من منطلقين مختلفين لدى الحكومه توجهات اقتصادية تجتمع في التعامل مع قطاع الاراضي . أحد أركان التوجه الاقتصادي الجديد التخصيص ودور القطاع الخاص في الاقتصاد المستقبلي، والثاني هدف الحكومة في توفير السكن لأكبر عدد ممكن من خلال تسهيل تملك المنازل .
في هذة الأثناء طرأت عدة تطورات ذات طابع اقتصادي تتوجب استغلال الفرصة الاستراتيجية . الاول، توجه القطاع العام لتملك مساحات كبيرة من الاراضي في جميع المدن وخاصة الكبيرة بسبب الظروف المستجدة في مكافحة الفساد، ثانيا، لدى الحكومه توجه معلن للتخصيص ولكن الحكومة سعت لتملك عدة استثمارات مالية مثل المراعي وقبلها عدة مصارف وتملكت اراضي حديثاً، والثالث ما يدور من ضبابية حول قدرة وزارة الاسكان على التقدم بسياسة واضحة المعالم.
لابد من أعادة التموضع في محفظة الحكومه (صندوق الاستثمارات العامه كالذراع الاساس لقيادة وتوجيه الاستثمارات داخليا ) الاستثمارية . تجتمع هذة التوجهات والمعطيات في الحاجه والتوقيت المناسب لبيع جزء من الاراضي وخاصه تلك المناسبة للسكن للقطاع الخاص من خلال مزادات شفافة ولو على قطع صغيره .
لن ندخل في مراجعة تاريخ منح الاراضي وطريقة التوزيع غير الفاعلة فهذة جاءت الإجراءات النظامية الاخيرة لتتعامل معها بكفاءة من مراجعة الكثير من الصكوك أدى الى الحد من الفساد .
الأهم ان سوق الاراضي تعرض للتشوية من خلال تملك عدد قليل لمساحات كبيرة ( صاحب ذلك شح القنوات الاستثمارية وقلة الاستثمارات العامه في البنية التحتية وقصور في الجهاز البيروقراطي ) مما خلق حالة من عدم التوازن بين العرض والطلب، فالعرض كان معاقا بينما الطلب كان ينمو بسبب زيادة السكان وطبيعة النهضة العمرانية . كان اغلب المواطنيين ضحية عدم التوازن المصطنع في الجزء الاكبر منه، احد أعراضها ان تكلفة الارض كبيرة قياسا على تكلفة تملك السكن خاصة ان الرسوم على الأراضي لم تظهر بالشكل الكافي لتغيير معادلة العرض على الاقل الى حد الان .
من جانب آخر، التوجه للتخصيص مرادف لتنشيط سوق الاوراق المالية على حساب المتاجرة في الاراضي ولذلك هناك حاجه لتوجيه الوسط الاستثماري من المتاجرة والاستثمار في الاراضي الخالية الى الأسهم والسندات وغيرها من الاوراق المالية .
كما ان تخصيص الاصول أولى بالتخصيص من شركات حكومية تحتاج اعادة مراجعة لنماذجها الاقتصادية وهياكلها المالية وحوكمتها وهذه تتطلب اعمال مضنية قبل تخصيصها. لا أرى مصلحة من تملك صندوق الاستثمارات العامه او الحكومة لمساحات من الاراضي . التوجه لبيع الاراضي الحكومية يصب في صالح التخصيص والذي بدوره يتطلب تفعيل رأس المال ليكون عامل في تحريك الاستثمار الفعلي والنمو الاقتصادي وإعداد لعملية تخصيص مؤثرة .
هناك أيضاً معنى إجتماعي فحين يتملك عدد أكبر لمنازلهم ويتغير المفهوم الاقتصادي البدائي بعض الشئ من تخزين المال في ارض خالية الى أموال متحركة تتحرر وتحرك القوى الاقتصادية تفاعليا مع رغبة الحكومه الجادة في النهضة الشاملة . المالك لمنزله اكثر استقرار وتمدن كما أن الاراضي مدخل للعملية الانتاجية وليست قناة استثمارية في الوسط الصحي اقتصاديا .
الممارسات الماضية لم تعد تخدمنا فرديا ومجتمعيا . حان الوقت لخفض هيكلي في أسعار الاراضي من خلال عرض كبير متواصل من خلال مزادات علنية شفافة كفيلة بتغيير هيكل المحفظة الاستثمارية الحكومية والشعبية وتهيئة الأرضية للتخصيص. التموضع الاقتصادي الذي تهدف له الرؤية يتطلب حراك من اكثر من زاوية وهذه أحد الزوايا المهمة اليوم .