الأمر، يخضع البنكان للفحص النافي للجهالة، والذي به يقوم كل طرف بدراسة ميزانيات الطرف الآخر، وإعادة تقييمها وفق معايير يراها الطرف مناسبة له، وتتوافق بشكل كامل مع معايير جهة تقييم مستقلة تماما، و "تماما" هنا "يجب" أن تعتبر مبدئي عدم تضارب المصالح وعدم الانتفاع المشترك بين جهة التدقيق وتلك الأطراف.
ففي هذا الفحص يقوم "الأهلي المتحد" في تقييم وزن "بيتك" في تلك الصفقة، ويرى به أن هذا الوزن غير مجد له إن تعدى "سـ". أما "بيتك" فلن يقبل بصفقة يكون فيها وزنه أدنى من "صـ". وفي الجهة المقابلة يقوم "بيتك" في تقييم وزن "الأهلي المتحد"، ويرى بأن هذا الوزن غير مجد أيضا إن تعدى "جـ". أما "الأهلي المتحد" فلن يقبل بصفقة يكون فيها وزنه أدنى من "هـ". بذلك، يكون وزن "الأهلي المتحد" المجدي والمحقق للمنفعة المشتركة بين الطرفين هو أدنى من "ز" وأعلى من "ح". فإن كان وزن "الأهلي المتحد" أعلى من "ز" فتلك الصفقة فيها تقليل لقيمة استثمارات مستثمري "بيتك"، وقد تكون بها شبهة اختلاس في صالح مستثمري "الأهلي المتحد". والعكس صحيح في حال كان سعر الصفقة أدنى من "ح".
نعود الآن للتساؤل حول آراء هؤلاء الذين أشادوا أو عارضوا تلك الصفقة، كيف لك أن تتخذ موقفا من تلك الصفقة في حين أنه لم يتم الإعلان عن سعرها وشروطها بعد؟! فالمعطيات الاقتصادية غير مكتملة حتى هذه اللحظة. قد تكون هناك دوافع لتسييس هذه الصفقة إما بالدفع أو الإيقاف، ولكن، من اعتمد بها على تحليل اقتصادي فإما أنه لم يدرك أساسيات التقييم والتفاوض بعد، أو يستغفل من كان هناك حد لخلفيته الاقتصادية.
خاص_الفابيتا