لائحة حوكمة الشركات .. بين التنظير و التطبيق

15/09/2012 0
صالح على الصبي

تختلف أنواع الشركات باختلاف أهداف الشركاء و تطلعاتهم و تهتم أسواق المال بالشركات المساهمة (Joint-stock company) حيث يقسم رأس المال فيها إلى أسهم قابلة للتداول،و يكون لها كيان قانوني مستقل عن حملة أسهمها. أي أن لها شخصية اعتبارية مستقلة عن أصحاب حقوق الملكية و لا يسأل أو يؤثر الشريك في شركة المساهمة إلا بقدر حصته في رأس المال.
عند الحديث عن منظمة ما سواء كانت هادفة أو غير هادفة للربح، فإن الحوكمة تعني إدارة متسقة، وسياسات متماسكة، والتوجيه، والعمليات، واتخاذ القرارات في جزء معين من المسئولية. فعلى سبيل المثال، حوكمة الإدارة على مستوى الشركات قد تنطوي على تطوير السياسات المتعلقة بالخصوصية، وعلى الاستثمار الداخلي، وعلى استخدام البيانات.
و لضبط العملية المالية و التوجهات الإدارية للشركات ظهرت منظومات الحوكمة على نطاقات مختلفة كحوكمة الشركات (Corporate Governance) حيث تنظم طرق اتخاذ القرارت على مستوى الشركة و إدارة العمليات و التصرف بممتلكات و أصول الشركة حمايةً لحقوق المساهمين و أصحاب المصالح. فالحوكمة هي النشاط الذي تقوم به الإدارة فيما يتعلق بالقرارات التي تحدد التوقعات، أو منح السلطة، أو التحقق من الأداء.
صدرت لائحة حوكمة الشركات في السوق السعودية عام 2006 ثم أعقب ذلك تعديل عام 2010. و يمكن الرجوع للائحة الأخيرة في موقع الهيئة للإطلاع. و بحسب أحكام اللائحة اللائحة فإنها استرشادية لبيان المعايير المفضلة للهيئة, إلا ما يتم اقراره كمتطلب إلزامي مثل المادة التاسعة و العاشرة و الثانية عشر و الرابعة عشر و الخامسة عشر.
و قد خلت اللائحة من أي بيان لعقوبة الإخلال بمنظومة الحوكمة و ما قد يترتب عليه من خسائر و أضرار على الملاك و مسؤولية مجلس الإدارة عن ذلك, مما يعرض المستثمرين لأخطار كبيرة تتعلق بسوء الإدارة خصوصاً في ظل توجه الشركات العائلية للتحول إلى شركات مساهمة. فأصبحت محصلة الحوكمة أن يكون لدينا نظام يعاقب المستثمر أو المتداول على أخطاء مجلس الإدارة و سوء تصرفه و هذا و للأسف لا يتسق مع دور الهيئة كجهة منظمة, حيث لا ينبغي أن تتوقف عند الإرشاد و إصدار اللوائح و تحميل المساهمين مسؤولية سوء الإدارة خصوصاً مع توالي المخالفات في النتائج المالية للشركات سواء كانت نتائج ربعية أو نتائج سنوية.
و حين نتأمل المخالفات المرصودة من الهيئة فيما يخص الإخلال بمنظومة الحوكمة خلال السنوات الخمس الأخيرة , نجد أنها في أغلبها سطحية و صورية مع الإخلال بحق المساهمين بعكس ما يفترض, حيث أن جميع المخالفات المحصلة من الشركات كانت بسبب نقص في التقارير المالية و إسقاط لبعض المواد النظامية مثل عدم تحرير مواد الحوكمة المطبقة و الغير مطبقة و أسباب ذلك أو عدم بيان لمهام و قواعد اللجان المختلفة و عدد اجتماعاتها. و لا شك أن لهذا أهمية نسبية, لكنها لا تقارن مع المخالفات الكبرى التي تقوم بها الشركات على النطاق العملي من تجاوزات نظامية لمواد نظام الحوكمة المكتوب و المرفق في التقارير المالية تحت نظر الهيئة و بشكل متتابع في القوائم المالية بل و صل في بعض الحالات أن يحتوي ملاحظات من المراجع المالي فيما يتعلق ببعض المخالفات. فهل يعقل أن تتفرغ الهيئة لتحصيل المخالفات الشكلية, في سبيل الحفاظ على عدالة السوق و ثباته ثم أين دور الهيئة في تطبيقات الحوكمة على الهيئة نفسها في بيان مصرف مثل هذه المخالفات و غيرها و من أين يعود نفعها على مستثمري السوق السعودية.
ملخص المخالفات المرصودة للشركات حسب إعلانات موقع تداول خلال الخمس سنوات الماضية:
• 22 مخالفة بقيمة تزيد عن مليون و 150 ألف ريال سعودي تتعلق بالفقرة (أ) من المادة التاسعة من لائحة حوكمة الشركات، إذ لم يحتوِ تقرير مجلس الإدارة المرفق بالقوائم المالية السنوية للشركة للعام المالي على ما تم تطبيقه من أحكام لائحة حوكمة الشركات والأحكام التي لم تطبق وأسباب ذلك.
• 3 مخالفات بقيمة مجملة 200 ألف ريال تتعلق بالفقرة (ب) من المادة الرابعة عشرة من لائحة حوكمة الشركات، إذ لم تصدر الجمعية العامة للشركة بناءً على اقتراح من مجلس الإدارة قواعد اختيار أعضاء لجنة المراجعة ومدة عضويتهم وأسلوب عمل اللجنة.
• 4 مخالفات بقيمة مجملة 200 ألف ريال تتعلق بالفقرة (و) من المادة التاسعة من لائحة حوكمة الشركات ، إذا لم يحتوِ تقرير مجلس الإدارة المرفق ضمن القوائم المالية السنوية للعام المالي على الغرامة المفروضة على الشركة خلال السنة المالية.
• 3 مخالفات بقيمة مجملة 150 ألف ريال تتعلق بالفقرة (هـ) من المادة الثانية عشر من لائحة حوكمة الشركات، إذ لم تلتزم الشركة بالعدد المحدد من الأعضاء المستقلين عند تكوين مجلس إدارتها المشار إليه في تقرير مجلس ادارة الشركة المرفق بالقوائم المالية السنوية للعام المالي.
• مخالفتان بقيمة مجملة 100 ألف ريال تتعلق بالفقرة ( د) من المادة التاسعة من لائحة حوكمة الشركات، إذ لم يحتوِ تقرير مجلس الإدارة المرفق ضمن القوائم المالية السنوية للشركة للعام على عدد الاجتماعات التي عقدتها كلاً من لجنة المراجعة، ولجنة الترشيحات والمكافآت، واسم رئيس وأعضاء كل من لجنة المراجعة و لجنة الترشيحات والمكافآت.
• مخالفة واحد بقيمة 50 ألف ريال تتعلق بالفقرة (ب) من المادة التاسعة من لائحة حوكمة الشركات، إذ لم يحتوِ تقرير مجلس الإدارة المرفق ضمن القوائم المالية السنوية للعام المالي 2010م على أسماء الشركات المساهمة التي يكون عضو مجلس إدارة الشركة عضواً في مجالس إدارتها .
• مخالفة واحد بقيمة 50 ألف ريال تتعلق بالفقرة (ب) من المادة الخامسة عشرة من لائحة حوكمة الشركات، إذ لم تصدر الجمعية العامة العادية للبنك بناءً على اقتراح من مجلس إدارته قواعد اختيار أعضاء لجنة الترشيحات والمكافآت ومدة عضويتهم وأسلوب عمل اللجنة.
للاطلاع على ملخص المخالفات اضغط هنا
الهيئات الحكومية وضعت في كيان مستقل عن الجهات الحكومية و الوزارية لتقوم بدور ريادي في إرساء عدالة الأسواق المختلفة و حررت من كثير من قيود العمل الحكومي للتوائم مع النمو المطرد في قطاعات الخدمات المالية و الإتصالات و الصحة و السياحة فتكون داعماً من دواعم الإقتصاد, فهل يعقل أن ينتهي دورها إلى تحصيل الرسوم و وضع اللوائح, و أين فائدة الوطن و المواطن من مثل هذه الكيانات؟