اليوم ومع تطور التشريعات واللوائح وتوقع دخول منتجات جديدة للصناعة الاستثمارية وإدارة الأصول في المملكة، وخاصة بعد إعلان هيئة السوق المالية في تقريرها السنوي الأخير عن برنامج الريادة المالية 2020 والذي يهدف إلى تعميق السوق المالية وتطوير سوق الصكوك وتعزيز دور الصناديق في تمويل الاقتصاد الوطني، إضافة الى دعم نمو صناعة إدارة الأصول، هذا التطور الهائل خلال السنة الأخيرة يضع الشركات الاستثمارية في سباق لمواكبة التغيرات الحاصلة وحرصها على أن تكون في أول الركب من ناحية حصولها على موافقة أو ترخيص للمنتجات الجديدة ودراسة سلوكيات المستثمرين لصناعة منتجات استثمارية متطورة تواكب التطلعات.
الحل الأسرع لمواكبة هذه التطورات الحاصلة هو من خلال مكاتب الاستشارات المتخصصة في المجال الاستثماري فهي تقوم اليوم بدور كبير حتى أن بعضها يقوم بتسليم ملف المشروع أو المنتج كاملاً بعد مراجعته وتدقيقه وفق اللوائح والتشريعات الصادرة في هذا المجال وبالتالي جاهزية الملف لتسليمه إلى المشرع.
من الخدمات التي تقدمها هذه المكاتب الاستشارية في المجال الاستثماري -على سبيل المثال لا الحصر- بناء نظام حوكمة فعال، مراقبة إدارة المخاطر، تحسين العمليات والخدمات التشغلية، وتقديم النماذج المالية وكتابة الشروط والأحكام أو مراجعة أي منتج استثماري وإعداد ملفه بالكامل قبل تسليمه إلى الجهات المشرعة. وكذلك القيام بدور التفتيش الداخلي على المنشأة للتأكد من التزامها بالتشريعات المالية وتصحيحها وذلك للمطابقة والالتزام بلوائح الجهات المشرعة.
إن الحاجة إلى زيادة الكفاءة والتنظيم والسرعة في تقديم حلول سريعة ومتوافقة مع النظم والتشريعات، إضافة إلى أهمية خلق منشآت متخصصة في الخدمات ذات الأهمية العالية، هي الدافع الرئيسي الذي سيجعل الشركات الاستثمارية تلجأ إلى قطاع مكاتب الاستشارات.
أحد اهم العناصر البشرية أو الذين سيتم استقاطبهم وتوجيههم إلى هذا المجال هم موظفو المطابقة والالتزام نظراً لمعرفتهم الواسعة وخبرتهم الكبيرة في مجال النظم والتشريعات الصادرة من المشرع (هيئة السوق المالية، مؤسسة النقد، وغيرهما) وقدراتهم على تطبيق متطلبات الجهات التشريعية ومعرفة مكامن النقص في أي طلب يتم دراسته. وتجدر الإشارة الى أن أنظمة هيئة السوق المالية تفرض على الشركات تعيين مسؤول مطابقة والتزام، إلا أن كثرة المهام والتي يحتاج بعضها إلى مستوى عالٍ من الخبرة (خاصة مراجعة شروط وأحكام المنتجات الجديدة) يزيد من حاجة الشركات إلى المكاتب الاستشارية في هذا المجال.
أيضاً ومع تطور البيئة التشريعية نلاحظ أن مكاتب الاستشارات المتخصصة بتشريعات ونظم المطابقة والالتزام بدأت بالتزايد والتسويق لخدماتها. فهل سنرى قريباً شركات تقوم بتوظيف مدير مطابقة والتزام من خلال شركات المصدر الخارجي (Outsource) على غرار مدير صندوق من الباطن بتعاقد خارجي؟! وهل ستكون كفاءة المطابقة والالتزام من خلال مكاتب المصدر الخارجي أفضل من الموظفين الذين تم التعاقد معهم مباشرة من الشركة؟ لذلك كل ما سبق استعراضه يعطي مؤشرات قوية باحتمالات زيادة الطلب على مكاتب الاستشارات التي تقدم خدمات التدقيق والمطابقة في مجال الصناعة الاستثمارية وحدوث نمو أعلى، وذلك نظراً لرغبة الشركات الاستثمارية بمواكبة التطور السريع الحاصل خاصة في مجال صناعة الأصول والمنتجات الجديدة.
أختم الحديث بالإشارة إلى أن أهمية المكاتب الاستشارية ستزداد نظراً لعمق دراستها الحالة مع نخبة من أصحاب الخبرة واستفادتها من كل تجربة مع كل عميل مختلف مما يساهم في بناء مخزون معرفي ثمين يساهم في تطوير القطاع والعاملين به.
نقلا عن الرياض