لمحات من القوائم المالية والتقرير السنوي لهيئة سوق المال

03/07/2017 1
صالح على الصبي

يلحظ المتابع وبشكل جلي التسارع المستمر في تطوير وتنظيم وتنويع السوق المالية خصوصا خلال السنتين الماضيتين عن طريق إعلانات وإصدارات وتنظيمات هيئة سوق المال المتكررة والمتلاحقة والتي في المجمل تحمل الكثير من الإيجابية عن أداء الهيئة ومنتجاتها وضبط المخالفات وتجريم المخالفين لمزيد من التنظيم للسوق المالية.

غير أن المؤسف أن يصبح المستثمرون، وللأسف، أكثر حساسية وتشككا في الإيجابية نظراً للإشكالات المتراكمة على السوق المالية نتيجة لضعف منظومة الحوكمة وتعلق الكثير من القضايا التي اكتسبت زخما إعلاميا أو دخلت في إجراءات مطولة امتد بعضها لسنوات كما تم مناقشته في مقالات سابقه كـ لائحة حوكمة الشركات بين التنظير و التطبيق ودور الهيئة في القضاء على التداول بناء على معلومات داخلية.

ولعلنا في هذا المقال أن نسلط الضوء على لمحات من تقرير هيئة سوق المال السنوي لعام 2016م والمنشور على موقع الهيئة من خلال هذا الرابط، مع تركيزنا على ما يتعلق بالإيرادات بشكل خاص.

أهداف هيئة سوق المال وتطلعاتها:

بداية وكجزء من مشاركة هيئة سوق المال في رؤية المملكة 2030 ومشاركتها في برامج التحول الوطني فقد تم مراجعة خطتها الاستراتيجية وتحديد محاور أساسية تحت مسمى برنامج الريادة المالية 2020 لتتلخص فيما يلي:

ويمكن من خلال هذه المحاور فهم توجه الهيئة القوي في دعم وتوسيع سوق نمو، وطرح الصناديق العقارية المتداولة بفترات وجيزة وخطوات متسارعة. إضافة إلى أهمية هيكلة السوق وقطاعاته وعمليات المقاصة فيه لزيادة جاذبية السوق للمستثمر الأجنبي وتفعيل مشاركة المستثمرين عن طريق القنوات الإلكترونية وتبسيط إجراءات عقد الجمعيات العمومية. كما يمكن استقراء خطوات الهيئة القادمة في تحفيز دور الصناديق ودعم سوق الدين والصكوك وإدارة الأصول ورفع مستوى الخدمات والبيانات المتاحة للمستثمرين والأشخاص المرخص لهم.

مصادر الإيرادات للأشخاص المرخص لهم:

ويمكن ملاحظة أن إدارة الأصول تمثل المصدر الأكبر للدخل فيما يخص الأشخاص المرخص لهم، ويتضح هنا سبب الزيادة المطردة في عدد منتجات إدارة الأصول كالصناديق بمختلف أنواعها كونها مصدر ربحي صرف للأشخاص المرخص لهم، بما يتوافق مع أهداف الهيئة في دعم وجود الصناديق ودورها المؤسسي في السوق.

فيما يخص التغيرات في إيرادات المرخص لهم، يمكن ملاحظة:

تابعون لبنوك سعودية: استمرار الزيادة بشكل مطرد في إيرادات الخدمات المصرفية والإيرادات من الاستثمار (8% و5.4% في 2014م).

سعوديون: استمرار تذبذب نسب الإيرادات مع زيادة مطردة بسيطة في الإيرادات من الخدمات المصرفية بالمقارنة مع 2014م.

إقليميون: استمرار الارتفاع الكبير في الإيرادات من إدارة الأصول حيث كانت تمثل 57.7% في 2014م.

دوليون: استمرار الانخفاض الكبير في الإيرادات من التعامل حيث كانت تمثل 59.3% في 2014م.
الأداء المالي لهيئة سوق المال:

وهنا تجدر الإشارة أن الهيئة، وهي المخولة بحماية المستثمرين كما ينص عليها نظامها وتصرح به كمهمة رئيسية لها، تعتبر الغرامات والعقوبات المالية المفروضة على مخالفي أنظمة السوق المالية جزأً أساسياً من إيراداتها كما نصت عليه المادة الثالثة عشر من نظام السوق المالية. وتعد هذه من أكبر المآخذ على الهيئة نظراً لتحمل المستثمرين والشركات الضرر المادي والمعنوي الواقع من المخالفات والبلاغ عنها ومتابعتها مع الهيئة، ومن ثم استئثار الهيئة بمبالغ المخالفات كإيراد دون أدنى اعتبار للحق الخاص للأفراد وإحالتهم لجهات أخرى.

وربما كان من الأولى أن يتم التفريق بين أنواع المخالفات بشكل يقلل الضرر على المتضرر الأساسي (المستثمرين والشركات وأصحاب الشكاوى) بحيث توزع مبالغ هذه المخالفات أو تودع بشكل يضمن المنفعة للمستثمر والسوق الذي تسعى الهيئة لحمايته ودعمه.

بالنظر للقوائم المالية المدققة للهيئة، يمكن ملاحظة ارتفاع الإيرادات إجمالاً بنسبة جاوزت 42% خلال العام المالي 2016م، وخصوصاً فيما يخص الإيرادات المتعلقة بعمولات الهيئة من تداول الأسهم والمخالفات المحصلة من مخالفات أنظمة السوق المالية. وتبدو الزيادة الكبيرة فيما يخص عمولات التداول كنتيجة لقرار مجلس هيئة السوق المالية في نهاية الربع الثاني من 2016م بزيادة حصة الهيئة من عمولات التداول لتصل إلى 4.1 نقطة أساس من قيمة الصفقة المنفذة.
تجدر الملاحظة إلى أنه يتم إثبات إيرادات الهيئة الأخرى وفقا لمبدأ الاستحقاق فيما عدا مخالفات النظام ولوائحه التنفيذية فيتم تسجيلها عند التحصيل وهذا يفسر اختلاف الأرقام الواردة في القائمة أعلاه عن الأرقام الواردة في التقرير السنوي حيث تحتوي الأرقام أعلاه على المخالفات المفروضة في سنوات سابقة و المحصلة خلال العام المالي 2016م. 

كما يمكن ملاحظة أن ما يقارب عن 70% من مصروفات الهيئة ناتج بصورة رئيسية عن مصروفات متعلقة برواتب ومزايا الموظفين، ومع ثبات نسبي في عدد الموظفين، ومع ارتفاع المصروفات المتعلقة في مستوى التأهيل والاستثمار في رفع مستوى كفاءة الموظف وتعليمه.

ويوجد لدى الهيئة احتياطيات نقدية جيدة حيث أنه بحسب المادة الرابعة عشر من نظام السوق المالية، تكون للهيئة ميزانية سنوية مستقلة ويتم تحويل الفائض من الموارد التي تتقاضاها الهيئة، بعد اقتطاع جميع النفقات الجارية والرأسمالية وغيرها من المصروفات التي تحتاجها الهيئة وتحتفظ الهيئة باحتياطي عام يعادل ضعف إجمالي نفقاتها المبينة في ميزانيتها السنوية السابقة.

حيث لاتزال الهيئة تقوم بعملية بناء الاحتياطي العام وبالتالي فلم يتم تحويل الفوائض لوزارة المالية خلال الأعوام المالية من 2014م وارتفع رصيد الاحتياطي بنسبة تقارب 30% من 2014م ويتوقع أن يستمر بناء الاحتياطي خلال العام المالي الحالي مع ظهور تحسن كبير في الإيرادات نظراً لارتفاع العمولات.
ويمكن ملاحظة أن الهيئة تستثمر جزء كبير من فوائضها النقدية في ودائع مالية، دون الإفصاح عن نوعية هذه الودائع وتوزيعها من ناحية المخاطر، وإن كانت العوائد على هذه الودائع دون المستوى المأمول حيث أن عوائدها في الأعوام المالية 2014م و2015م لم تصل إلى 1% وهو أقل بكثير من الحد المعروف في أغلب منتجات الودائع (التجارية أو المرابحة).

وتجدر الإشارة إلى إن نسبة العوائد على الودائع ارتفعت لتصل إلى قريب من 2.45% (32.95 مليون ريال) في 2016م مقارنة بالعام السابق 2015م (10.82 مليون ريال)، لكن قصور الإفصاح يمنع من تحديد أسباب الارتفاع الكبير في عوائد الودائع. وتتمثل الودائع لأجل/تحت الطلب في الأرصدة المدفوعة لدى بنوك محلية لمدد تتراوح بين شهرين إلى تسعة أشهر.
الشكاوى المرفوعة والمسجلة لدى هيئة سوق المال:

أما من ناحية الشكاوى المرفوعة للهيئة فيمكن ملاحظة انخفاضها بشكل عام بنسبة قاربت 17% خلال 2016م، كما يمكن ملاحظة اختلاف عدد الشكاوى بحسب موضوعاتها بما يعكس التغيرات الواقعة على السوق خلال العام المالي.

ولعل الملفت للنظر عند تحليل الشكاوى بحسب المشتكى عليه، انخفاض عدد الشكاوى على الشركات المدرجة بنسبة كبيرة زادت عن 25% مع كونها لاتزال تمثل الحجم الأكبر كما هو متوقع. هذا بالإضافة إلى عودة ارتفاع عدد الشكاوى المرفوعة على هيئة سوق المال لمستوياتها في 2014م وارتفاع كبير أيضاَ فيما يخص الشكاوى على الأفراد.

مبالغ الغرامات المالية المفروضة والمحصلة من المخالفين:

تشكل الغرامات المفروضة على الأفراد غالبية المخالفات المفروضة، لكن من الواضح أن قدرة الهيئة على تحصيل هذه المبالغ غير جيدة وتمر في إجراءات استئناف ونقض مطولة.

حيث ارتفع إجمالي الغرامات المفروضة خلال 2016م ليصل إلى 276.1 مليون ريال بزيادة تقارب 30% عند مقارنته بـ 2015م غير أن نسبة التحصيل انخفضت من 36% (76.5 مليون ريال) في 2015م إلى 29.6% (81.7 مليون ريال) في 2016م، كما ينبغي الإشارة للتحسن الكبير في عملية التحصيل من المستثمرين حيث ارتفعت نسبة المحصل من الغرامات من 6.7% بنهاية 2015م إلى 25% بنهاية 2016م. وفيما يخص المخالفات والعقوبات المفروضة على الشركات والمستثمرين فيمكن تلخيص ما أعلن عنه وما تم تحصيله خلال عام 2016م كما يلي:

ولا شك أن التقرير مليء بالمعلومات المفيدة للمهتمين بالسوق المالية، خصوصاً في ظل ارتفاع مستوى الإفصاح والشفافية في التقرير واعتماد قوائمه المالية من مراجع خارجي. كما أنه مفيد في إيضاح مسيرة السوق المستقبلية واستقراء بعض القرارات لتحقيق أهداف وتطلعات الهيئة.

خاص_الفابيتا