بدت حركة المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية متأثرة بالأحداث الاقتصادية العالمية المهمة والمتلاحقة، حيث أغلق خلال الأسبوع المنصرم على مكاسب أسبوعية لم تتجاوز 6 نقاط فقط في حين أن التذبذب للأسبوع كاملا كان في حدود 143 نقطة فقط، وهذا الضيق في التذبذب يوضح مدى الحيرة التي يعيشها المتداولون بين متفائل بموجة صاعدة قادمة بعد أن ظهر الرقم 50 على لوحة أسعار النفط وبين متشائم بضعف حركة قطاع الأعمال خلال هذا العام وما لذلك من أثر سلبي متوقع على نتائج الشركات.
ويبدو أن ضعف التذبذب قد أثر بالفعل على السيولة المتداولة حيث بلغت الأسبوع الماضي حوالي 16.5 مليار ريال في حين أنها قد بلغت الأسبوع الذي قبله حوالي 22.6 مليار ريال، وفي رأيي أن الإحجام عن الشراء وعن البيع كان له الدور الأكبر في ضعف السيولة نتيجة ضبابية الأوضاع الداخلية والخارجية بالإضافة إلى بقاء الأوضاع السياسية الاقليمية تراوح مكانها كل تلك الأمور جعلت المتداول في حيرة من أمره، هل يزيد من مراكزه الاستثمارية؟ أم يقوم بتصفيتها؟
اتوقع أن المؤثر الفعلي الحقيقي الذي سيجعل أسواق المال حول العالم تتخذ مسارات واضحة هو قرار البنك الفيدرالي الأمريكي حول أسعار الفائدة، فعند قيامه برفع الفائدة ستتراجع الأسواق بشكل ملحوظ ولافت مما سيفاقم الخسائر السوقية للمستثمرين، أما إبقاء أسعار الفائدة كما هي سيدفع بالأسواق للصعود بشكل ملحوظ وذلك لأن القرار يوجد عامل الاطمئنان لدى المتداولين بأن الدولار لن يرتفع على المدى المنظور وبالتالي لن يؤثر سلبا على أسواق السلع والعملات والأسهم حول العالم.
التحليل الفني
منذ أن فقد المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية مستوى 6،500 نقطة خلال الأسبوع قبل الماضي وهو في محاولات للعودة فوق ذلك المستوى لكنها كلها باءت بالفشل وإغلاق المؤشر دون ذلك المستوى للأسبوع الثاني على التوالي يصعب من المهمة ولذا من المتوقع أن يحاول محاولة أخيرة بداية هذا الأسبوع ومن المتوقع أن يفشل أيضا وهذا السيناريو يقوده لمنطقة 6،300 نقطة ثم الدعم التالي عند 6،100 نقطة. أما في حال العودة فوق مستوى 6،500 نقطة والثبات أعلى منه فهذا يؤهله لمواصلة الصعود حتى مناطق 6،700 نقطة ثم 6،900 نقطة.
أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف والخدمات المالية قد تمكن من الارتداد من مستوى 14،200 نقطة وهو الآن بصدد محاولة اختراق مقاومة 14،600 نقطة ثم 14،900 نقطة لكن يبدو أن القطاع يواجه تحديا كبيرا في هذا الأمر نظرا لتراجع مستويات السيولة يوما بعد آخر وإذا ما استمرت الحالة بهذا الشكل فإن محاولة الاختراق ستبوء بالفشل. لكن في نفس الوقت لابد من مراقبة دعم 14،200 نقطة لأن كسر ذلك الدعم يعني أن القطاع سيتجه نحو 13،900 نقطة وهذا سيشكل ضغطا على السوق بشكل عام.
لكن أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية لم يعط نفس الأداء الإيجابي خلال الأسبوع الماضي بل كان مساره أفقيا وهذا يوحي بأن القطاع يحضر لموجة هابطة لهذا الأسبوع تستهدف دعم 4،150 نقطة كمرحلة أولى وهذا سيضغط على شركاته المدرجة بل وعلى السوق عموما. ولا يُلغى السيناريو السابق إلا باختراق مقاومة 4،500 نقطة وعدم كسرها مجددا لكن يبدو أن التكهنات بتراجع أسعار النفط بالإضافة إلى التراجع المتوقع في المبيعات ستشكل هاجسا حقيقيا لملاك الشركات في هذا القطاع الحيوي.
أما من حيث القطاعات المتوقع أن يكون أداؤها إيجابيا لهذا الأسبوع من حيث الرؤية الفنية الصرفة فهي قطاعات الطاقة والزراعة والتطوير العقاري والنقل والفنادق.
من جهة أخرى أجد أن المؤشرات الفنية قريبة المدى تُشير إلى أن الأداء السلبي سيطغى لهذا الأسبوع على قطاعات الاسمنت والتجزئة والاتصالات والتأمين والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والاعلام.
أسواق السلع الدولية
رغم أن أسعار النفط بنوعيه برنت ونايمكس لامست مستوى 50 دولارا للبرميل للأسبوع الثاني على التوالي إلا أن أيا منهما لم ينجح في الإغلاق فوق ذلك المستوى وهذا في نظري يعود لاستمرار ضعف الزخم والذي لم يعط الأسعار الدافع للاستمرار في الصعود بوتيرة أفضل من الوضع الحالي وهذا الأمر بدا جليا على مؤشرات قياس السيولة والتي أشارت إلى أن الصعود الأخير للنفط صعود ضعيف سرعان ما سينتهي وربما يكون ذلك خلال هذا الأسبوع، لكن في الوقت نفسه لا يمكن الجزم بدخول أسعار النفط في تصحيح ما دامت فوق مستوى 47.50 دولار وهو أول دعم للخامات فإذا ما تم كسر ذلك الأخير فتلك إشارة على أن التصحيح بدأ بالفعل وأنه سكون أكثر عمقا وأطول زمنا إذا ما تم كسر الدعم الأهم عند 45 دولارا للبرميل.
في المقابل أجد أن أسعار الذهب تمكنت من احترام دعم 1،200 دولار للأوقية بدليل الارتداد القوي الذي أعقب ذلك حيث حصد المعدن الأصفر أرباحا سوقية خلال الأسبوع المنصرم بنحو 38 دولارا أي بنسبة 3.1% ويبدو أن تراجع سعر صرف الدولار كان له الأثر المباشر في تلك المكاسب لكن يجب التنويه بأن الارتداد الحالي يأتي ضمن المسار التصحيحي لأسعار الذهب لذا من المتوقع أن يواصل ارتداده حتى مشارف 1،280 دولارا ثم يستأنف المسار الهابط من جديد والذي يفقد معه مستويات 1،200 دولار.
أسواق الأسهم العالمية
حتى نهاية الأسبوع الماضي لا يبدو أن مؤشر داو جونز الصناعي قادر على تجاوز مقاومة 18،000 نقطة وبالتالي فإن البدء بمسار هابط ما هو إلا مسألة وقت لكن لن يتأكد الدخول في ذلك المسار إلا بكسر دعم 17،650 نقطة والتي تمثل إشارة انطلاق المؤشر نحو المسار الهابط والتي يستهدف خلاله مستوى 17،100 نقطة كمرحلة أولى ويبدو أن ذلك سيكون بدفع من الخطط النقدية للبنك الفيدرالي الأمريكي والتي ربما تأتي قراراته فيما يتعلق بموضوع الفائدة على الدولار ضاغطة على أداء أسواق الأسهم الأمريكية.
أما مؤشر نيكاي الياباني فلم يصمد خلال تداولات الأسبوع الماضي فوق مستوى 17،000 نقطة رغم وصوله فوق 17،200 نقطة ليغلق متراجعا عند 16،642 نقطة، وهذه القوة في التراجع تأتي من خلال سيطرة المسار الهابط على تحركات السوق لكن في رأيي أن الهبوط الأقوى لن يكون إلا بعد كسر دعم 16،200 نقطة والتي أصبحت الآن أقرب من أي وقتٍ مضى لأنه حينها سيتأكد النموذج السلبي والذي سيؤثر كثيرا على مجريات السوق هناك.
نقلا عن اليوم