سمة .. مالها وما عليها

16/07/2017 8
يحيى آل بن سليمان

فكرة السجل الائتماني في السعودية حديثة نسبيا مقارنة بدول سبقتنا مثل امريكا واستراليا واوربا واخرين. وعليه فإنها لازالت غير واضحة المعالم على الاقل من ناحية القوانين المحددة لماهو “ائتمان” وماهو غير إئتمان مثل خدمات بمقابل اوماهو تحصيل مدفوعات مالية وغيرها. وفيما يلي من مقالين سألقي بعض الضوء على ماتوفر لي من خبرة ومعرفة بالشركة والنظام المصرفي بهدف نقدي بناء.

وكما هو معروف فلعل من أبرز التغيرات التي حدثت في العقدين الماضيين في النظام المصرفي بقطاع الأفراد كان استحداث البنوك العشرة للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة)، فمن خلال هذه الشركة تمكنت البنوك من تبادل معلومات العملاء فيما بينها كي يأخذ البنك قرارا بمنح ائتمان محدد لعميل تقدم اليه بطلب. كما تمكنت البنوك أيضا ومن خلال هذه الشركة من معرفة السلوك الائتماني لعملائها والتحرز في منح التمويل لأفضل العملاء.

والواقع ان اقدام البنوك على هذه الخطوة في 1998 لم يكن بضغوط من السوق ولا كثرة المنتجات التمويلية ولا صعوبة التحصيل فالبنك دوما وبمباركة (مؤسسة النقد و) الوزارات الحكومية جهات العمل بل وحتى الشركات فلقد سبقها “تحويل الراتب الشهير” والذي بموجبه يجبر العميل على تحويل الراتب كاملا والبدلات ومكافأة نهاية الخدمة الى البنك ويوقع على قبول ذلك مرغما كما يوقع البنك مع جهة العمل اختياريا.

وبالتالي لا يهم البنك كثيرا سلوك العميل الائتماني فراتبه أت والحسم حادث قبل ان يتمكن العميل من باقي ماله. بمعنى يأخذ البنك أولا قسطه ويبقي ما يتبقى للعميل بما يصاحب ذلك من تعسف أحيانا من قبل البنك.

الغريب العجيب ان هذا الترتيب (أقصد تحويل الراتب) ليس مضرا فقط بالعميل بل وحتى بالبنك وبالوطن وبالاقتصاد عموما بل وحتى بسمة نفسها من حيث جودة معلوماتها. فالتحويل يجعل الغالبية العظمى من المقترضين يسددون دوما في الوقت (أي عملاء مثاليين)(spoofing) وهذا غير حقيقي ومخالفا لم يمكن ان يحدث لو كانت الرواتب لا تحول واعتمدت البنوك على سلوك العملاء الائتماني المطلق الذي هو صميم عمل سمة كحد أدنى.

وأغلب الظن ان البنوك أقدمت على هذه الشركة من مبدأ “ونحن أيضا me too” ومن 2002 وحتى الان تطورت اعمال البنوك بكسل شديد فقد فقد السوق زخمه أيام “الطفرة” وفشلت البنوك في خلق منتجات تمويلية للسكن والتعليم والادخار والاستثمار طويل الأمد للأفراد والسبب واضح عدم توفر معلومات ائتمانية موثوقة. ويمكن القول ان البنوك اضاعت فرصا عديدة منها الاسكان والعقار كفرصة ذهبية حين كان الدخل وأسعار العقار بتناسب مقبول بل على النقيض ركزت البنوك على القروض الاستهلاكية ذات الخمس سنوات التي ذهب اغلبها ما بين استهلاك ضائع او سوق أسهم أبتلع أموال صغار المساهمين وحتى كبارهم وحاصصهم البنوك في الأرباح فقط الى درجة ان القروض الاستهلاكية تبلغ حاليا ثلاثة اضعاف القروض السكنية في ظاهرة مفزعة.

والمؤلم ان الوضع لم يتغير كثيرا حتى ساعة كتابة هذه السطور.

موضوع فشل البنوك في عدم لعب دور حقيقي في تحريك عجلة التنمية بشكل عام وتنمية المجتمع وثقافته الائتمانية والادخارية موضوع يطول ويتشعب وقد أتطرق له فيما بعد ولكني سأحصر هذه السطور حول الائتمان والشركة السعودية للائتمان (سمة).

نعود لشركة سمة التي يسيطر عليها(شكلا على الأقل) مجلس مديرين معينين كممثلين للبنوك بالإضافة الى موظف منتدب للمجلس من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي ويرأسه رئيس المجلس ويحضر جلساته ويعد لها محاضرها وجدول اعمالها الرئيس التنفيذي. وهو ترتيب اداري عملي ومحترف عدا انهم في غالبهم ليسوا مقررين نهائيين في مستقبل الشركة فالقرارات تبقى دوما بيد الرئيس التنفيذي لكل بنك ولا يستطيع الممثل (القابل للتغير في أي وقت حسب طلب البنك) احداث تغيير جوهري في مسار او اعمال الشركة وانما مراقبة والحرص على مصالح البنك الذي يمثله بالدرجة الأولى والمحافظة على موارد الشركة ثانيا. حتى موظف المؤسسة فأن تفاعله في الغالب ينحصر في التنسيق اللازم مع المؤسسة لتطبيق النظام. وهذا هو الشخص الوحيد الذي يقترب بتقديري من ما يمكن ان يسمى العضو المحايد “المراقب لأعمال الشركة” وبالتالي يمكنني ان اصف المراقبة على اعمال الشركة قانونيا واجرائيا ليس بأفضل ما يمكن على اقل تقدير.

وللحق فأن سمة حققت قفزات هائلة في ربحيتها وتنوع منتجاتها وعدد أعضائها بل وحتى جودة معلوماتها نسبيا. ويعود الفضل في هذا النجاح الى الرئيس التنفيذي المتميز الأستاذ نبيل المبارك. فبعد فترة تأسيس عاصفة ترأس الشركة موظف معار من بنك ساب آنذاك الأخ الفاضل حمد العمر أستلم الأستاذ نبيل في 2002 فيما اعتقد زمام القيادة واتم مع فريق العمل من مجلس المديرين والموظفين كل اعمال التأسيس الإجرائية والفنية وبداء العمل وكان له الفضل الكبير بعد الله بإن بداء الناس ينسون ما سمي “القائمة السوداء” والتي كانت المؤسسة تتوازعها بين البنوك قبل نشوء سمة.

في سيأتي سأكتب في ملاحظاتي المهنية على نشؤ وسلوك شركة سمة واثرها على المجتمع المصرفي وعلى المواطنين وعلى الاقتصاد وعلى “حقوق الانسان السعودي”