أثار فضولي نقاش مع صديقٍ قديم عن تقرير يحصي عدد الأثرياء (المعلنين) بالمملكة؛ مما جعل المملكة الأولى عربيا وشرق أوسطيا والتاسع عشر عالميا، حيث يوجد بالمملكة العربية السعودية عشرات الآلاف من رجال وسيدات الأعمال (المليونيرية) و(المليارديرية) بثروات تتجاوز 500 مليار دولار (اللهم زِد وبارك)، وغيرهم ممن يطلق عليهم low profile أيضا، وبلا شك أن جميع رجال وسيدات الأعمال بلا استثناء قد كونوا ثرواتهم أو راكموها من خيرات هذا البلد وباستهداف مجتمعاته وهو أمر طبيعي لا ضير فيه، لكن التساؤل المهم في هذا الشأن هو: هل رد جميع رجال وسيدات الأعمال الجميل للوطن أم لا؟ وما القيمة المضافة لهم؟ خاصة أن ضريبة الدخل قد تُطبق على هذه الفئة قريبا، لذا أقترح في هذه المقالة أن يتم بناء ضريبة الدخل على رجال وسيدات الأعمال بوضع معيار خاص يشمل عدة عناصر منها: التوطين، ريادة الأعمال، الناتج المحلي والمسؤولية الاجتماعية. كي لا تكون الضريبة نسبة ثابتة فحسب.
أولا التوطين: وهو من أهم المعايير التي يجب من خلالها حساب القيمة المضافة لرجال وسيدات الأعمال وما هي نسبة التوطين التي وصلت إليها مشاريعهم وتسببت في ثرواتهم، لذا يجب معرفة كم من الشباب والبنات الذين تم توظيفهم لدى رجل أو سيدة الأعمال مقارنة بحجم الثروة والعمر الاستثماري، كون التوطين يُعد واجبا وطنيا يدعم شباب وبنات الوطن ويعزز الأمن الاجتماعي ويخفف الأعباء المالية على خزينة الدولة أسوة بالدول المتقدمة.
ثانيا ريادة الأعمال: في عام 1997م كادت شركة أبل أن تُفلس إلا أن التبرع السخي من العدو الصديق مايكروسوفت وبمبلغ 150 مليون دولار حال دون ذلك وكان سببا في تفوق شركة أبل لاحقا على مايكروسوفت. هذا حلم في الثقافة الاقتصادية أتمنى أن نصل إليه لكن على الأقل يجب أن يكون دعم ريادة الأعمال أمرا راسخا لدى رجال وسيدات الأعمال، لذا يجب حساب البرامج أو المشاريع التي ساهم بها رجل أو سيدة الأعمال لدعم رياديي الأعمال من شباب أو بنات، الذين بدورهم سيتحولون من باحثي عمل إلى أصحاب عمل وسيساهمون في التخفيف من حدة أزمة البطالة.
ثالثا الناتج المحلي: التجارة آفاقها شاسعة، والصناعة بحر لا ينتهي، ومن الممكن تكوين ثروات من أي منهما، لكن لاقتصاد كل بلد احتياج مختلف من أدوات التجارة والصناعة، وذلك بناء على معطيات عدة، لأن هنالك بعض الاستثمارات ذات العائد الجيد لكنها لا تضيف لاقتصاد البلد ولا لمجتمعه شيئا يذكر، وهما قطاعان معروفان أكلا (الأخضر واليابس)، لذا وجب وضع معيار يحسب القيمة المضافة لاستثمارات رجل أو سيدة الأعمال ومدى مساهمتها في الناتج المحلي GDP بما يتلاءم مع توجهات الدولة دعما لاستقرار ونمو اقتصاد البلد.
رابعا المسؤولية الاجتماعية: تعتبر المساهمة في برامج المسؤولية الاجتماعية أمرا إلزاميا أو شبه إلزامي على رجال وسيدات الاعمال في أمريكا وأوروبا حتى أصبح ذلك ثقافة يُحتذى بها نظرا للآثار الإيجابية التي يتسبب بها القطاع الثالث اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا وأمنيا أيضا، لذا يجب أن يوضع في الحسبان عند حساب معيار ضريبة الدخل، حجم مساهمة رجال وسيدات الأعمال في تبني وإعداد برامج مسؤولية اجتماعية حقيقية لا صورية تسويقية، شريطة أن تسهم في الحد من الظواهر السلبية في المجتمع كالبطالة والسكن والطلاق والسمنة والحوادث ...الخ.
وأخيرا.. لا أعتقد أن كل ما ذُكر أعلاه سيؤثر سلبا على أي رجل أو سيدة أعمال خاصة على المدى البعيد، كون دعم أمن واستقرار اقتصاد أي بلد أمر سيستفيد منه رجال وسيدات الأعمال بشكل مباشر وستزدهر به أعمالهم، وهذا لا ينكر أيضا وجود رجال وسيدات أعمال نبلاء أضافوا للمجتمع الكثير ووقفوا مع الدولة في أحلك الظروف قبل أن يقفوا مع أنفسهم، ولكنهم للأسف أعداد قليلة دون الطموح، لذا يجب أن ينتقل تقييم رجال وسيدات الاعمال إلى مرحلة أخرى ذات عائد لكافة الأطراف أو كما يقول رجال وسيدات الأعمال win win.
نقلا عن اليوم
التوطين كنسبه مايكفي ، ممكن توطن ٥٠ ٪ من الوظايف برواتب و مهن هامشيه . الافضل ربط النسبه بإجمالي راتب الموظفين السعوديين مقابل رواتب الموظفين الآجانب