اهتزت الأسواق المالية بقوة نتيجة للمستويات الهائلة من التقلبات التي شهدتها التعاملات يوم أمس الثلاثاء في أعقاب الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة البلجيكية بروكسل والتي أثارت موجة من العزوف عن المخاطرة مما أدى لتشجيع المستثمرين الذين ينتابهم القلق على الابتعاد بشدة عن الأصول ذات المخاطر المرتفعة.
وقد دخلت أسواق الأسهم العالمية في موجة من الهبوط الشديد حيث تخلت الأسهم الأوروبية عن المكاسب التي كانت قد سجلتها في وقت سابق بعد أن أثرت أحداث بروكسل تأثيرا سلبيا كبيرا على أسهم قطاعي شركات الطيران والنقل.
وانتقلت المعنويات السلبية عبر المحيط إلى الأسواق الأمريكية حيث إن العزوف عن المخاطرة في الأسواق الأوروبية قد أثر على إقبال المستثمرين على المخاطرة مما أدى بدوره إلى هبوط الأسهم الأمريكية حيث عاد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى المنطقة السلبية من جديد.
وقد بدأن الأسهم الآسيوية التعاملات اليوم الأربعاء بشكل متباين ولكن من المحتمل أن تتراجع حيث إن تزايد الإقبال على الين الياباني – وهو أحد الملاذات الآمنة – وسط حالة العزوف عن المخاطرة لدفع الأسهم اليابانية للهبوط.
مؤشر فوتسي 100 تحت المجهر
ما تزال علامات الإنهاك تظهر على مؤشر فوتسي 100 وقد يتعرض للهبوط حيث إن العزوف عن المخاطرة يشجع المستثمرين على الابتعاد عن الأصول ذات المخاطر المرتفعة والاتجاه إلى أصول لملاذ الآمن مثل الذهب.
ويجب على المستثمرين الأخذ في الحسبان أن المخاوف بشأن تباطؤ النمو العالمي ما تزال مرتفعة كما أن العزوف عن المخاطرة ما يزال قائما في كافة أرجاء السوق.
وفي ظل تراجع الإقبال على المخاطرة فإن الأمر قد لا يزيد عن كونه مسألة وقت فقط قبل أن يغتنم المستثمرين الدببة الفرصة لدفع مؤشر فوتسي 100 للهبوط. ومن المنظور الفني، من المفترض أن يؤدي الاختراق أسفل مستوى 6100 لتمهيد الطريق أمام التراجع نحو مستوى الدعم عند 6006.
الجنيه الإسترليني يهبط في كافة أرجاء سوق العملات
انخفض الجنيه الإسترليني يوم أمس الثلاثاء بعد أن وجد المستثمرين الدببة حافزا لمهاجمة العملة والذي يتمثل في مزيج من العزوف عن المخاطرة وزيادة التوقعات برحيل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي في أعقاب الهجمات التي تعرضت لها بروكسل.
وزاد من الأمر سوءا للجنيه الإسترليني أن قراءة تقرير مؤشر أسعار المستهلكين جاءت فاترة وسجلت 0.2% وهو أقل بكثير جدا من مستوى 2% الذي يستهدفه البنك المركزي البريطاني كما أن هذه القراءة تمنح سببا وجيها للبنك المركزي البريطاني لإبقاء سعر الفائدة عند مستواها القياسي المنخفض عند 0.5% وعدم التفكير في رفعها في الوقت الحالي.
ومازال دببة الجنيه الإسترليني يجدون حافزا وتشجيعا حيث إن الانقسامات السياسية الجديدة بداخل حزب المحافظين قد أدت لتراجع التوقعات للعملة التي تتأثر بالفعل بالمخاوف المتأججة بشأن الاحتمالات والآثار التي لا حد لها لرحيل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد البريطاني.
وكانت استقالة وزير العمل والمعاشات المؤيد لرحيل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، إيان دنكان سميث، يوم الجمعة الماضية قد أدت لزيادة القلق بشأن قدرة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على توحيد حزبه في هذه الفترة العصيبة.
ولم تدخر المؤسسات المالية الكبرى جهدا في التعبير عن مخاوفها من رحيل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي حيث حذر بنك سي.بي.آي من تعرض بريطانيا لصدمات شديدة ناجمة عن فقدان عدد هائل من الوظائف يبلغ 950 ألف وظيفة بحلول عام 2020.
وفي ظل أنه من المنتظر أن تزداد هذه الحالة من الغموض مع اقتراب موعد الاستفتاء على رحيل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، من المحتمل أن يظل الجنيه الإسترليني منخفضا ومعرضا لتكبد مزيد من الخسائر حيث إن حالة الغموض ستؤثر تأثيرا سلبيا على إقبال المستثمرين على العملة.
وكان زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي قد انهار يوم أمس حيث اقتربت الأسعار من مستوى الدعم عند 1.42. ويسير الزوج في طريقه لأن يكون هبوطيا بشدة على الرسم البياني اليومي وقد لعب تقرير التضخم الضعيف دورا أساسيا في تعرض الزوج لهبوط سريع نحو مستوى 1.42.
ومن المنظور الفني، يتم تداول الأسعار أسفل المتوسط المتحرك البسيط لمدة 20 يوما في حين أن مؤشر الماكد مستوى في الوقت الحالي. ويجب أن يحقق الدببة الهيمنة أسفل مستوى 1.44 حتى يمكن مواصلة الهبوط نحو 1.42 وربما لأقل من ذلك.
النفط الأمريكي يشعر بالارتياح فوق 40 دولار
على عكس جميع التوقعات، تمكن ثيران خام غرب تكساس الوسيط من المحافظة على هيمنتهم فوق المستوى النفسي عند 40 دولار على الرغم من التقارير الأخيرة الصادرة عن معهد البترول الأمريكي التي أظهرت أن المخزون الأمريكي من النفط الخام قد ارتفع بنحو 9 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي.
وهناك احتمال بأنه قد تم غض الطرف عن تأثير الارتفاع المستمر في المخزون بسبب ترقب ما سيسفر عنه اجتماع شهر أبريل الذي تنتظره الأسواق على أحر من الجمر بعد نشر أنباء عن أن المملكة العربية السعودية قد ستوافق على تجميد الإنتاج حتى بدون إيران.
وقد يكون زيادة التفاؤل بأن اجتماع شهر أبريل سيكون اجتماعا إيجابيا هو السبب الرئيسي الذي دفع الأسعار للارتفاع فوق مستوى 40 دولار.
وصحيح أن زيادة التوقعات بشأن التوصل لاتفاق قد أدت لارتفاع أسعار النفط، ولكن العوامل الأساسية المتمثلة في التخمة الدائمة من المعروض النفطي في الأسواق ما تزال قائمة والتي من الممكن أن تكون لها بعض الآثار السلبية في المدى القريب.
السلع تحت المجهر - الذهب
استغل ثيران الذهب المستويات المرتفعة من العزوف عن المخاطرة خلال التعاملات يوم أمس الثلاثاء والتي قدمت فرصة ثمينة للمستثمرين المشترين لدفع الأسعار للارتفاع إلى 1260 دولار.
ومن منظور التحليل الأساسي فإن الذهب يتحرك بشكل صعودي كما أن الحالة الحالية من الغموض بشأن الاقتصاد العالمي تزيد من جاذبيته حيث إن العزوف عن المخاطرة يستحوذ على كل الاهتمام.
وبالإضافة إلى ذلك، يؤدي تضاؤل التوقعات بشأن احتمال قيام البنك المركزي الأمريكي برفع سعر الفائدة في أي وقت قريب إلى زيادة الغموض العالمي وتمنح حافزا للثيران لدفع الأسعار للارتفاع نحو مستوى 1300 دولار وربما لأعلى من ذلك.
ومن منظور التحليل الفني، يتم تداول الأسعار أدمى بقليل من المتوسط المتحرك البسيط لمدة 20 يوما في حين أن مؤشر الماكد مازال في المنطقة الإيجابية. وقد يكون ضعف الدولار هو العنصر الأخير الذي من شأنه أن يمهد الطريق للارتفاع فوق مستوى 1250 دولار نحو مستوى 1300 دولار.