هل ظلم المعجل اعلاميا؟

29/12/2016 12
سعيد معيض

لا زالت شركة محمد المعجل المساهمة والتي تم ايقافها منذ سنوات حديث المجتمع، ووسائل الاعلام الحديث، حيث كان ايقافها كما يعلم الجميع نتيجة تجاوز خسائرها المتراكمة 75% ثم استمرت في تحقيق الخسائر بعد الايقاف والتي وصلت حاليا إلى حوالي 300% من رأس المال ولم تستطع الشركة من تحسين اعمالها وخفض خسائرها نتيجة صعوبات يعرفها المتابعون.

لاحظت منذ ايقافها اتهامات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمجلس ادارتها السابق تحمل سوء ظن، واتهامات بسرقة الشركة الى غير ذلك من الاتهامات، ولهذا قررت ان اغوص في بيانات الشركة التي لم تلق اهتماما من المتابعين وحتى المسئولين بعد ان تكون نتيجة الحملة المكثفة رأي واحد في اتجاه واحد فقط ، دون الاخذ في الاعتبار أن" المتهم برئ حتى تثبت ادانته" ومن هنا كان هذا المقال الذي احاول ان يكون موضوعيا، والذي يحمل نقاط  وملاحظات قد تبرئ مجلس الادارة السابق من التهم الموجهة له خصوصا أن الاتهامات لم تنظر إلى الجهات الاخرى بعين الاعتبار، ودون الاستناد إلى حقائق مادية  للإدانة , والمتمعن في مبررات الادانة يجدها لا تتعدى ظنون وشبهات.

من هنا ومن منطلق امانة الكلمة اردت ان اشير الى بعض النقاط التي غابت أو غيبت عن المنتقدين على الرغم  ان الموضوع طويل ويحتاج الى تفصيل وأدلة مادية  لكنها اشارات للفت الانتباه فقط، علما انني لست في موقع المدافع عن المعجل ومجلس الادارة السابق، ولا تربطني به أو هذه الشركة أي علاقة، ولكن توخيا للأمانة والموضوعية اشير إلى عدد من النقاط التي غابت عن المنتقدين فيما يلي:

- لا يوجد مجلس ادارة لشركة في العالم يسعى او يتمنى خسارة شركته، وكل الشركات كما انها تنمو وتربح وتتطور فهي ايضا معرضة للخسارة وربما التصفية، لأسباب مختلفة.

- شركة مجموعة المعجل تحمل اسم عائلة تجارية مهمة، ولهذا فخسارتها ليست في صالح الأسرة وتشويها سمعتها لدى المساهمين، وهذا عامل اجتماعي مهم اصافة الى العامل التجاري، اضافة إلى ذلك فلو حققت الشركة ارباح واستمرت في نموها لكان اولى المستفيدين عادل المعجل باعتباره يملك اكثر من 50% من اسهم الشركة , ولتضاعف الارباح من خلال التوزيعات النقدية او بيع الاسهم في السوق.

- يحسب لرئيسها السابق تملكه في الشركة بنسبة تزيد عن 50%، ولم يبع اسهمه حتى الان كما فعل كثير من المؤسسين في شركات أخرى، حتى بعد تراجع أو تدهور نتائجها قبيل ايقافها ,رغم علمه بوضع الشركة قبل غيره بحكم موقعه في الشركة، وكان من الممكن ان يتخارج من شركته، ولهذا فهو حاليا يعد أكبر خاسر وأكبر متضرر من الخسائر المتواصلة للشركة، وتآكل رأس مالها.

- من اكتتب في الشركة عند طرحها عام 2008م فخسارته يسيرة وغير مؤثرة نظرا لقلة التخصيص نظرا للإقبال الكبير على الاكتتاب في حينه كما هو الحال في بقية الاكتتابات انذاك، والمتأثرون هم من اشترى في الشركة من السوق خصوصا في آخر سنة قبل الايقاف رغم أن الشركة تنشر نتائجها باستمرار، وتعلن عن تطورات وضع الشركة بما يمكن المستثمرين من اتخاذ القرار الصحيح، ولهذا فالمشتري في كل اسواق المال بالعالم هو المسئول عن قراره ومغامرته بالشراء في شركة خاسرة، إلا اذا اخفت الشركة بيانات مهمة عن المساهمين قبل الايقاف , وهذا حسب علمي لم يحدث فقد اعلنت الشركة عن تطورات اعمالها.

- قبل الاكتتاب وبعد الطرح كانت الشركة ناجحة وتحقق ارباح قوية، ووزعت ارباح ومنحت اسهم، ووصل سعرها الاعلى الى 90 ريال، أي فوق سعر الاكتتاب ب 20 ريال، وبما ان نسبة كبيرة من المكتتبين يبيعون في الاشهر الاولى من الطرح فلا تأثير على اغلب من اكتتب في هذه الشركة، كما ان هناك من بيوت الخبرة من اوصى على الشركة من واقع نتائجها المالية في السنوات الاولى من الطرح.

- استمرت الشركة في التداول منذ طرحها حوالي اربع سنوات وعدة اشهر , وهي فترة طويلة في عمر الشركات لتنمو وتتطور أو تنكمش وتضمحل , حسب الظروف المحيطة بأعمال الشركة.

- بالعودة الى بيانات الشركة حول اسباب الخسارة نجد انها بشكل رئيسي حسب بيانات الشركة تعود الى زيادة تكاليف المشاريع عن الموازنات المعتمدة، وعن ضعف التحصيل، ثم صعوبات التمويل بسبب وضع الشركة المالي مما ادى الى تعثر اعمال الشركة، وهذا من الممكن حدوثه حتى في اقوى الشركات، وقد لاحظنا ذلك في شركات مقاولات عملاقة في المملكة العامين الاخيرين بعد تأثر اعمالها بخطط التقليص الحكومي وغير الحكومي، أي أن هناك اسبابا منطقية لخسارة الشركة غير ما يعتقده كثيرون من الفساد في الشركة، مثل عدم التقديرات الصحيحة لقيمة المشروعات، والمغامرة في الاستحواذ على شركات جديدة دون الدراسة الكاملة للجدوى، وعدم دفع المستحقات للشركة عن المشاريع المنفذة بشكل كلي او جزئي لدى الجهات الحكومية أو الخاصة وغيرها من الاسباب.

- بالنظر الى قرار لجنة المنازعات بالحكم ان سعر الاكتتاب المستحق هو 18 ريال وبالتالي دفع الفرق بين سعر الاكتتاب المنفذ وسعر الاكتتاب المستحق، فإنني الحظ فيه ملاحظة شرعية ونظامية وهو ان "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" وقد تم البيع منذ عام 2008م ولم يطالب أحد بإرجاع الفرق آنذاك وبالتالي ثبت البيع، وقد يقول قائل البيع باطل بحكم ظهور عيب في السلعة، ونقول في حال وجود عيب في السلعة فمن المفترض أن الذي يتحملها رسميا جهات الاكتتاب ومدير الاكتتاب والمتعهد بالتغطية وهيئة السوق المالية،  ومن له علاقة بالطرح بحكم أن من أهم مهامهم تحديد السعر الرسمي للطرح حسب سجلات الشركة ونتائجها المالية ووضع السوق وقت الطرح الى غير ذلك , وبالتالي المسؤولية تقع عليهم نظاميا.

- في حال اقرار هذا المبدأ على المعجل بأن الطرح كان بعلاوة اصدار مبالغ فيها، ويجب اعادة الفارق فإن من العدل أن يتم دراسة جميع الشركات التي طرحت للاكتتاب منذ عام 2005، ويعلم الجميع أن الغالبية الساحقة طرحت بعلاوة اصدار مبالغة، ومن ثم يعاد الفارق بين السعر العادل وسعر الاكتتاب الى المكتتبين" دار الاركان مثلا طرحت بسعر 56 ريال والآن بحوالي ستة ريال" والأمثلة تطول بما فيها شركات طرحت عام 2016، لكن المجال لا يتسع لذكرها هنا.

هذه أهم النقاط التي يجب أخذها في الحسبان عند تناول هذه القضية , وأهم ما يجب التأكيد عليه حسب ما يظهر لنا – والله اعلم – أن ما حدث بسبب ظروف وعوامل خارجة عن إرادة مجلس ادارة مجموعة المعجل وليست عن سابق إصرار وترصد , والتي قد تحدث في كثير من الشركات.

وختاما أرى أن الحل العادل لمسألة موضوع مجموعة المعجل هو في تكوين لجنة تحكيم تقرها الحكومة على غرار لجنة التحكيم في القضية المرفوعة من موبايلي ضد زين، ويمكن لهذه اللجنة الاستعانة بشرعيين وقانونين ومحققين ومحاسبين إلى غير ذلك بحيث يكون الجميع امام هذه اللجنة سواسية بما فيهم اعضاء مجلس ادارة المعجل وهيئة السوق المالية ومدير الاكتتاب والبنوك ذات العلاقة بالاكتتاب إلى غير ذلك.

والله من وراء القصد.

خاص_الفابيتا