التركيز الخاطئ : FDI

12/10/2016 2
فواز حمد الفواز

احد معالم الطريق الجديد اقتصاديا يتمثل في عمل كل ما يلزم للتهيئة للاستثمار المباشر. لن تجد اقتصادي او غير اقتصادي الا وينادي بالاستثمار المباشر وخاصة الأجنبي المباشر (FDI).

ولذلك تجدنا أسسنا هيئة الاستثمار العامة و امتد استشعار الحالة و الحرص الى ان أضفنا الاستثمار الى اسم وزارة التجارة.

تعقد الندوات ونوظف الخبراء ونختار خيرة شبابنا وشباتنا السعوديين للعمل على هذه المهمة بالرغم من تكلفتها العالية من ناحية و نقص التفكير الحقيقي حول الموضوع. أنا مع الاستثمار بجميع أنواعه دون تحفظ، فالاستثمارات مادة النمو الاقتصادي و لكن الخلاف حول الاستثمار الأجنبي المباشر وارهاصاته التي سوف نأتي عليها تباعا.

وحتى أنا أيضاً ارحب ب FDI  من خلال دورها في نقص اي عجز استثماري و دورها في نقل المعرفة والترابط مع الشركات العالمية في سلسلة الامداد احد سمات العصر الاقتصادي. ولكن مراجعه سريعة تقودني للقول اننا نبحث في الوقت و المرحلة الخطأ.

هذا الاهتمام منصب في المرحلة الخطأ وبتكلفة عالية لان هناك علاقه عكسية بين الحاجة الماسة للاستثمار الأجنبي وبين كفاءة الادارة الاقتصادية من ناحية اخرى، فنحن نصرف طاقة كبيرة لجذب هذه الاستثمارات بالرغم من قلة مواردنا البشرية و كثافة المال لدينا.

ولكن الأهم ان الاستثمارات الاجنبية المباشرة وخاصة النوع التقني الاكثر فائدة يأتي بسبب ارتفاع الكفاءة ودرجه التكامل مع ما لدينا. بل ان كل الاستثمارات الاجنبية لدينا وهي معتبرة جاءت قبل هذه التوجهات الحثيثة.

فبدأ من تأسيس ارامكو كشركة أجنبية الى شركات سابك العاملة وما تبعها من شركات في الصناعات البتروكيميائية وغيرها جاءت دون جهد من هيئة الاستثمار العامة (SAGIA) لان قوة المصالح المشتركة أقوى من النوايا و التشريعات بالرغم من المعوقات.

بل ان نوع الاستشمارات التي نظريا جاءت الى المملكة بعد تغيير سياسة SAGIA قبل حوالي عشر سنوات ألحقت ضررا مباشرا للمستثمر السعودي الصغير والمتوسط و شوهت سوق العمل في المرحلة الخطأ.

يبدو لي ان هناك خلط فاضح بين الاستثمار عموما ودورة المحوري في النمو وFDI. يلتقون في  بذرة الاستثمار ويختلفون في فروع كثيرة الى حد التشويش علينا. المملكة غنية بمواردها المالية والبشرية (في حدود سعة الاقتصاد لنمو طبيعي) وأيضاً بروح السعودي للمبادرة و المخاطرة.

الاحرى في السنوات القادمة (خمس سنوات على الاقل) ان نقلل التركيز على الاستثمار الأجنبي كسياسة عامه مكلفة و لوم للنفس غير مبر. الاحرى ان نسهل الاستثمارات الداخلية التي سوف تتغير نوعيا و ترتقي تدريجيا كلما قل الاعتماد على العمالة الوافدة المسترخصة.

سوف يكون صعب نفسيا ان نعترف بان التوجهات الماضية خطا في الجوهر لأسباب اغلبها نفسية ولا تخلو من قوة تقليد الاخرين دون أصالة في الفكر والثقة بالنفس وحتى مصالح من يقوم على هذه الأدوار الضعيفة تاريخيا. المستثمر الأجنبي المفترض فهم الحالة بينما الموظف البعيد عن الواقع لا يريد ان يفهم.

هناك ناحية من الاستثمار الأجنبي لم نعطيها حقها: برامج التوازن الاقتصادي، هذه نقطة ضعف مزمنة حان الوقت للتركيز عليها وقد تكون احد الحلول ان تترك SAGIA اغلب نشاطها الأجنبي وتركز على هذه البرامج التي بقيت فاقدة للراعي الكفؤ لمدة طويلة. 

الدكان سوف يبقى مفتوحا للاستثمار الأجنبي برحابة اكثر حين يكون مفتوحا للمواطن بما يضيف قيمه للاقتصاد الوطني. حين يطرق الاخرين الباب نفتح و لكن ان نفتحه دون سؤال فهذا تعبير عن علاقة غير صحية.

التحدي الاقتصادي ان نرفع كفاءة عناصر الانتاج لكي نرتقي ونكون جزء من سلسلة الإمداد العالمية. اي حديث اقتصادي لا يبدا بالحاجة  لرفع إنتاجية الفرد والجماعة (الشركات) من خلال تنافس  وفرز شريف (خاصة في تنظيم التعليم و سقف التوقعات) فهو حديث غير جدي. الأمل ان نوجه الجهود لتحفيز الاستثمارات الداخلية ونترك ملاحقة السراب.

خاص_الفابيتا