تحدثت فيما سبق عن بدايات الشركة السعودية للائتمان – سمة – وأوضحت ان الاشراف على اعمال الشركة اقل ما يقال عنه انه محدود جدا. ففي حين ترجع الشركة مهنيا إلى مؤسسة النقد العربي السعودي الا ان الشركة بتقديري توسعت في اعمالها وخرجت عن النطاق الأساسي التي أنشئت له.
فقد قامت الشركة بإدراج أكثر من 227 عضوا في سمة مع العلم ان البنوك لا تتعدى 15 وقد ركزت سمة على توسيع قاعدة الاعضاء وبالتالي المعلومات والاستفادة من عدم وجود منافسة حقيقية من اخرين. بل حتى المنافس الوحيد (شركة عبداللطيف جميل) تم تحييده وحصاره في منتجات التمويل الخاصة بشركتهم فقط.
وقصة الاخوة في عبداللطيف جميل جميلة وتستحق الذكر، فهذه المؤسسة الكبرى سبقت البنوك في إدراك أهمية معلومات الائتمان خاصة لتطوير منتجات جديدة تخدم اهداف الشركة وعملائها بشكل متناسب وشخصي.
وأسست جميل اول ديوان ائتمان في المملكة كشركة خاصة بها وقبل سمة لدعم عملياتها التمويلية في السيارات والأجهزة الكهربائية واتفقوا مع اهم موردي الأنظمة التشغيلية (Experian) بعقد حصري في المملكة ولكن ذلك لم يكفي للسيطرة فقوة البنوك ومن وراءها مؤسسة النقد حدت من نمو الشركة الاقدم إضافة الى ان الشركة (جميل) نفسها لم تستطع إيجاد أراض مشتركة مع سمة للتعاون والتوسع في اعمالها فيما اعتبره خطا استراتيجي من قبل جميل.
وانتهى الحال بان تكون شركتهم الائتمانية محدودة بقاعدة عملاء تويوتا ولكزس وغيرها من شركات المجموعة في حين تسارع نمو وتعاظم نهم سمة لتشمل 227 عضوا كثيرا منهم لا علاقة له ابدا في الائتمان مثل المدارس الاهلية! وشركات الاتصالات والمياه والكهرباء لتتحول الى مؤسسة بسلطات شبه حكومية ولكن تملكها البنوك.
وسبب أيراد هذه القصة تبيان مدى الاحتكار الذي تمارسه سمة وملاكها في سوق المعلومات الائتمانية مع ان المشرع يسمح بإنشاء شركات أخرى للمعلومات لائتمان.
وأصبح التحدي الكؤود لكل داخل جديد للسوق مضاعفا ما بين صعوبة الدخول والتأسيس فالبنوك لن تزود القادم الجديد بمعلومات القروض أسوة بسمة، وبين سيطرة الشركة الأقوى في السوق (سمة) التي شملت كل شيء فيه تحصيل مبالغ مالية بغض النظر عن كونه ائتمانا او خدمات بمقابل شهري صغير توقف إذا لم يتم الدفع بغض النظر عن سمة.
ويجادل البعض ان من حق الشركات تحصيل مستحقاتها فهي شركات ربحية وليست خيرية وانا شخصيا اتفق مع هذا الاحتياج تماما. ولكن. أغلب شركات الخدمات مثل الكهرباء والماء والانترنت والاتصالات جميعها تعمل بموجب عقود غالبا لا تجيز للشركة المقدمة للخدمة تقديم معلومات الفواتير خارج الشركة دون موافقة العملاء والمستهلكين. ثم ان كل منها (شركات الخدمات) مبالغ تحصيلها عادة تغطي شهر واحد فقط في حال لم يتم تسديده يتم فصل الخدمة حسب العقد فما الحاجة الى التشهير بالعميل بسبب مبلغ صغير وهو ما قد يكون محط خلاف بين العميل وشركة الخدمات.
وكلنا نتذكر مشكلة الفواتير في شركة الاتصالات السعودية عندما بدلوا نظام الفوترة وصدرت فواتير مغلوطة واعتراض كثير من العملاء الذين في اغلبهم اودعت معلوماتهم في سمة كمتعثرين دون النظر لشكاويهم وهذا نصب سمة كجهة تنفيذية دون حكم قضائي.
وبالإضافة الى الخلل الهيكلي في تسجيل وعرض المعلومات الائتمانية من البنوك (تحدثت عنها في المقال السابق) جراء تحويل الراتب الذي يجعل غالبية المقترضين يبدون عملاء مثاليين في الوفاء بالتزاماتهم الائتمانية والذي سيختلف كثيرا لو كان الراتب لا يحول بلا شك.
وهنا يجب علينا التفريق بين التحصيل وبين المعلومة الائتمانية التي فعلا يبنى عليها أهلية المقترض لقرض جديد. وعليه فان استخدام سمة في هذه الوظيفة (التحصيل) وتقييد مستحقات الخدمات كجزء من المعلومات الائتمانية، من شأنه التشويش على المعلومة الائتمانية بشكل أكبر وبالتالي ضياع الهدف من سمة وامثالها أكثر فأكثر. فسمة شركة للمعلومات الائتمانية وليست للتحصيل أولا وأخيرا.
وتتمحور المشكلة الأساسية في عمل سمة في نقطتين مهمتين:
من يحق له الانضمام لسمة كعضو إيجابي (يعطي ويأخذ معلومات) او سلبي (يأخذ معلومات فقط)؟ ومن يحدد لسمة نطاق اعمالها ونوعية أعضائها وغيرها من أمور استراتيجية مهمة؟ مؤسسة النقد؟ وزارة التجارة؟ مكتب حقوق الانسان؟
هل يجوز لغير صاحب الائتمان الاطلاع على اسرار المواطن المالية والائتمانية والعكس من شركات الخدمات تحت عقود اقل ما يقال عنها انها عقود اذعان؟
عضوية سمة:
ولنعد للوراء قليلا وتحديدا الفترة القريبة من 1996 حيث كانت المؤسسة سمحت للبنوك بإنشاء ما يسمى بالقائمة السوداء للمقترضين. في تلك الاثناء كان أحد البنوك يقوم باستقبال معلومات التعثر فقط من البنوك الأخرى ويدمجها فيما يسمى بالقائمة السوداء ثم إعطائها للمؤسسة لتوزيعها على البنوك على الرغم من عدم موافقة العميل عليها في حينه. ويبدو ان المؤسسة اكتشفت هذه الثغرة القانونية وقررت التخلص من تلك القائمة السوداء الى الابد فدعمت البنوك بإنشاء سمة كبديل محترف.
الكارثة التي ازاحت سمة عن طريقها انها لم تكتف بالبنوك فقط بسبب محدودية الدخل بالطبع! فالأعداد والاستفسارات كانت محدودة جدا والبنوك أصلا لم تستغلها بالشكل المطلوب لأنهم بقوا ينظرون لها كقائمة سوداء فقط لفترة طويل تلت التأسيس. الامر الذي دفع بسمة بإستمراء ادراج أعضاء لا علاقة لهم بالائتمان مثل الاتصالات والمدارس الاهلية والخدمات مثل الكهرباء والماء لزيادة الدخل (25-35 ريال مقابل كل استفسار التي غالبا يدفعها العميل بشكل او باخر) فتضاعفت العمليات من الألوف الى الملايين وكذلك تضاعفت أرباح الشركة وبالتالي ملاكها البنوك.
وهنا يبرز السؤال المهم!
من أعطى الحق لسمة للتوسع بهذا الشكل لتشمل شركات خدمية وليست ائتمانية ولا ترتبط بمؤسسة النقد أصلا للانضمام؟ وهل هناك جهة حكومية تقييم ادراج اعضاء جدد بموجب مواصفات مقننة وموافق عليها من قبل المشرع! وهل يبرر جوع سمة لمزيد من الدخل هذا التوسع على حساب المتاجرة بمعلومات المواطن الائتمانية؟
ماذا عن حق الانسان بالمحافظة على السرية!
حين يصبح موظف في شركة الكهرباء او الاتصالات او المدارس الاهلية او من هب ودب مطلعا على ادق التفاصيل المالية وعن القروض لكل مواطن ومقيم مقابل 25 ريالا !! فهل هذا يمثل تجاوزا لمبدأ السرية المصرفية التي تقرها أنظمة الحكم في المملكة بل وكل دساتير العالم بهذا الصدد.
وهل وافق مجلس الشورى مثلا او مجلس الخبراء في الديوان او مؤسسة النقد العربي السعودي او هيئة حقوق الانسان على مثل هذا التجاوز الصارخ خصوصا ان كل من يقدم بطلب خدمة من أي منهم ملزم بتوقيع عقود الإذعان التي تصيغها الشركات دون موافقة أحد على مبدأ “العقد شريعة المتعاقدين”!
الحقيقة يا سادة ان الجواب على كل السؤالين السابقين هو “لا أحد”!
لا أحد سمح لسمة بضم من لا ينتمي لدائرة الائتمان سوى مجلس المديرين يعني ملاكها البنوك.
كما انه لا أحد سمح لسمة بإفشاء السجل الائتماني سوى شبه موافقة ضمنية في احدى الاتفاقيات التي وقعها العميل دون دراية بحقوقه الائتمانية كإنسان كامل الاهلية والحقوق تحت نظام الحكم في المملكة العربية السعودية.
إلى أين؟
أظنه حان الأوان لتطبيق مبادئ رؤية 2030 واحترام الانسان وحمايته من استغلال أي شخص او شركة. ويكون ذلك بتقسيم اعمال سمة الى أربع شركات:
شركة ائتمان للأفراد
شركة ائتمان الشركات
شركة للتحصيل لشركات الخدمات (وحتى البنوك)
شركة مراقبة الاخطار المالية مثل الشيكات الراجعة ومراقبة ملائة البنوك (بازل-3)
كما أقترح
تأسيس مكتب لحماية حقوق المقترضين ضمن جهاز النيابة العامة ليرتقي بمستوى حماية المواطن من سوء استخدام المعلومات ولتكون بشكل قانوني وعادل عن طريق أشراف حقوقي على اهلية انضمام الاعضاء وعلى ما ينشر من معلومات.
ودعم تأسيس المزيد من الشركات المختصة بالمعلومات الائتمانية تحت قانون موحد يلزم البنوك وأعضاء سمة الحالية بتوفير وتقديم معلوماتها الائتمانية التي تقدمها لسمة لكافة الشركات الائتمانية الجديدة تحت إشراف مؤسسة النقد
طابت ايامكم تحت ظل رؤية المستقبل رؤية 2030 التي تحترم المواطن أولا وقبل كل شيء.
كلام في الصميم من اعطاهم الحق في تبادل معلوماتنا المالية والائتمانية ومن يعطينا يسترد لحقوق المسلوبة والمنقوصة من قبل الشركات والبنوك اين القانون عنهم..... من يدفع تعويضات تلاعب البنوك في ادرج الاسماء في سمة والتاخر في رفعها مما يوفت عليك فرص شراء او استثمار
لا تعرض نفسك للخطأ وكن ملتزما بتسديد حقوق الناس ولن يرد إسمك فى سمة أو غيرها. لقد عانينا طويلا من المماطلة والتسويف وأكل حقوق الناس بالباطل فأهلا وسهلا ومرحبا بسمة وبأى جهة أخرى تؤدى نفس خدماتها.
لو كان هناك نظام قضائي حقيقي لم تجرأت سمة وملاكها البنوك على افشاء اسرار العملاء ولما تجرأت شركات الاتصالات على التلاعب بالمشتركين واكل اموالهم بالباطل. العدل اساس الحكم اتمنى من الامير محمد حفظه الله ان يولي هذا الامر اولوية قصوى.
الذى لا يقوم بتسديد فواتيره ولا يلتزم بدفع المستحقات المترتبة عليه لا يحتاج إلى قضاء بل إلى عقاب. لا يخاف من سمة وغيرها سوى المماطلين والمسوفين وآكلى حقوق الناس بالباطل. كفى عانينا سنوات وسنوات ولولا سمة لأستمر النزيف !
سمة اصبحت تبيع وتشري في حرية الخلق
مقال موفق ،، شكراً
سمة تخضع لنظام المعلومات الائتمانية الصادر من مجلس الوزراء رقم 188 بتاريخ 4/7/1429هـ والمبني على طلب وزير الداخلية عام 25هـ ثم قرار مجلس الشورى عام 28هـ وقد عرف النظام المعلومات الائتمانية بأنها: "المعلومات والبيانات عن المستهلك فيما يتعلق بتعاملاته الائتمانية، مثل: القروض، والشراء بالتقسيط، والإيجار، والبيع الآجل، وبطاقات الائتمان، ومدى التزامه بالسداد من عدمه". وعرف النظام العضو الذي يحق له الانضمام لسمة بأنهم "الجهة الحكومية أو الخاصة التي يربطها عقد لتبادل المعلومات الائتمانية مع شركة واحدة على الأقل من شركات المعلومات الائتمانية"
بناءً على ما ورد عاليه فلا لوم يقع على سمة أو على ساما، وإلقاء اللوم عليهما دون الإشارة للنظام أو للائحته التنفيذية أمر غير حيادي، مع العلم أن مجلس الوزراء قد منح ترخيصاً لشركة أخرى تخضع لنظام المعلومات الائتمانية وقد ترى النور قريباً، انتقاد سمة أو ساما لا يفيد، والأصح هو انتقاد النظام الذي يتئكون عليه مع اقتناعي التام بأهمية عمل سمة وجودته وعدم تأثيره على حقوق الإنسان كما ذكر في المقال