صدر هذا الأسبوع عن مصرف قطر المركزي بالتعاون مع وزارة العدل المؤشر الشهري للعقارات عن شهور الربع الأول من العام، وأظهر المؤشر عودة للارتفاع إلى مستوى 307 نقاط في شهر مارس. وكان المؤشر قد سجل تراجعا ملحوظًا في شهر ديسمبر الماضي إلى مستوى 292.4 نقطة، بعد أن وصل في شهر نوفمبر إلى مستوى 311 نقطة.
وجاء الانخفاض المشار إليه في شهر ديسمبر منسجمًا مع مرحلة انخفاض أسعار النفط التي وصلت أدناها في الأسبوع الثالث من يناير، وما رافق ذلك من توقعات بتراجع محتمل في عدد السكان.
فهل تغيرت الصورة العامة للمشهد العقاري بحيث يعود مؤشرها للارتفاع؟ أم أن مرحلة التراجع في أسعار العقارات والإيجارات التي تحدثت عنها في مقال سابق قد تأجلت إلى إشعار آخر؟
لبحث هذا الموضوع لا بد من أن نشير إلى ما طرأ على جملة العوامل المؤثرة على أسعار العقارات من تغيرات في هذه الفترة، ذلك أن أي توقعات مستقبلية لا تكون بالضرورة قدرا محتوما، وإنما تخضع لما قد يطرأ على العوامل المؤثرة عليها من تغيرات، وهي هنا أسعار النفط وإيراداته، وعدد السكان واتجاهاته، وفرص الاستثمار البديلة للاستثمار العقاري وخاصة الاستثمار في أسهم بورصة قطر.
وبالنسبة للموضوع الأول وجدنا أن أسعار النفط قد عادت إلى الارتفاع في الشهور التالية فبراير ومارس وأبريل ومايو، بحيث ارتفع سعر نفط الأوبك إلى مستوى 44.95 دولار للبرميل حتى ظهر الخميس، وهو ضعف المستوى الذي كان عليه في الأسبوع الثالث من يناير.
وبذلك تقلص عجز الموازنة العامة للدولة إلى 3 دولارات للبرميل فقط، مع وجود اتجاه لمزيد من التحسن في الأسابيع القادمة إلى مستوى 50 دولارا للبرميل. وهذا التحسن السريع في أسعار النفط -على عكس ما كان يروج البعض في يناير بأنها قد تهبط إلى ما دون 20 دولارًا للبرميل- قد جاء بعد أن أكدت التقارير بأن السعر المنخفض جدًا قد أضر بالمنتجين الهامشيين من خارج الأوبك، وأن فائض المعروض من النفط يتناقص بشكل مضطرد، وأن إيران غير قادرة على إغراق السوق العالمي بكميات كبيرة من النفط بعد أن تم رفع الحظر عنها.
وهذا التحول القوي لجهة تحسن الأسعار والإيرادات العامة، وما قد يحمله من تغير في النظرة الاستثمارية من قلقة إلى مستقرة ومتفائلة قد يكون عنصرًا مهمًا في دعم استقرار أسعار العقارات والإيجارات على النحو الذي أشارت إليه مؤشرات مصرف قطر المركزي.
ومن جهة أخرى، وعلى صلة مباشرة بالموضوع، نجد أن عدد السكان لم ينخفض حتى تاريخه على النحو الذي تحدثت عنه التوقعات، وبعد انخفاض محدود في شهر مارس بنحو 18 ألف نسمة، فإن العدد قد عاد إلى الارتفاع بقوة مع نهاية شهر أبريل بنحو 33 ألف نسمة إلى 2.56 مليون نسمة، وهو ما يشكل زيادة سنوية بنسبة 9.2%. وهذا المعدل مرتفع جدًا ويعزز من الطلب على الوحدات السكنية، بدل أن يحدث العكس.
على أي حال هناك من ينتظر نهاية شهر يونيو أو يوليو للحكم النهائي على التغير في عدد السكان. صحيح أن التغير الموسمي نتيجة موسم الصيف والإجازات قد يكون مضللًا بعض الشيء، إلا أن المعول يظل مع ذلك منصبًا على معدل الزيادة السنوية التي تقارن بيانات يوليو 2016 بشهر يوليو 2015.
ومن حيث الفرص البديلة للاستثمار نجد أن التداولات العقارية قد انتعشت في شهر مارس بشكل ملحوظ إلى مستوى 2.57 مليار ريال بزيادة بنسبة 47% عن شهر فبراير وفقًا للتقارير التي تنشرها وزارة العدل.
وكانت قيمة التداولات قد تراجعت في شهري يناير وفبراير، كما أنها انخفضت أيضا في شهر أبريل بنسبة 29% إلى مستوى 2.57 مليار ريال.. هذا التحسن في شهر مارس -والذي لم يستمر قد يكون استثنائيًا- وهو ما ساهم في ارتفاع مؤشر المصرف المركزي للعقارات إلى مستوى 307.3 نقطة في مارس. وقد يكون هذا الارتفاع في بورصة العقارات في مارس، رد فعل على تغيرات حدثت في بورصة الأسهم في شهر مارس تتعلق بضوابط نسب تملك الأسهم، وما قضت به التعليمات الجديدة من ضرورة التخلص من التجاوزات عن نسبة الـ 5%.
وقد أشرت في مقال سابق إلى أن تلك الضوابط قد تدفع المستثمرين إلى البحث عن فرص استثمارية أخرى في مقدمتها السوق العقاري.
ويظل في بعض ما كتبت رأي قد يحتمل الصواب أو الخطأ.
نقلا عن الشرق القطرية