كان هذا التساؤل هو ما حمله عنوان هذه الزاويـة في العدد رقم (15539) الصادر يـــوم الأحـد الموافق للخامس من شهر صفر عام 1432هـ، مستفسراً حينها عن مبرر الارتفاع الحاد في أسعار الوحدات السكنية التي تطرح للبيع أو الإيجار، وعن ما كان البعض في ذلك الوقت، وربما لا يزال إلى اليوم يعزوه إلى قيمة الأراضي السكنية الناتج عن ندرتها وشحها، راغباً من ذلك إلى إيضاح أن هذا المبرر (الندرة أو الشح) لا تدعمه لا الشواهد المرئية ولا الإحصائية في هذا الشأن، ومستنداً لتقرير هذا الواقع إلى البيانات التي تنشر سنوياً عن الأراضي السكنية المستعملة، والمخططة التي لم يتم استعمالها، بل ويتوفر في نسبة منها شبكة المرافق الأســــــاسية، وكذلك الأراضي غير المخططة، مستعرضاً بالأرقام مقدار الأراضي المخططة القابلة للاستخدام السكني وفق إحصاءات عام 1430هـ، والتي كانت تبلغ لوحدها فقط مساحة تزيد عن (5.9) مليارات متر مربع من الأراضي، وهو حيز كاف في وقته لاستيعاب ما يربو على (7) ملايين وحدة سكنية، وفق المعدلات القياسية لمدن المملكة، هذا بخلاف الأراضي السكنية المستعملة حينها، التي لم تكن تستغل إلا بما هو دون النصف من طاقتها الاستيعابية، منتهياً في الإجابة على ذلك التساؤل المطروح بأن ما من مؤشر لدينا يوحي بندرة أو شح في الأراضي يستوجب ذلك الارتفاع الفاحش في أسعارها.
أشير إلى ذلك مرة أخرى لارتباطه بما نشر في عدد من الصحف ووسائل الاعلام المحلية المختلفة الأسبوع الماضي عن إحصاءات تضمنت بيانات عن مساحة الأراضي البيضاء (المخططة وغير المخططة) المخصصة للاستخدام السكني في مدن المملكة، التي تعيد تأكيد ما سبق أن أشرت إليه، من أنه لا يوجد لدينا شح في الأراضي السكنية، بل رصيد هائل منها، إلا أن ما وجدت أنه مهم وجدير التوقف عنده، حيال ما جرى نشره عن هذا الجانب، هو تناول بعض وسائل الاعلام لتلك البيانات على نحو اقتصرت فيه على ظاهر ما تعكسه من أرقام، دون التعمق في الحقائق والمآلات التي قد تفضي بنا إليها فيما يتعلـق بقضية الإسكان تحديداً في المملكة، حيث تم الاقتصار والتركيز فقط على مقدار مساحة الأراضي البيضاء (المخططة وغير المخططة) وقيمتها السوقية، وما يتوقع تحصيله من رسوم عليها، والانتهاء في ذلك إلى أرقام فلكية تم استنتاجها، ربما لا تلامس الواقع بالنسبة لظروف هـذه القضيـة، فالأراضي السكنية المســتعملة حاليــاً في مدن المملكة التي أنفـق على توفير البنيـة الأساسية بهـا تريليونات الريالات على مدى تسع خطط تنمية خمسية ماضية، لا تتجاوز نسبتها في الواقع (33%) من إجمالي مساحة الأراضي السكنية كافة (المستعملة والمخططة وغير المخططة) فهــل من المجدي أو بالأحرى هل من الممكن، في ظل الظروف الاقتصادية المرحلية الحالية، أن ننفق ضعفي ما صرفناه سابقاً لتنمية الأراضي السكنية القائمة، على الرصيد الحالي أو المستقبلي من تلك الأراضي خلال الخمس أو العشر سنوات القادمة، لنطالب بتطويرها أو فرض الرسوم عليها.؟! لا سيما وأن الشواهد أمامنا توضح أن كفاءة استخدام الأراضي السكنية المستعملة حالياً بمدننا لا تتجاوز (50%)، الأمر الآخر هو ما يتضح من تلك البيانات الإحصائية من نمو كبير في الأراضي السكنية المخططة القابلة للبناء عليها، الذي بلغ على مدى السنوات الست الماضية فقط نحو (30%)، فهذا المقدار من النمو لوحده كان كافياً في الواقع لاستيعاب ما يزيد على ثلاثة ملايين وحدة سكنية، فلماذا لم يكن لهذا الكم الكبير من الأراضي السكنية التي تم ضخها لسوق الإسكان في المملكة ذلك التأثير في أسعار الأراضي السكنية، على مدى السنوات القريبة الماضية...؟ وهل هذه الحقيقة تعطينا مؤشراً على ما ينبغي أن تكون عليه حجم توقعاتنا من فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، ومقدار ما يمكن أن يكون لها من تأثير في أسعار الأراضي السكنية خلال السنوات القليلة القادمة؟!
نقلا عن الرياض
مصر مساحتها نصف مساحة السعوديه وتعدادها ضعفي تعداد السعوديه ورغم ذلك فان نسبة الكثافه السكانيه تعادل فقط 5% من الاراضي فمابالك بالسعوديه . المسأله فقط مسألة بنية تحتيه لاغير .