لم يكن البيان الصادر من الاجتماع الأخير لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بياناً تقليدياً عاماً، بل كان بياناً تفصيلياً يختلف عن كثير من البيانات السابقة، حيث أشار إلى ضرورة الانتهاء من الإجراءات اللازمة لإتمام دفع المبالغ المستحقة على الخزينة العامة للدولة للقطاع الخاص، والتي تأخَّر استكمال تسويتها نظراً للتراجع الحاد في الإيرادات البترولية، ولم يكتفِ البيان بذلك، بل أعلن عن إطلاق منصة إلكترونية لأتمتة إجراءات صرف المستحقات والحرص على تحقيق أعلى درجات الشفافية فيها، إذ تُمثِّل هذه المنصة أداة لتوفير المعلومات الدقيقة حول المصروفات العامة.
منذ بداية العام كانت هناك أزمة لدى عدد من شركات القطاع الخاص تتلخَّص في تأخُّر تسوية مستحقات بعض المشروعات من الخزينة العامة للدولة، مما حدا بهذه الشركات إلى تخفيض مصروفاتها، وانكماش بعض الأنشطة لديها.
القطاع الخاص هو الشريك الإستراتيجي للدولة، وتحرص الدولة على رفع مساهمته في الناتج المحلي من 40% إلى 65% بحلول عام 2030، لذلك فإن قيام المجلس بإنهاء الإجراءات اللازمة لإتمام دفع المبالغ المستحقة للقطاع الخاص على الخزينة العامة للدولة، ومراجعة الصرف على عدد من المشروعات، وإعادة ترتيب أولويات الصرف وفق الأثر والكفاءة، من شأنها أن تُنعش هذا القطاع من جديد، وتُجدِّد الثقة ليس فيه فقط، بل وفي الاقتصاد المحلي بشكلٍ عام.
من إيجابيات ذلك البيان أنه تحدَّث أيضًا وبشكلٍ مباشر عن كفاءة الإنفاق الحكومي والمعايير الخاصة بها والوفورات التي حققتها الأوامر والقرارات الصادرة بإعادة هيكلة بعض القطاعات الحكومية، والتي وصلت إلى عشرات المليارات، إضافة إلى وقف التعاقد على تنفيذ عدد كبير من المشروعات التي لا يتناسب حجم الإنفاق عليها مع العائد الاقتصادي والتنموي المرجو منها، ولا تسهم بفعالية في دعم النمو الاقتصادي أو تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وكانت ستصل قيمة الالتزام بتنفيذ تلك المشروعات التي لم تتعاقد عليها الجهات الحكومية إلى تريليون ريال.
وفورات مالية ضخمة حقَّقتها تلك المراجعات للعقود والإجراءات، ولو قامت (نزاهة) بدور مُشابه لتلك المراجعات، فأنا على ثقة بأنها ستتمكن من وضع يدها على عقودٍ عديدة مُشابهة، وستتمكن من تحقيق وفورات مادية ضخمة أيضاً، ولو أضفنا ذلك إلى إجراءات الترشيد التي تمت وإجراءات تنويع مصادر الدخل للدولة، سواء من خلال رفع أسعار بعض الخدمات العامة أو غيرها من المبادرات الجديدة، فأنا على ثقة بأن اقتصادنا سيكون اقتصادا نموذجياً، وسيُحقِّق نتائج إيجابية، بل ونموذجية مستقبلاً.
نقلا عن اليوم
هل كان شرط الدولة فى عقودها مع هذه الشركات أن يتم تأخير دفع مستحقاتها إذا ماتراجع دخل الإيرادت البترولية !!!!!؟