مصر القطنية

13/04/2016 16
فواز حمد الفواز

في ظل التطورات الإقليمية  تبقى مصر رقما صعبا ، فهي اول من حاول اللحاق بالتجربة الغربية في التحديث على يد الفذ محمد علي  الى حد هزيمة العثمانيين بقيادة ابنه ابراهيم .

وكانت اول بعثة ترسلها اليابان للخارج كانت الى مصر في محاولة لتقليد تجربة مصر في الاستعارة من الغرب الصاعد .

تجربة مصر انتهت بالفشل بعد 200 سنة .

الأسباب التاريخية متشعبة و ليست موضوع هذا العمود . الثابت ان مصر فشلت تنمويا و اقتصاديا و لكن مركزيتها الإقليمية لاتزال حاضرة بسبب التركة الثقافية و السكانية ( سبب واعراض عدم القدرة على التكيف ) والتاريخ القديم والتحديات الانية والأعباء العاطفية - هناك فجوة غير عادية حين يدافع المصري عن بلادة و لكنه لايعمل شي لها وخاصة النخبة .التجاذبات الدولية والإقليمية تعطي مصر اهمية ولكنها لا تدل على دور مميز للمصريين .

فحتى محمد على لم ينجح في إرساء قواعد مؤسساتية قابلة للاستمرار بل كان مجتمع ريعيا يعتمد على القطن وقائم على نخبة أبهرت العالم شكليا ولكنها تركت مصر دون تراكم معرفي ومهاري او طمأنينة على حماية الحقوق .

كلما زاد تقدم العرب الاخرين كلما زاد تطرف الطبقة المثقفة النخبوية المصرية وراهنت على تضليل مجتمع مصري في غالبة يقبل بالتفكير التآمري بسهولة ، وكلما زاد تطرفها كلما ابتعدت عن تقديم حلول منطقية لمشاكل مصر الداخلية . 

بدا العصر الحديث وكان مصر تستند على وصف نابليون لمصر قبل قرنيين بانها شعب فهلوي فقير.

 كان سكان مصر في حينة ثلاثة ملايين ، الان أصبحو تسعون مليون واكثر من قدرة مصر الايكولوجية والاقتصادية على العيش الكريم دون تغيير نوعي . فهي تشبة تجربة اسبانيا في القرن السابع عشر حيث كانت أقوى دولة أوروبية بعد سقوط الامبراطورية الرومانية ولكنها بعد حوالي قرن اصبحت دولة ثانوية في اوروبا . 

ما يهمنا هنا ليس التشفي على حالة مصر ولكن تجربة القطن كسلعة في مسيرة مصر الاقتصادية في  بناء قشرة حضارية .

استغلال الموارد الطبيعية فرصة مالية لا تقاوم وبالتالي يسهل سوء توظيفها وهذا ما يحدث لكل اقتصاد يعتمد على اقتصاد ريعي.

الأعراض الرئيسة واحدة تغليب المال على العمل والقرب من السلطة على حساب المعرفة الحقيقية ودور الفرد على حساب المؤسسة ونماذج شكلية دون محتوى.

المسؤولية كانت مضاعفة في مطالبة افتراضية للنخب المصرية بان تنظر الى الامام وتغلب التقدم على الاستهلاك والجمعي على النخبوي ولكنها فشلت . بل ان النخب المصرية لم تتعلم فقد حصلت مصر على نفط وغاز وعوائد من القناة والسياحة ومساعدات غير عادية من العرب والغرب  في العقود الماضية  ولكنها استمرت على المعتاد ولم ترسي لبناء اقتصادي منظم.

استغلت المال لنواحي توزيعية ولكن دون مشاركة فاعلة حيث ان التنمية الحقيقية  تتطلب ليس سياسة توزيعية مهما كانت عادلة ( لم تكن عادلة ) ولكن تغيير في طريقة  الحصول على المال.

فشلت مصر القطنية وفشلت مصر النفطية حيث مارست سياسة توزيعية نخبوية استهلاكية  انتهت بالتهاون مع التزوير والقضاء المرن وحقوق ملكية مهزوزة  ونجحت اليابان دون موارد طبيعية بسبب الابتعاد عن التوزيع والمراهنة على المشاركة الحقيقية والمنافسة التي تفرز داخليا قبل خارجيا وقبول توزيع المواهب الطبيعي وتسعير حقيقي للجهد والعمل.

التوزيع الطبيعي للمواهب ودورة التاريخ تقول ان مصر قادرة على العودة ولكن ليس هناك شي حتمي فقد يزداد الفشل والشواهد ليست قليلة على تخبط النخب المصرية اليوم.

الدرس المهم ان على جميع النخب في الاقتصاديات الريعية توظيف المال بوعي ونظرة مستقبلية غير معهودة على نخب المنطقة ولعل مصر مثال يجب تفاديه.