البقاء للأقوى

03/08/2017 1
بندر السفير

تواجه منشآت القطاع الخاص بالمملكة تحديًا صعبًا خلال عامي ٢٠١٧م - ٢٠١٨م مما قد (يَرُجّ) القطاع بأكمله وتتناثر منه المنشآت الهشّة، فهم مُقبلون على عدة إصلاحات اقتصادية قد تُغيّر خارطة قطاع الأعمال ومواقع ريادييه أيضًا، في فترة قصيرة لا تحتمل رياحها الكثير من المنشآت، وسيتضح ذلك جليًّا حسب تقديري الشخصي في النصف الثاني من عام ٢٠١٨م، فبدءًا بزيادة رسوم رخصة العمل (المقابل المالي) ومرورًا برسوم مرافقي الوافدين إلى «نطاقات» الجديد ومن ثم ضريبة القيمة المُضافة وانتهاءً برفع أسعار الطاقة. لذا فالتوطين لم يعُد خيارًا والاستهلاك يجب أن يخلع ثوب الرفاهية والدعم الحكومي يسير باتجاه توطين المحتوى المحلي ونقل المعرفة فقط، وسترتفع مستويات الخصخصة والتنافسية. لذا فالمسألة تحتاج لرجال مرحلة يستطيعون قيادة زمام أمور هذه الفترة الحساسة من عمر القطاع الخاص والتي تتطلب إدارة فذّة وفكرًا إبداعيًا مما سيعبر بتلك المنشآت لبر الأمان بإذن الله.

فالمقابل المالي (رخصة العمل) والذي يبلغ حاليا ٢٠٠ ريال شهريًا سيرتفع ٣٠٠٪‏، حيث سيُصبِح في يناير ٢٠١٨م ٣٠٠ ريال شهريًا لكل عامل وافد في المنشآت ذات العمالة الأقل من أعداد السعوديين و٤٠٠ ريال شهريًا لكل عامل وافد في المنشآت ذات العمالة الفائضة عن أعداد السعوديين، وتزداد تلك الأرقام إلى ٥٠٠ ريال و٦٠٠ ريال على التوالي عام ٢٠١٩م، وتصبح ٧٠٠ ريال و٨٠٠ ريال على التوالي عام ٢٠٢٠م إلى أن تصبح تكلفة تجديد الإقامة للعامل الوافد بين ٩-١٠ آلاف ريال سنويًّا كي تزداد تكلفته مقابل تكلفة السعودي، لذا لا بديل للمنشآت عن وضع برامج تأهيلية للسعوديين لإحلالهم مكان الوافدين حسب الوظائف المتاحة بالتعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية. والأمر الآخر الذي بدأ تطبيقه مطلع الشهر الماضي وهو رسوم مرافقي الوافدين والذي لا أرى له أثرًا كبيرًا إلا على فئات محدودة من الوافدين في عامي ٢٠١٩م -٢٠٢٠م، حيث تم تحديد مبلغ ١٠٠ ريال شهريا لكل مرافق، تزداد العام المقبل لتصبح ٢٠٠ ريال، ومن ثم ٣٠٠ ريال و٤٠٠ ريال شهريًا عامي ٢٠١٩م و٢٠٢٠م على التوالي مما سيدّر على الدولة مليارات من الريالات وسيخفف الكثير من الضغوطات على البنية التحتية.

وكتحدٍ من نوع آخر سيكشِّر نطاقات الجديد عن أنيابه بتاريخ ١٢ من ذي الحجة القادم، حيث اتسم بمستويات توطين يراها البعض عاطفية والبعض الآخر يرى أنه مُبالغ فيها خاصة أن نطاقات الموزون سيراقب مستويات الرواتب وأعداد الإناث أيضًا، علما بأن أمرًا إستراتيجيًا كالتوطين يجب ربطه بمخرجات التعليم ومستوى تأهيل المواطنين إضافة لتكلفتهم. وفِي يناير ٢٠١٨م أيضا ستبدأ الهيئة العامة للزكاة والدخل بتطبيق ضريبة القيمة المضافة VAT التي تشمل أغلب المنتجات والخدمات حيث (شَمَّرت) هيئة الزكاة عن ساعديها بإصدار عقوبات للتهرّب الضريبي قبل إصدارها اللائحة التنفيذية والتي تُفسِّر هذه الضريبة، لكن على العموم ستضيف هذه الضريبة مليارات للناتج المحلي للدولة. وأخيرًا وليس آخرًا من المتوقع أن ترتفع أسعار الطاقة (الوقود والمياه والكهرباء) في بداية عام ٢٠١٨م لتعزيز مستوى الترشيد الاستهلاكي والذي سيوفّر للدولة عشرات المليارات من الريالات وقد يكون الناقلون هم الخاسر الأكبر من رفع أسعار الطاقة خاصة الوقود.

فما الحل؟ فخفض مستويات الجودة أو الكميات ليس حلًّا خاصة في ظل ازدياد وعي المواطنين ورقابة وزارة التجارة، والتلاعب بالأسعار وتحميل المستهلك النهائي تلك الزيادات لا يعتبر حلا أيضًا لأنه قد يخرجك من المنافسة، والاحتكار أو الاتفاق على تثبيت مستوى أسعار معيّن سيكون له مجلس المنافسة بالمرصاد، لذا لا حل سوى تحمّل المسؤولية بجرأة وثبات والبعد كل البعد عن (البكائيات) كي نستطيع القول لاحقا إن البقاء فعلا للأقوى.

 

نقلا عن اليوم