تلقت المعنويات تجاه الاقتصاد العالمي لكمة قوية خلال التعاملات يوم أمس الثلاثاء في أعقاب التوقعات المتشائمة لصندوق النقد الدولي بشأن النمو العالمي بوجه عام والتي أدت للحد من الإقبال على المخاطرة.
وما يزال الانخفاض الذي لا يتوقف في أسعار السلع يعرقل أي انتعاش حقيقي في النمو العالمي، كما أن المشاكل الاقتصادية الحالية في الصين قد أدت لتعريض بلدان أخرى لمخاطر هبوطية شديدة مما زاد من التأثير السلبي على التوقعات العامة.
ونظرا لأن هذه التصريحات المتشائمة قد جاءت قبل أقل من أسبوعين فقط من الاجتماع الذي سيعقد في واشنطن بين كبار القوى الاقتصادية لتقييم مدى قوة الاقتصاد العالمي، يبدو من المرجح جدا أن صندوق النقد الدولي سوف يخفض توقعاته للنمو العالمي مرة أخرى وسط الاضطرابات المالية التي يشهدها العالم.
وصحيح إن إتباع سياسة نقدية تيسيرية ربما يكون خطوة منطقية طبيعية للتصدي للآثار السلبية لتباطؤ النمو العالمي، ولكن ردود الفعل التي شهدناها في الآونة الأخيرة من تدخلات للبنوك المركزية قد أدت لتفاقم الموقف.
فنحن نعيش في زمن تسود فيه سياسات أسعار الفائدة السلبية في بيئة مالية مشوهة بشدة حيث إن تدخلات البنوك المركزية لا تؤدي لتأثيرها المنشود المتوقع في الظروف الاقتصادية الطبيعية وإنما تؤدي لتأثير عكسي تماما وهو الأمر الذي يصيب المستثمرين بقدر هائل من الحيرة والتوتر والاضطراب.
وفي الحقيقة فإن الثقة تجاه الاقتصاد العالمي منخفضة بالفعل، وقد أدت تصريحات صندوق النقد الدولي لإضافة عنصر جديد للمزيج الرهيب الذي يشمل تراجع أسعار النفط والمخاوف من رحيل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي والقلق بشأن الصين وتراجع الأسواق الناشئة، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك لتشجيع المستثمرين على الابتعاد عن الأصول ذات المخاطرة المرتفعة.
وتعرضت الأسهم العالمية للتراجع يوم أمس الثلاثاء واستسلمت للدببة حيث أدى انخفاض أسعار النفط إلى إضعاف شهية المخاطرة.
وقد هبطت أسواق الأسهم الآسيوية والأوروبية والأمريكية جمعاء في أعقاب التوقعات الضعيفة لصندوق النقد الدولي بشأن النمو العالمي والتي أدت لخلق موجة شديدة من العزوف عن المخاطرة.
وفي ظل أن تصاعد القلق قبيل صدور محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة والهبوط المستمر في أسعار النفط يجبران المستثمرين على الابتعاد عن الأصول ذات المخاطرة العالية، من المحتمل أن تشهد أسواق الأسهم مزيدا من الهبوط والذي قد تقوده الأسواق الآسيوية لأن العزوف عن المخاطرة سوف يزيد من جاذبية الين الياباني الذي يعتبر من الملاذات الآمنة.
الصين تظهر في المشهد
صحيح أن مؤشر كايكسين لمديري المشتريات في قطاع الخدمات بالصين قد سجل اليوم قراءة أفضل من التوقعات، ولكن المعنويات تجاه الاقتصاد الصيني ما تزال منخفضة في ظل التركيز المتزايد على ما إذا كانت البلاد ستحقق مستوى الناتج المحلي الإجمالي المستهدف خلال عام 2016.
وكانت البيانات الصينية التي صدرت في شهر مارس قد سارت في مسار سلبي مما أدى لزيادة المخاوف من إمكانية حدوث تباطؤ أعمق في الزخم الاقتصادي وهو الأمر الذي قاد الأسواق الصينية للتراجع. ويذكر أن الصين قد انطلقت في رحلتها للتحول إلى اقتصاد معتمد على الطلب الداخلي، ولكن البلدان المعتمدة على التصدير للصين هي التي ستعاني من التباطؤ الاقتصادي في الصين.
محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في دائرة الضوء
من المحتمل أن يصب المستثمرون تركيزهم اليوم على محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الذي ينتظره المستثمرون على أحر من الجمر حيث إن هذا المحضر ربما يوفر قدرا أكبر من الوضوح بشأن توقيتات رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة خلال عام 2016.
وكانت الأسابيع الأخيرة قد شهدت اختلافا في المواقف بين مسئولين في البنك المركزي الأمريكي يؤيدون تشديد السياسة النقدية والذين قاموا بالإدلاء بتصريحات مخالفة للتصريحات الحذرة التي أدلت بها مؤخرا رئيسة البنك المركزي الأمريكي جانيت يلين، ومن المحتمل أن يسلط المحضر الذي سيصدر اليوم بعض الضوء على هذا الموضوع.
وفي ظل أن المشاكل العالمية الحالية هي بالفعل التي ستقرر متى يمكن للبنك المركزي الأمريكي أن يرفع أسعار الفائدة، أدت الأنباء الأخيرة من صندوق النقد الدولي بتبديد أي أمال متبقية للتوقعات برفع سعر الفائدة الأمريكية في الربع الثاني.
وما تزال المعنويات منخفضة تجاه الدولار الأمريكي، كما أن تضاءل التوقعات بشأن اتخاذ البنك المركزي الأمريكي أي إجراءات يمكن أن يمنح فرصة للمستثمرين البائعين لمهاجمة العملة الأمريكية الخضراء ودفعها للهبوط.
وما يزال مؤشر الدولار الأمريكي يتحرك بشكل هبوطي على الرسم البياني اليومي وربما يتعرض لمزيد من الانخفاض إذا تضمن محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة إشارات على تيسير السياسة النقدية أو لم يزيل الغموض حول اتجاه رفع سعر الفائدة الأمريكية.
ومن المنظور الفني، يتم تداول الأسعار أسفل المتوسط المتحرك البسيط لمدة 20 يوما، كما أن مؤشر الماكد قد تحرك إلى المنطقة السلبية.
ومن المحتمل أن يتحول الدعم السابق عند مستوى 95.50 ليصبح مقاومة قوية وهو الأمر الذي يمكن أن يحفز حدوث مزيد من الهبوط نحو مستوى 94.
النفط الأمريكي يتحدى مستوى 35 دولار
هبط خام غرب تكساس الوسيط أسفل مستوى 35 دولار خلال التعاملات يوم أمس الثلاثاء في ظل تراجع إقبال المستثمرين بسبب استمرار القلق بشأن التخمة الشديدة من المعروض النفطي في الأسواق.
كما أن الآثار المتبقية للتصريحات غير المتوقعة الصادرة عن المملكة العربية السعودية والتي أكدت أن نجاح أي اتفاق لتجميد الإنتاج سيكون رهنا بمشاركة إيران غير المحتملة قد جعلت الأسعار معرضة لتكبد مزيد من الخسائر.
وما تزال إيران ترفض المشاركة في أي محادثات لتجميد الإنتاج وتواصل مساعيها لزيادة إنتاجها حتى يصل إلى 4 مليون برميل يوميا في سوق متشبع بشدة بالفعل.
وفي ظل ما نشهده من تطورات في موقف منظمة أوبك، يمكن طرح أسئلة عما إذا كان لدى المنظمة أي نوايا بالفعل لخفض الإنتاج لأن كل ارتفاع في السعار قد حدث بسبب أمال وتكهنات بخفض للإنتاج لم يتحقق أبدا.
وما تزال المعنويات هبوطية تجاه خام غرب تكساس الوسيط وفي ظل تصاعد القلق بشأن عدم نجاح اجتماع الدوحة، من المحتمل أن تشهد الأسعار مزيدا من الهبوط.
ومن المنظور الفني، يتحرك خام غرب تكساس الوسيط بشكل هبوطي حيث يتم باستمرار تكوين قيعان أدنى من القيعان السابقة وقمم أدنى من القمم السابقة.
ويتم تداول الأسعار أسفل المتوسط المتحرك البسيط لمدة 20 يوما، وقد أدى الهبوط أسفل مستوى 35 دولار لتمهيد الطريق أمام إمكانية الهبوط نحو مستوى 30 دولار.
السلع تحت المجهر - الذهب
استغل الذهب تصاعد القلق هذا الأسبوع قبيل محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الذي سيصدر اليوم ومنح فرصة للمستثمرين المشترين لدفع الأسعار للارتفاع فوق مستوى 1225 دولار.
ومازلت متفائلا بصمود وصعود المعدن الأصفر النفيس حيث يمكن أن يكون ضعف الدولار عاملا حاسما وراء تسجيل الذهب لارتفاع حاد نحو مستوى 1250 دولار.
وإذا جاءت لهجة محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة حذرة وتميل إلى تيسير السياسة النقدية ويخيم عليها الغموض بشأن توقعات رفع سعر الفائدة فإن ذلك من المحتمل أن يكون حافزا للثيران لخلق موجة جديدة من موجات الارتفاع نحو مستوى 1250 دولار.