الغرامة والتشهير في نظام المنافسة

31/12/2015 2
د. عبد العزيز بن سعد الدغيثر

نختم تعليقنا على نشر مجلس المنافسة لحكمه على شركة الاتصالات بعقوبة الغرامة والتشهير بالحديث عن هاتين العقوبتين في النظام، وما يمكن الاستفادة من القوانين الأخرى وكلام الشراح لتطوير نظام المنافسة ولائحته. مع الحرص على الاختصار.

 وأولى العقوبات عقوبة الغرامة، وتختلف تنظيمات المنافسة في طريقة احتساب الغرامات المالية على ثلاث توجهات:

1-تحديد الغرامة بحد أعلى وأدنى. 

2-تحديد الغرامة بنسبة من صافي المبيعات التشغيلية خلال آخر سنة، ويطلق عليها مصطلح " رقم الأعمال " ويقصد برقم الأعمال هو جميع المبالغ التي تتحصل عليها المنشأة خلال السنة المالية السابقة ضمن أنشطة المنشأة بعد حسم الضرائب وجميع العوائد غير الاعتيادية كالدعم الحكومي.

كما في كتاب: النظام القانوني لعمليات التركز الاقتصادي في قانون المنافسة - أسامة فتحي عبادة يوسف ص 102.

3-مصادرة المبالغ الناتجة بسبب مخالفة نظام المنافسة.

4-مصادرة السلع محل الجريمة الاحتكارية.

فعلى سبيل المثال: قرر المنظم السعودي في تعديله للمادة 12 من نظام المنافسة أن تكون العقوبة المالية للجرائم الاحتكارية والتركزات غير النظامية على النحو الآتي:

1-غرامة مالية لا تتجاوز ( 10 % ) من إجمالي قيمة المبيعات أو بما لا يتجاوز عشرة ملايين ريال.

2-إلزام المخالف برد جميع المكاسب التي حققها نتيجة المخالفة. 

وقد كانت الغرامة محددة قبل التعديل بغرامة مالية لا تتجاوز خمسة ملايين ريال، وبسبب ورود ملحوظات من المختصين تم تعديلها لتصبح العقوبة أقرب إلى العدل.

ويرى الباحث أن تحديد الغرامة بناء على رقم الأعمال من الأهمية بمكان، وهو أقرب للعدل، وقد ذكرت الصحف المصرية حالة من الحالات التي أثرى فيها أحد التجار، وكانت العقوبة ضئيلة مقارنة لما حصل عليه من ثراء بطريق غير مشروع.

وقد صرح أحد المخالفين لقواعد المنافسة في الولايات المتحدة بعد أن حكم عليه بغرامة ثلاثين ألف دولار قائلا:" إذا بلغت أعمالك ثلاثين مليون دولار في السنة، جنيت منها ثلاثة ملايين عن طريق فرض الأسعار، فلا يعني لي الكثير أن أدفع غرامة ثلاثين ألف دولار" (النظام القانوني لعمليات التركز الاقتصادي في قانون المنافسة - أسامة فتحي عبادة يوسف ص 471).

ولأجل ذلك تعتمد الكثير من القوانين على رقم الأعمال المحققة خلال السنة لتقرير قيمة الغرامات المالية كالقانون الفرنسي، وهو ما اعتمد عليه قانون المنافسة الجزائري في المادة 61حيث يمكن أن تصل إلى 7% من رقم الأعمال المحقق من غير الرسوم، خلال آخر سنة مالية مختتمة.

وقد تقدم أن المنظم السعودي انتبه لذلك فصدر قرار مجلس الوزراء في اجتماعه المنعقد يوم الاثنين 3/4/1435هـ بتعديل العقوبة الواردة في نظام المنافسة بأن تكون غرامة مالية لا تتجاوز ( 10 % ) من إجمالي قيمة المبيعات أو بما لا يتجاوز عشرة ملايين ريال.

وأما عقوبة التشهير فتختلف طريقة العقوبة بالتشهير حسب كل نظام للمنافسة، فبعضها يكتفي بالنشر في صحيفة واحدة، وبعضها في صحيفتين، وقد يصل التشهير إلى ثلاث صحف في بعض الأنظمة، وقد قرر المنظم السعودي أن العقوبة التشهيرية للمخالف، نشر قرار العقوبة والإدانة أو الحكم بهما على نفقة المخالف بعد اكتساب أي منهما الصفة النهائية. 

ولم يبين في النظام نوع النشر، ويحتمل أن يكون المقصود بالمادة:

1-الصحيفة الرسمية للدولة.

2-أو يكتفى بأي صحيفة يومية في المقر الرئيسي للمنشأة المخالفة.

ويرى الباحث أن الأبلغ في الردع أن يكون نشر القرار في صحيفة يومية في المكان الرئيسي للمنشأة، وإن كان من المفترض أن ينص على ذلك صراحة في النظام.

وإضافة إلى ذلك فإن للمجلس أن ينشر في تقريره السنوي وعلى موقعه الإلكتروني الرسمي الشكاوى والقضايا وقراراته وقرارات لجنة الفصل وأحكام ديوان المظالم النهائية (اللائحة التنفيذية لنظام المنافسة السعودي م54).

وقد نحى قانون المنافسة المغربي في المادة  79 طريقة مغايرة لبقية القوانين، فقد قرر أن تسند طريقة التشهير للقضاء، سواءً بالنشر في صحيفة، أو تعليق القرار في مكان بارز معد لذلك في الجهات العدلية، واشترط المنظم المغربي ألا تتجاوز مدة التعليق شهرا واحدا ودون أن تتعدى مصاريف النشر مبلغ الغرامة الأقصى.

وأعتقد أن الأنسب أن يحدد النشر في صحيفة واسعة الانتشار في بلد المحكوم عليه، وفي موقع الجهة المنظمة للمنافسة، ويمكن التشهير بأكثر من ذلك عندما ترى الجهة المختصة ذلك، نظرا لجسامة المخالفة أو عظم آثارها.