قراءة لدورمصر في سوريا

08/12/2016 10
فواز حمد الفواز

ولدت الثورة السورية في ظروف صعبة دوليا و إقليميا في ظل حالة سورية غير عادية كدولة وكحكومة. الدولة السورية ولدت بجروح كثيرة فهي مبتورة من سوريا الكبرى ولكن سوريه الكبرى أيضاً فكرة لم توجد اصلا الا في الوجدان اكثر منها في ارض الواقع السياسي ومركزية الحكم لفترة معتبرة.

وكحكومة في العمر القصير لها من ناحية واختطافها من أقلية بقوة السلاح وسوء الأداء في العقود الاربعة الماضية ولعلها في هذه الجزئية لا تختلف كثيرا عن بقية دول المنطقة. 

الظرف الإقليمي بعد تدمير العراق خلق وضع جديد يصعب ان تنجح فيه الثورة دون قوة مضادة دوليا وإقليميا وهذا لم يتحقق، ولذلك لم تنجح الثورة خاصة ان النظام استطاع تصويرها على انها حرب أهلية مما أفقدها جزء من الزخم المعنوي.

تذكر الدراسات ان الحروب الاهلية عادة تستمر بين ثلاث الى سبع سنوات وحوالي الثلثين تنتهي بانتصار الحكومات وهذا ما يبدو انه يحدث في سوريا. يبدو ان النظام سوف يسيطر على سوريا عدى الجزء الكردي حيث هناك دعم غربي غير عادي سوف يؤثر على تركيا وهذا وضع اخر.

هذا الانتصار للنظام يأتي  لحساب الحالة الطائفية مقابل الحالة العربية. نظرا للاستطفاف الإقليمي  حيث اخذت المملكة  والكثير من الدول العربية الجانب الاخلاقي من حيث دعم الغالبية في سوريا الا ان نتائج الواقع السياسي جات بانتصار الظالم.

ولكن السياسة ليست احيانا تحدد بالمواقف الأخلاقية. بالرغم من محدودية دور مصر بسبب القصور المصري في الأداء الداخلي وانشغالها بالشأن الاقتصادي الذي لم تجيده الا ان لمصر دور مهم سياسيا بسبب الحجم من ناحية والعلاقة التاريخية بين مصر وسوريا كحقائق جغرافية بعيدا عن التجاذبات السياسية العابرة في عمر السياسة القصير.

جاء في بالي هذا البعد على اثر قراءة كتاب طبع في 1902 (سيرة القاهرة للكاتب الايرلندي ستانلي ليبول) والذى نوه عابرا بما هو معروف عن الغزوات لمصر والشام تمر بالعلاقة بين ارض سوريا الحالية ومصر بالاتجاهين منذ آلاف السنين.

بعد الفتح الاسلامي للشام لم يحدث تقدم عسكري من الجزيرة العربية باتجاه سوريا و لكن حدث توجهات مصرية كثيرة نحو سوريا والعكس. يقول زعيم الصين ماوتسيتونق ان السياسة تتغير و لكن الجغرافيا لا تتغير وهذا مثال صارخ على هذه الحقيقة.

وفي ظل ما حدث سوريا اليوم ليست مستقلة فهي بين احتلاليين بدرجات متفاوتة ومختلفة الأغراض من قبل روسيا وايران. الاول في غالبة جويوسياسي والثاني سياسي/اقتصادي واهتمام خاص بالسكاني والبشري.

من هذا المنطلق هناك غياب عربي لافت يصعب ان تجد دور بديل عن مصر في ظل غياب المملكة وحتى تركيا.

دخول مصر على الخط بالرغم من جروحها المثقلة الا انها سوف تساعد في مناكفة التواجد الفارسي لحساب البعد العربي. في البداية الكفة غير راجحه للبعد العربي ولكن لابد من التواجد. فهناك جالية سوريه معتبرة في مصر وهناك ملايين السوريين الغير قابلين ان تكون سوريه أداة لإيران، بل لعل بعض اعضاء النخبة السورية قد لا تستسيغ دور شمولي لإيران بعد الحرب. تنمية دور لمصر يعطي البعد العربي قدم اوليه لاسترجاع سوريه الى محيطها العربي بوسائل اخرى.

لابد من التفريق بين السياسة كألاعيب كر وفر وبين الأبعاد الاستراتيجية والمرونة في قراءة الأوضاع. تواجه ايران تحديات كبيرة لأسباب كثيرة منها تكلفة النزعة التوسعية والقوى المضادة التي سوف تنتج عنها ولذلك سوف تتغير الظروف ولذلك لابد من السعي للتغيير والتهيئة له تدريجيا.

علمتنا احداث المنطقة ان الفرص الاستراتيجية والمرونة ضرورية للتعامل مع المستجدات، فالمنطقة تواجه الكثير من عوامل التغيير ولذلك لابد من المرونة و الشمولية  في التفكير بما يكفل استغلال كل فرصه للنفاذ وتراكم النجاحات.