لاحت في الأفق مع نهاية الأسبوع الماضي بشارات خير لصناعة النفط وللمصدرين ولأسواق المال، قفز معها سعر برميل نفط غرب تكساس بنسبة 8% إلى ما فوق الثلاثين دولار للبرميل في ليلة واحدة.
والبشارات تضمنها تقرير جديد للأوبك صدر يوم 18 يناير ويشتمل على أرقام جديدة عن صناعة النفط كما كانت عليه في نهاية عام 2015، مع بعض التوقعات عن عام 2016.
وسأعرض بالتفصيل لأهم ما تضمنه التقرير من معلومات هامة ولكنني أبادر إلى القول إن موجة الإنخفاضات الكبيرة التي ضربت صناعة النفط والتي انخفض معها سعر برميل الأوبك يوم الأربعاء 20 يناير إلى مستوى أقل من 23 دولاراً للبرميل، وانخفاض سعري برنت وغرب تكساس إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل، قد وصلت على ما يبدو إلى نهايتها.
وقد سارع المتعاملون في أسواق العقود الآجلة إلى تغطية عقود سبق أن أبرموها بالبيع(شورت) عندما كان سعرالنفط عند مستوى 40 دولاراً للبرميل،، لجني أرباح حققوها من بيع نفط بسعر مرتفع وشرائه من جديد بأسعار منخفضة.
ولكن كيف عرف المتعاملون أن فائض المعروض النفطي قد بدأ في التراجع-بعد أن ظل لقرابة العامين في حالة تزايد وصل معها إلى مستوى 1,6 مليون برميل يومياً؟
لقد أدرك المتعاملون أن الإنخفاض الشديد في سعر النفط قد عمل على خفض المعروض من بعض المنتجين؛ باعتبار أن تكلفة الإنتاج لديهم مرتفعة وتضطرهم إلى وقف الإنتاج عند الأسعار المتدنية، وإن انخفاض أسعار النفط تساعد على تنشيط الاقتصادات المستوردة له، ومن ثم يزداد الطلب عليه وعلى منتجاته بوتيرة أسرع.
وفي حين كان ميزان العرض والطلب حتى بداية عام 2014، في حالة عجز محدود-لكنه متناقص- ويتم تعويضه من المخزونات التجارية، فإن الأمور قد تغيرات منذ الربع الأول من العام 2014، وبات المخزون في حالة فائض متزايد، وهو ما ضغط بالتدريج على الأسعار في النصف الثاني من عام 2014 وحتى الأسبوع الثالث من يناير عام 2016.
وأظهرت بيانات الأوبك التي صدرت مؤخراً أن الفائض عاد إلى التراجع على النحو الذي تعكسه الأرقام أدناه، وإن كان الفائض لا يزال موجوداً ويتطلب شهوراً عديدة حتى يختفي:
1-انخفض انتاج غير الأوبك في شهر ديسمبر بنحو 700 ألف ب/ي عن مستواه في نوفمبر ليصل إلى 56,9 مليون ب/ي، وقد جاء معظم الإنخفاض من الإنتاج الأمريكي الذي هبط بنحو 400 ألف ب/ي.
2- انخفض إنتاج الأوبك من النفط في شهر ديسمبر بنحو 210,6 ألف ب/ي عن مستواه في نوفمبر ليصل إلى 32,18 مليون ب/ي. وقد جاء معظم الإنخفاض من نيجيريا(77,2 ألف)، والسعودية(57,7 ألف)ن والعراق(31,1 ألف)، والكويت(22,5 ألف)، وفنزويلا(20,1 ألف).
3-أن الطلب العالمي المتوقع على النفط في عام 2016 سيرتفع عما كان عليه في عام 2015 بنحو 1,3 مليون ب/ي إلى مستوى 94,2 مليون ب/ي. وهذه الزيادة المنتظرة مع انخفاض المعروض من نفط غير الأوبك سوف تعمل على زيادة الطلب على نفط الأوبك في عام 2016 إلى مستوى 31,6 مليون ب/ي مقارنة بـ 29,9 مليون ب/ي في عام 2015.
4-أن عدد الحفارات العاملة في مجال النفط والغاز قد انخفضت في عام 2015 إلى 1438 حفار، وللمقارنة كان العدد في عام 2011 نحو 3097، ووصل إلى 3034 في عام 2014. وهذا التراجع في عدد الحفارات سيزداد حدة في عام 2016، وسيترتب عليه انخفاض ملموس في أي زيادات محتمله من آبار جديدة.
والخلاصة أن الإنخفاض الشديد في أسعار النفط قد بدأ يؤثر على معطيات الصناعة، ويعمل على تناقص الفائض، نتيجة انخفاض المعروض وتزايد الطلب.
ومع وصول سعر الخام إلى مستويات متدنية، فإن ذلك سيؤثر على اتجاهات المتعاملين في البورصات العالمية فيتوقفوا عن بيع النفط بعقود آجلة، مما سيدفع الأسعار إلى الارتفاع.
وبقدر ما تعزز البيانات والتقارير القادمة من هذه المعطيات، بقدر ما تستقر أسعار النفط وتتوقف عن الإنخفاض. وعليه أتوقع أن نكون قد وصلنا إلى القاع بالنسبة لأسعار النفط، وأن تحدث ارتفاعات وتذبذبات تستقر بعدها الأسعار ما بين 30-40 دولاراً للبرميل.
القاع هو 25-24 دولار وقد يصل لة خلال اسابيع . واللة اعلم .