بعد الإعلان عن برنامج التوازن المالي ظهرت تحديات عديدة تحتاج لإجابات من وزارة التجارة والاستثمار حول قدرة القطاع الخاص على التكيُّف مع التغيرات الجوهرية التي ستحدث بتكاليف الإنتاج والتشغيل ارتفاعاً حيث سيتم تحرير أسعار الطاقة بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الأيدي العاملة الوافدة مما يتطلب تحركاً سريعاً من المنشآت لرفع جودة كفاءة التشغيل وتقليص التكاليف بالوسائل الحديثة التي تتبعها الاقتصاديات المتقدمة.
إلا أن الوصول لتشغيل أفضل بالقطاع الخاص ليس من السهل تحقيقه على كافة المنشآت بنفس المستوى الذي يسمح ليس فقط لاستيعاب ارتفاع تكاليف التشغيل إنما لرفع مستوى التنافسية الحقيقية الصحية، ولذلك يبرز دور مهم جداً ورئيس ومحوري «لوزارة التجارة والاستثمار» للوقوف على واقع تفاصيل التكاليف لدى مختلف الأنشطة بالقطاع الخاص حتى يتم تقييمها والعمل على تقديم الحلول والعون والمساندة خصوصاً للمنشآت الصغيرة والمتوسطة القائمة حالياً للحفاظ عليها ودعمها وذلك بتقديم الحلول وأيضاً تقييم الآثار المترتبة على ارتفاع التكاليف لكي يتم إما معالجتها وتوضيح الواقع لبقية الجهات الحكومية حتى يكون هناك خطط شاملة لمساندة ودعم القطاع الخاص لعبور هذه المرحلة الانتقالية المهمة، ولا بد من أن تشارك الوزارة في ذلك.
«الغرف التجارية» التي تُعد بيت القطاع الخاص وحلقة الوصل بينه وبين القطاع العام، فالمرحلة الحالية تتطلب عملاً مختلفاً لوزارة التجارة ومعها مجالس الغرف لمساندة المنشآت وتقديم الدعم الفني والتقني كي تتمكن من تحسين تكاليف التشغيل واستيعاب ارتفاعها خلال السنوات الأربع القادمة.
فالقطاع الخاص اعتاد على دعم وتحفيز لسنوات طويلة قادمة من رخص أسعار الطاقة مما ساهم بتعظيم أرباحه وبنفس الوقت التراخي بتطوير أساليب الإدارة ورفع كفاءة التشغيل وقلل من تنافسيتها لأنه بنسبة معقولة تخدر بالربح السهل والمضمون، فرخص الطاقة هي أرباح مجانية عند مقارنتها بالمنشآت في دول الخليج إذا أردنا أن نأخذ مقارنة مقبولة وكذلك مع أي منشآت سواء بمجموعة العشرين أو بالشرق الأوسط، وشكَّلت أسعار الطاقة مع الإنفاق الحكومي الضخم أساسيات ارتفاع الأرباح واستمرارية التشغيل المربح واليسير والذي كان معروفاً أنه لن يستمر لانتهاء الحاجة لضخ مشاريع بنفس الكم مستقبلاً من قبل الحكومة التي أنفقت 1.7 تريليون بآخر عشر سنوات على المشاريع الجديدة وأيضاً لا يمكن إبقاء أسعار الطاقة بنفس المستوى فالحديث عن «إعادة توزيع الدعم «ليصل لمستحقيه ليس جديداً بل منذ سنوات حتى يحقق أهدافه المنشودة وكان يفترض الاستعداد لذلك من وقت مبكر من قبل القطاع الخاص، لكن بالمقابل فإن أحد الأدوار الرئيسة للوصول بالقطاع الخاص لكفاءة أعلى بالتشغيل وامتصاص الصدمات يقع على عاتق وزارة التجارة ومعها مجالس الغرف.
صحيح أن برنامج التوازن المالي أخذ بعين الاعتبار دعم ومساندة القطاع الخاص ووضع برامج تحفز على تطوير التشغيل واستيعاب ارتفاع أسعار الطاقة، إلا أن ذلك يحتاج إلى «خطة عمل أشبه بخارطة طريق» تقدم للقطاع الخاص من مراكز تمتلك كفاءات وخبرات تتعامل مع احتياج القطاع الخاص ومنشآته لتطوير النهج الإداري والتشغيلي لأن من شأن ذلك أن يحافظ على منشآت القطاع الخاص وينقلها لتكون المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي كما جاء بالرؤية وكذلك بمبادرات برنامج التحول وبرنامج التوازن المالي.
نقلا عن الجزيرة