بدأت الخطوات العملية لخصخصة عدد من أندية الدرجة الممتازة لكرة القدم، حيث عينت هيئة الرياضة شركة جدوى للاستثمار، وذلك للمشورة بخصخصتها حسب ما نقلت وكالة «رويترز»، وهي المرحلة التي تعد إحدى أبرز خطوات التحول الوطني بقطاع الرياضة، لكن هل ستسير مراحل العمل بهذا الملف بيسر وسهولة أم أن العقبات التنظيمية والمالية ستكون كبيرة جداً وتظهر مدى جاهزية الأندية بل قطاع الرياضة بدوري المحترفين الأول إلى أن يكون رافداً تنموياً حقيقياً خصوصاً بالدور الاجتماعي وليس الاقتصادي فقط؟
تشير التقديرات إلى أن حجم مديونية أندية دوري جميل تقارب مليار ريال، وهو ما يعد إحدى أكبر العقبات التي ستواجه الهيكلة المالية للأندية التي تتصدر قائمة الأكبر مديونية، وهي غالباً التي ستخضع للخصخصة بالمرحلة الأولى، حيث يظهر جلياً أن الأندية التي تعد صاحبة الشعبية الأوسع نطاقاً التي تنافس على البطولات سنوياً هي الأكثر مديونية لأنها تنفق أموالاً طائلة بعقود اللاعبين والتجهيزات الفنية حتى تتمكن من المنافسة، لكنها في ذات الوقت لا تحقق إيرادات كافية لتغطية نفقاتها، بل إن مساهمات أعضاء الشرف تشكل نحو 50 في المائة بالمتوسط من موارد الأندية، مما تسبب بتراكم الديون على مدى سنوات طويلة دون حلول حقيقية ووقفة جادة من هيئة الرياضة أو اتحاد كرة القدم، فالأندية سيتم خصخصتها باعتبارها ملكية حكومية، وإذا كانت الجمعيات العمومية أو أعضاء الشرف هم من يختارون مجالس إدارات الأندية كنوع من تخلي الهيئة واتحاد الكرة عن هذا الدور والاكتفاء باعتماد اختياراتهم، والتدخل بتعيين مجالس الإدارات في حالات نادرة جدًا، إلا أن السؤال لماذا لم تتدخل هذه الجهات المعنية بالشأن الرياضي لمنع تراكم الديون على الأندية؟ وهل يعد ذلك خللاً تنظيمياً أو تراخياً مما يعد تحميلاً لمنشآت حكومية ديوناً دون مبرر أو صلاحيات أو رقابة تمنع هذا الانزلاق الكبير لارتفاع حجم الديون وكذلك المصروفات دون التدقيق بحالة الأندية منذ زمن بعيد؟
فمن سيتحمل سداد هذه الديون؟ وأين مسؤولية مجالس الإدارات المتعاقبة عن هذه الديون وأهمية سداداها قبل رحيلها أو أن توافق الإدارة الجديدة لأي نادٍ على تحمل سداد تلك الديون مع التزامات تكون واضحة ومحددة بهذا الشأن؟ وإذا كان الحديث بهذا الشأن قد تأخر كون الأندية متجهة للخصخصة إلا أن تحميل الأندية مديونيات من إدارات متعاقبة دون أن يلتزموا بسدادها أو أن يكون هناك إعفاء نظامي من تحمل المديونيات كون تغطية المصاريف من مهام الإدارة دون محاسبتها على كيفية توفير الموارد المطلوبة لتغطية النفقات، لكن ما يذكر فقط هو ما حصدته إدارات الأندية من مكاسب قد تكون ذاتية أي أن تنسب لهم النجاحات بتحقيق بطولات أو بعض المصالح الضيقة لأعمالهم الخاصة، لكن هل نجحوا بتعزيز قوة هذه الأندية مالياً؟ فالقضايا التي نسمع عنها ضد الأندية، وغالبها لأسباب مالية، مثل تأخر سداد عقود اللاعبين أو مرتباتهم التي تعد بالعشرات ووصل بعضها إلى محكمة الفيفا، وتشكل حالياً ضغوط متعددة على بعض الأندية، حيث يمتد عمر بعض القضايا إلى سنوات طويلة دون حل وكانت بفترة إدارات سابقة دون أن يتحملوا أدنى مسؤولية كما يلاحظ إلى الآن عن تلك القضايا وتبعاتها فما هو ذنب الأندية وجماهيرها أن يفاجئوا بواقع مالي ضعيف جدًا لأنديتهم قد يحيلها لمتعثرة أو يبخسها قيمتها عند خصخصتها.
فهل ستكون تلك الديون جزءًا من مقايضة بمنح أسهم للدائنين؟ مما يضعف جدوى الخصخصة لتظهر ملكيات متعددة غير متجانسة قد لا تكون متوافقة بطرق إدارة النادي ويضعف تنافسيتها بل قد يؤثر على بقائها بأندية الدرجة الممتازة؟ أم هل سيتم شراء تلك الديون أو سدادها كجزء من صفقة البيع للأندية؟ لكن ذلك سيصطدم بنقطة نظام كيف سيتم احتساب الديون على الأندية وهي من عمل إدارات مكلفة بإدارتها بينما الملكية حكومية للأندية فمن خولهم حكومياً بما يسمح بتحمل ديون دون مردود حقيقي يرفع من إيرادات الأندية.
خصخصة الأندية ماضية بطريقها لكن هيكلتها ليست بالأمر اليسير وهناك نقاط نظام عديدة تطرح نفسها بمسؤولية إدارات الأندية لسداد وتحمل تلك الديون أم أنها ستعالج بطريقة لا تبخس الأندية قيمتها، فلا يمكن القبول بأن تتحمل الأندية تبعات تلك الديون، بينما سجل الإنجاز لإدارات رحلت وخلفت وراءها واقعاً مالياً صعباً سيكون له آثار وتبعات قاسية لا يمكن توقعها.
نقلا عن الجزيرة
كل المديونيات ستختفي وستدخل الاندية في عمليات تجميل وشد وجه ثم تطرح للاكتتاب وبعدها تختفي المساحيق ويترهل الوجه ويقوم المكتتبين بعمليات شفط الديون المتراكمة الوضع اصبح ظاهرة