الصحف بين الورقي والإلكتروني

30/08/2017 0
د. إبراهيم محمد باداود

لم يعد الإعلام اليوم محصوراً في فئة دون أخرى كما كان في السابق فمع ثورة تكنولوجيا المعلومات وتزايد استخدام شبكة الإنترنت أصبحت المادة الإعلامية في متناول الجميع وبأشكال مختلفة خارج إطار الصحف التقليدية، ولم يقتصر ذلك على المواقع الإلكترونية للصحف الورقية أو الصحف الإلكترونية المختلفة بل ساهمت وسائل التواصل الاجتماعية وبأشكالها المختلفة في توسيع نطاق نشر المادة الإعلامية حتى أصبح بعض الأفراد ومن خلال حساباتهم الشخصية على بعض التطبيقات الإلكترونية يقدمون الأخبار اليومية ويملكون متابعين أكثر مما تطبعه وتوزعه بعض الصحف التقليدية. 

في السابق كانت المنافسة قائمة بين الصحف الورقية المختلفة، أما اليوم فقد اختفت المنافسة بين تلك الصحف التقليدية وأصبحت المنافسة بينهم وبين المواقع الإلكترونية لدرجة أن بعض تلك الصحف أصبح الهم الأكبر لها هو إمكانية الاستمرار والبقاء على قيد الحياة إذ عمدت بعض الصحف العالمية مثل شيكاغو تربيون ومجلة التايم الأمريكية الشهيرة إلى تقليص أرقام التوزيع وإلغاء بعض الوظائف وتسريح بعض الموظفين وتحولت بعض الصحف إلى صحف رقمية في حين توقفت بعض الصحف تمامًا عن الصدور.

قارئ اليوم ليس كقارئ الأمس فنحن نعاصر جيلاً مختلفًا، وبالرغم من توجه القراء الواضح نحو المواقع الإلكترونية للحصول على المعلومات باعتبار أنها مجانية وهي الأسرع في توصيل الخبر ولا توجد حدود لانتشارها وتتوفر لها آلية التخزين والأرشفة الإلكترونية لموادها ولديها سهولة في التفاعل والتواصل مع قرائها وتوفر وسائل مختلفة لتقديم المعلومة كالصورة الجديدة والملف الصوتي ومقطع الفيديو وإمكانية تصحيح إخطائها وتحديثها في كل وقت كما إنها موجودة في الهاتف الجوال باستمرار، إلا أن تلك المواقع الإلكترونية تعاني أيضًا من سلبيات تكمن في صعوبة التدفق النقدي لإيراداتها وعدم وجود رؤية واضحة لمستقبلها وضعف ثقة المعلن فيها وغياب الإطار القانوني عن بعضها وعدم جودة المحتوى باعتباره ينسخ في كثير من الأحيان من مواقع أخرى إضافة إلى الأعطال التقنية التي تحدث فيها وعدم تفرغ كثير من منسوبيها للعمل فيها. 

سيبقى مستوى جودة المادة الإعلامية سواء كانت مطبوعة او إلكترونية أحد أهم العوامل الرئيسة في ترجيج كفة جهة مقابل الجهة الأخرى، فالمادة التي لم تنجح على الورق لن تنجح إلكترونيًا فهناك مقومات أساسية للمادة الإعلامية تكمن في الرؤية والرسالة والمستوى المهني ولا تنحصر فقط في الطباعة أو الموقع الإلكتروني ولذلك يجب على المؤسسات الصحفية اليوم أن تتعامل مع التحديات الحالية بما يساهم في تطوير وتحديث المحتوى والمادة الإعلامية وأن تعاصر التطور التقني الحالي وتعمل على إيجاد آلية للتعايش بين الطباعة الورقية والنسخة الإلكترونية تواكب التحول لدى المعلن والذي يعد المصدر الأساسي لتمويل المؤسسة.

 
نقلا عن المدينة