حسبما ورد بوسائل الإعلام، فقد كشف مساعد محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للشؤون التأمينية عبدالعزيز الهبدان أن المؤسسة تعيد النظر في التقاعد المبكر؛ كونه يشكل عبئًا ماليًّا على نظام التأمينات.
والحقيقة، إن هذا التوجه ليس المرة الأولى التي يتم فيها التلميح أو التصريح من قِبل المسؤولين بالمؤسسة عنه، وكأنه معضلة ومشكلة كبرى ستواجه التزامات المؤسسة يومًا ما، بينما تفصيل الأرقام لموارد المؤسسة ومصروفاتها يعطي معلومات كافية للرد على هذا الأمر، وإضعاف الحجج التي تساق لإبرازه كمشكلة مؤرقة.
فمع واحدة من أعلى نسب الاستقطاع على المشتركين عالميًّا، تصل إلى 20 % من الراتب، مع 2 % لساند، أي 22 % تؤخذ من الموظف والمنشأة التي يعمل بها، لم نسمع من المؤسسة يومًا أنها سترفع رواتب التقاعد أو تعطي بدلات غلاء معيشة أو تغطية تأمينية طبية، بل دائمًا ما تتحفنا بالشكوى والمخاوف من المستقبل ومن التقاعد المبكر، فأي مزايا تقدمها المؤسسة قياسًا بإيراداتها من الاشتراكات بخلاف راتب التقاعد الذي لا يصل لنسبة كاملة؟
فلا يوجد عمليًّا إلا التقاعد المبكر ميزة، وليست بالكبيرة؛ لأن 25 عامًا في العمل هي ربع قرن، وتعادل 33 % من متوسط عمر المواطن بحسب مؤشر التنمية البشرية الأممي، و50 % من متوسط عمره للمؤشر ذاته بعد إنهاء تعليمه أو وصوله لسن العمل الفعلي.
أما متى يكمل هذه المدة، وكم عمره عند التقاعد، فهذه حسابها متباين، بل يجب أن يكون التقاعد المبكر على مبدأ شرائح تبدأ من مدة 20 عامًا، وتقترن بنسب من الراتب، وليس التفكير بإلغائه أو تعديله لضد مصلحة المشترك.
فعدد المشتركين بالمؤسسة يقارب 9.9 مليون فرد، منهم 1.7 مليون تقريبًا سعوديون، والباقي 8.2 مليون وافدون.
وحجم إيراد الاستقطاع منهم نحو 24 مليار ريال سنويًّا، منها 20.4 مليار من المواطنين، والباقي من الوافدين الذين يستقطع على رواتبهم 2 % لأخطار مهنية، بينما ما تم حسابه على المواطنين فهو يخص الاستقطاع للتقاعد والأخطار المهنية بواقع 20 %، بينما هناك استقطاع 2 % لبرنامج ساند، لم يتم حسابه، ويقارب ملياري ريال سنويًّا؛ لأن تصريحات سابقة للمؤسسة تقول إنها فقط تدير عملية الاستقطاع، والصرف لمن يستحق، واستثماره لصالح البرنامج، ولا يدخل بمنظومتها عمومًا.
أما مصروفات المؤسسة فتقارب 17 مليار ريال سنويًّا، أي أن الاشتراكات تزيد على المصروفات بمقدار 7 مليارات في العام الواحد، وهو ليس رقمًا ثابتًا، إنما يزيد لصالح الإيرادات؛ لأن التوظيف يزداد سنويًّا مقارنة بالمتقاعدين الذين وصل عددهم إلى 300 ألف، يشكلون أقل من 20 % قياسًا بمن هم على رأس العمل، أي أن الاشتراكات ستبقى كافية لتغطية المصروفات مع فائض دائمًا.
لكن الأهم من إيرادات الاشتراكات كمعلومات لا يُعرف أغلبها هو الاستثمارات وعوائدها، فإذا كانت ملكيات المؤسسة تظهر ببعض الشركات المدرجة بالسوق المالية عندما تزيد ملكيتها عن 5 % فإن هناك استثمارات قد تكون أقل؛ ولذلك لن يعرف حجمها وعوائدها. فلو أخذنا مثالاً على استثماراتهم ببعض الشركات المدرجة، وهي (سابك ومصرف الراجحي وبنوك كسامبا والاستثمار والرياض وأيضًا سافكو والاتصالات)، فإن الأرباح التي توزع سنويًّا من هذه الشركات لصالح التأمينات قياسًا بحجم حصصها فيها تقارب 2.7 مليار ريال سنويًّا، وهي تغطي مصروفات المؤسسة على رواتب المتقاعدين والتعويضات بمقدار شهرين؛ إذ يبلغ متوسط إنفاق المؤسسة 1.4 مليار ريال شهريًّا. وهنا لا بد من ذكر أن هذا مثال؛ إذ لم نذكر بقية العوائد من شركات الأسمنتات وبقية البنوك وشركة الكهرباء والعديد من الشركات التي تستثمر بها المؤسسة، والتي بالتأكيد تغطي مصروفاتها شهورًا عدة؛ وبذلك قد تكون عوائد المؤسسة من استثماراتها بالسوق المالية تغطي على الأقل من 4 إلى 6 أشهر من مصروفاتها السنوية؛ ما يرفع من إيراداتها العامة من الاشتراكات وأرباح سوق الأسهم المحلي من التوزيعات إلى نحو 30 مليار ريال تقريبًا، أي ضعف مصروفاتها السنوية، أي أن لديها فائض لا يقل عن 12 إلى 14 مليارًا من هذين البندين من الإيرادات، وفي حال إعادة استثمارها فإن العائد عليها لن يقل عن 5 %، أي في كل عام يمكن أن تضيف فقط من أرباح الفائض السنوي من الإيرادات من بندين نحو 500 إلى 700 مليون ريال، أي في عشرة أعوام 5 إلى 7 مليارات، وهذه سيعاد استثمارها تراكميًّا بخلاف الزيادة بالاشتراكات.
أما الجانب غير المعروف لأي سبب كان فهو استثماراتها العقارية، فلا يُعرف حجمها، ولا عوائدها، بل لا تعرف قيمة هذه الأصول، فهي بالتأكيد مسجَّلة بسعر التكلفة، وبعضها مسجل بأقل من قيمته الحالية بكثير؛ كونه استثمارًا قديمًا، وبالتأكيد فإن العوائد مليارية من هذه الاستثمارات العقارية، بخلاف استثماراتها الخارجية، وكذلك بأدوات الدين وغيرها مما هو غير معروف، لكننا نفترضه بالقياس على ما تقوم به جل مؤسسات وصناديق التقاعد العالمية، وكذلك صناديق الاستثمار العالمية التي توزع استثماراتها على العديد من القنوات الاستثمارية قطاعيًّا وجغرافيًّا، فإذا كان الحجم الكلي لأصول المؤسسة المستثمرة يقارب 200 مليار، وهو رقم لا يعتبر كبيرًا قياسًا بعمر المؤسسة، بل هو افتراضي بأقل التقديرات؛ لأنه - كما ذكرت - لا تُعرف قِيم وحجم أصولها، فإن العوائد يفترض أن تكون بالمتوسط نحو 6 %، أي تقريبًا 12 مليار ريال سنويًّا، تُضاف للاشتراكات؛ لتصبح تقريبًا 36 مليار ريال، أي أعلى من المصروفات بأكثر من 110 %.
ومن ذلك يمكن استنتاج أن الحديث عن التقاعد المبكر، الذي يحتاج المشترك للحصول عليه إلى مدة عمل 25 سنة فعلية بأنه عبء، حجة ضعيفة، ولا يوجد أدنى مبرر لتعديله؛ فهو حق للمشترك، بل حق إنساني لمن يعمل كل هذه المدة، ولن يحصل على راتب تقاعدي يساوي آخر راتب له بالعمل إذا تقدم للتقاعد المبكر، فلن يصل لأكثر من 59 إلى 62 % من آخر راتب، كما أن الكثير لا يفكر به إلا لظروف خاصة، بينما يبحث الأغلبية عن تحسين تقاعدهم بالاستمرار في العمل، بينما من تتجاوز رواتبهم السقف الأعلى للاشتراك عند 45 ألف ريال كراتب شهري فلن يفكروا في التقاعد المبكر؛ لأن دخلهم سينخفض بنسبة حادة؛ فلن يتعدى راتبه التقاعدي 28 ألف ريال شهريًّا.
أما عن المستقبل فإن التوجه العام لخطط التنمية وبرنامج التحول الوطني يتمثل في التركيز على تعزيز دور القطاع الخاص، وهذا يعني زيادة التوظيف به من خلال زيادة الاستثمارات الخاصة، وكذلك برنامج التخصيص الذي سيتحول بموجبه البعض ليكونوا تحت مظلة التأمينات الاجتماعية. وإذا استطاع الاقتصاد توليد 6 ملايين فرصة عمل حسب أهداف برنامج التحول فإن غالبية من سيشغلها سيكونون مشتركين بالتأمينات الاجتماعية؛ كون الدور الأكبر سيكون للقطاع الخاص والخصخصة بتوليد تلك الوظائف، ومع مجتمع غالبيته شباب فإن مبالغ ضخمة ستدخل للتأمينات، تفوق بكثير ما سيصرف على من سيتقاعد، سواء عند سن الـ60 أو بالتقاعد المبكر، بل إن الأخير يفتح الباب لفرص وظيفية تحل مكان من سيتقاعد، وهذا يعني أن المؤسسة لم تأخذ بعين الاعتبار مثل هذه المعطيات والتوجهات، بل إن غالبية مشتركي المؤسسة زادوا في آخر عشر سنوات، وفي السنوات الخمس الأخيرة ارتفع العدد لديهم بنحو 700 ألف مع برنامج نطاقات بمعزل عن إشكالياته، فهم يتقاضون اشتراكات، وهذا حسبهم، ولن يتقاعد هؤلاء قبل عشرين سنة قادمة وأكثر.
قبل أن تفكر المؤسسة بتعديلات ودراسات للتقاعد المبكر عليها أن تتذكر أن هذه أموال المشتركين وحقوقهم، ومن بينها التقاعد المبكر بوصفه حقًّا أصيلاً وإنسانيًّا، والأفضل أن تطور من أساليب استثماراتها، وترفع من إيراداتها من الاستثمارات التي تحتاج إلى شفافية وإفصاح كحق من حقوق المشتركين بأن يعلموه، وأن يكون هناك أكثر من جهة رقابية، تكشف تفاصيل تلك الاستثمارات، وأداء المؤسسة وتقيّمه، وأن يكون لممثلي العملاء من المشتركين دور أكبر وأوسع حتى بطرق اختيارهم؛ ليكونوا صوتًا قويًّا بمجلس إدارة المؤسسة، وأن يحافظوا على حقوق المشترك، وخصوصًا بالمزايا، كالتقاعد المبكر وحتى الرواتب التقاعدية وزيادتها؛ لتستوعب التضخم، وتساعد المتقاعد على مواجهة تكاليف المعيشة.
نقلا عن الجزيرة
مقال موفق
جزاك الله خيراً على هذا المقال والتبيان الواضح- حقائق واضحة من الكاتب الخبير تفضح ادعاءاتهم المضللة عن التقاعد المبكر فلدى التأمينات من الاشتراكات مايزيد عن ٧ مليار سنوياً على اقل تقدير غير الاستثمارات المتنوعة ومع ذلك لا ينفكون من سنوات عن الشكوى وهم لم يقدموا شيئاً يذكر لهم من اي مميزات للمتقاعدين ويرفضون حتى اضافة بدل غلاء للمعيشة حسبي الله عليهم وكفى
الشكوى لغير الله مذله , حسبنا الله ونعم الوكيل ,
ملايين المشتركين يقرركم موظف في التامينات التلاعب بمستقبلهم امر غريب عجيب !!!
معدل عمر السعوديين ارتفع آخر 15 سنة لذلك التقاعد المبكر سيلغى و يرفع سن التقاعد إلى 62 سنة
لا اعلم ماهو مصدرك لهذة المعلومة ... لكن ربما تكون لفظة ( صحة السعوديين ) ادق من ( عمر السعوديين ارتفع) كيف ارتفع عمر السعوديين ونحن نسمع بتزايد وفيات الحوداث المرورية والامراض المختلفة بسبب تغيير نوعية الاغذية وغيرها من التغييرات السلبية التي لم تكن موجوده سابقا؟ ببساطة .. هل ترى ان اعداد كبارالسن الان اكثر مما كانوا قبل 15 عاما ؟ انا ارى العكس .
مقال في الصميم ... شكرا على الطرح . ياترى لو كان نظام التقاعد خياريا وليس اجباريا . هل ستكون جدوته افضل فيما لو قام الموظف بتوفير ذلك الاستقطاع طوال مدة خدمته واستثماره بنفسه؟
شكر الله لك استاذ محمد وبارك الله فيك
شكرااا لك استاذ محمد
مقال رائع .. من أستطاع ان يوصله لإدارة التأمينات الإجتماعية فليوصله .. الشمس لا تحجب بغربال
الدوله تحاول رفع ايراداتها و خفض النفقات و الاقتراض من التقاعد و التامينات. يعني مافيه تخطيط على المدى البعيد. هذا قرار ان حصل كارثي على المشتركين و الاقتصاد. الدوله تسعى لجعل التوظيف عن طريق القطاع الخاص و في المقابل تتحدث عن قرارات تقلص التوظيف بالقطاع الخاص عجبي!!!!
لا احد يعلم عن ارقام التأمينات اي شئ فلا ميزانيات مدققة منشورة ولا من يحزنون فهي عبارة عن صندوق مقفل لا يعلم احد عنه شيئا واما زيادة رواتب المتقاعدين سنويا لمواجهة التضخم فهذا حلم بعيد المنال ولا احد يعتقد بحدوثه فقد عرف عن السعوديين انهم يحسدون بعضهم البعض ولا ننسى ان شريحة كبيرة من المتقاعدين لاتتجواز رواتبهم التقاعدية 3000 ريال وهي لاتكفي لمصاريف الاكل والشرب ناهيك عن العلاج والايجار والمصاريف التعليمية اي ان هذا المتقاعد عمليا دخل في عداد الاموات وهو على قيد الحياة لذلك يا عزيزي الكاتب ان تنفخ في قربة مخرومة ولن يعيرك احد اهتماما لا بل سيخرج من يتبرع بالرد عليك مثل عضو مجلس الشورى الذي افتى بأن التقاعد المبكر هو قرار الشخص نفسه وعليه تحمل تبعاته ولا استغرب مثل هذا الرد منه فهو سعودي
الاستاذ محمد العنقري يحس بهموم المواطن نأمل ان يكون عضوا في المجلس الاقتصادي اوعضوا في الشورى هو غيور على الوطن
الاستاذ محمد العنقري قلم متميز نامل من المجلس الاقتصادي ضمه وامثاله ممن يغارون على الوطن ويحسون بهموم الضعفاء
تغطية الفشل في إدارة ايرادات المؤسسة بوضع حلول كارثيه هو ما تتجه له مؤسسة التأمينات لو عزمت على ايقاف التقاعد المبكر. وأبرز كوارث هذا القرار لو حدث هو تكدس موظفين تجاوزوا 25 عام من عمرهم الوظيفي ولا يرغبون بالإستمرار !! فلك أن تتخيل آداء هذا الموظف وهو لا يرغب بالإستمرار وتأثير ذلك في انتاجية القطاع الخاص. كما أن وجود هؤلاء الموظفين في شركاتهم وعدم مقدرتهم على طلب التقاعد يقلص بل يوقف التوظيف الجديد بحكم تواجد فائض موظفين بالشركه أو المؤسسة وبالتالي سينعكس أثره على تضخم معدل البطالة بين الشباب وهذا والله انه كارثة الكوارث في أي مجتمع. والله من وراء القصد
يا جماعه الموضوع بعض المسؤولين يرغبون في الحصول على إيرادات التأمينات لتعويض العجز بالميزانية.
(ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون )
كلام جميل و مميز و سيكون قتل للمواطن الغاء مثل هذا الحق اخذا بالاعتبار من يعملون بالمصانع من مشغلين او تقنيين و تتجاوز اعمارهم ال 50. لان هذا يمس شريحه كبيره من المواطنيين للاسف لا تمثلهم التامينات, لربما الامثل مناقشته و استفتائهم و بحث جميع الخيارات. بالاظافه الى ان هذا الخيار موجود لموظفي الدوله فيجب الا يحزم منه موظفي القطاع الخاص.
لاحول ولا قوة الا بالله الله يعوضنا خير
جزاك الله خير يامحمد العنقري . كفيت ووفيت
من شدة تصريح المسئولين بالمؤسسه صاري لي 3 سنوات افكر بالتققاعد المبكر واتراجع خوفا على المؤسسه من الافلاس
اعطونا المبالغ التي دفعناها، ولا نريد منكم راتب تقاعدي، قلق وحرب نفسية، تريدون القبض، ولا تريدون دفع ريال واحد