صور إساءة استغلال الوضع المهيمن في قوانين المنافسة

29/12/2015 0
د. عبد العزيز بن سعد الدغيثر

تحظر قوانين المنافسة على المنشأة التي تتمتع بوضع مهيمن أن تقوم بعمل يمنع من دخول منشآت جديدة للسوق، فقد منع المنظم السعودي من اتخاذ إجراءات لعرقلة دخول منشأة إلى السوق أو لإقصائها منه، كما حظر المنظم السعودي البيع بأقل من سعر التكلفة لإقصاء منشأة منافسة من السوق.

كما حظر المنظم السعودي على المنشأة ذات الوضع المهيمن إساءة استغلال الهيمنة للإخلال بالمنافسة أو الحد منها أو منعها، ومن ذلك القيام بسلوك يؤدي إلى عرقلة دخول منشأة أخرى إلى السوق أو إقصائها منه أو تعريضها لخسائر بما في ذلك اضطرارها للبيع بالخسارة، كما حظر القيام باستيراد مدخلات وسيطة بأسعار تؤدي لإقصاء المنافسين الآخرين من السوق.

( 1) لائحة نظام المنافسة السعودي م4-5، 4-8.

( 2)لائحة نظام المنافسة السعودي م7-2، 7-5.

وهذه الطريقة التي تعمد لها الشركات تسمى في القانون "الممارسات الاستبعادية" (Exclusionary Practices) ، ولها عدة صور، يمكن إيجازها في هذا المقال وأهم هذه الصور ما يأتي:

الصورة الأولى: التسعير العدواني أو الافتراسي ( Predatory Pricing) وقد منعت العديد أنظمة المنافسة مثل نظام المنافسة السعودي والكويتي افتعال وفرة مفاجئة في السلع والخدمات بحيث يؤدي تداولها إلى سعر غير حقيقي، يؤثر في باقي المتعاملين في السوق.

ومنع نظام المنافسة السعودي والمصري والإماراتي واليمني والسوداني والقطري والكويتي والمغربي بيع السلعة أو الخدمة بسعر أقل من التكلفة، بهدف إخراج منافسين من السوق.

الصورة الثانية: صفقات الربط (Tying Arrangement) بأن يشترط البائع أو المؤجر على المشتري أو المستأجر الذي يريد سلعة، أن يضم إليها سلعة، ولو كان المشتري أو المستأجر لا يرغب فيها . وقد منع نظام المنافسة السعودي والمصري والإماراتي واليمني والسوداني والقطري والكويتي والمغربي هذا التصرف، وحدد عقوبة خاصة به، مع عدم الإخلال بحق المضرور في المطالبة بالتعويض.

الصورة الثالثة: الامتناع عن التعامل، إذا كان الباعث على الامتناع عن التعامل (Refusal to Deal) الرغبة في الحصول على قوة احتكارية أكبر، أو المحافظة على وضع احتكاري، فهذا مخالف لأنظمة المنافسة.

وقد منع نظام المنافسة السعودي والمصري والإماراتي واليمني والسوداني والقطري والكويتي والمغربي رفض المنشأة التعامل مع منشأة أخرى دون مسوغ، وذلك من أجل الحد من دخولها السوق .

(3 ) الممارسات الاحتكارية والتحالفات التجارية لتقويض حريتي التجارة والمنافسة – د. حسين فتحي ص 44.

( 4) نظام المنافسة السعودي م4-3، قانون المنافسة الكويتي 4-3، 

( 5) نظام المنافسة السعودي م5-1، قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري م 8-ح، القانون الإماراتي الاتحادي للمنافسة م6-1-ب، وقانون المنافسة اليمني م8-ب-1، قانون تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار لسنة 2009 السوداني م6-2-و، القانون القطري للمنافسة: 4-10. قانون المنافسة الكويتي 4-6، قانون المنافسة المغربي - م 7.

( 6) الممارسات الاحتكارية والتحالفات التجارية لتقويض حريتي التجارة والمنافسة – د. حسين فتحي ص 16.

( 7) نظام المنافسة السعودي م5، قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري م 8، القانون الإماراتي الاتحادي للمنافسة م6، وقانون المنافسة اليمني م8، قانون تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار لسنة 2009 السوداني م6، القانون القطري للمنافسة:م- 4. قانون المنافسة الكويتي م- 4، قانون المنافسة المغربي - م 7.

الصورة الرابعة: التسعير التمييزي ( Price Discrimination ) بأن يبيع المنتج السلعة في سوق مليء بالمنافسة بربحية منخفضة، ويبيع المنتج نفسه في سوق آخر بعيد عن المنافسة بربحية أعلى .

ولم يرد لهذه المخالفة ذكر في نظام المنافسة السعودي إلا أنها تدخل في عموم المنع، لأن المخالفات المذكورة ليست حاصرة، وقد منع نظام المنافسة المصري والإماراتي واليمني والسوداني والقطري والكويتي والمغربي التمييز في أسعار البيع أو الشراء أو في شروط التعامل بين بائعين أو مشترين تتشابه مراكزهم التعاقدية.

الصورة الخامسة: تحديد قيود أو شروط لبيع السلع أو الخدمات بغرض زيادة الأسعار.

ورد ضمن المخالفات الاحتكارية في نظام المنافسة السعودي :" فرض قيود على توريد السلع أو الخدمات بهدف إيجاد نقصٍ مصطنعٍ في توافر المنتَج لزيادة الأسعار" وهي بنصها في القانون الإماراتي الاتحادي للمنافسة.

ومنع القانون الأردني تحديد أو فرض أسعار أو شروط إعادة بيع السلع أو الخدمات، وقريب منه نص القانون السوري والقانون اليمني للمنافسة وقانون المنافسة السوداني.

والشروط التعسفية, هي تلك الشروط التي لا تتفق مع الأعراف والعادات والأصول التجارية , وهي تلك الشروط التي ليس في مقدرة المحتكر إيرادها عند وجود منافسة فعالة في السوق من قبل تجار آخرين.

( 8) قانون شيرمان م1، وإذا كان سبب الامتناع غير تجاري فإنه يطلق عليه المقاطعة (Boycott)، ينظر كتاب: الممارسات الاحتكارية والتحالفات التجارية لتقويض حريتي التجارة والمنافسة – د. حسين فتحي ص 26.

( 9) نظام المنافسة السعودي م5-4، قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري م 8-ب، وقانون المنافسة الأردني م6، القانون الإماراتي الاتحادي للمنافسة م6-1-و، وقانون المنافسة اليمني م8-ب-4،10، قانون المنافسة ومنع الاحتكار السوري م 6-و، القانون القطري للمنافسة: 4-3. قانون المنافسة الكويتي 4-5، قانون المنافسة المغربي - م 7.

(10 ) الممارسات الاحتكارية والتحالفات التجارية لتقويض حريتي التجارة والمنافسة – د. حسين فتحي ص 28.

( 11) قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري م 8-ه، وقانون المنافسة الأردني م6-ج، القانون الإماراتي الاتحادي للمنافسة م6-1-ج، وقانون المنافسة اليمني م8-ب-2، قانون المنافسة السوداني م-6 – ز، قانون المنافسة ومنع الاحتكار السوري م 6-ج، القانون القطري للمنافسة: 4-7. قانون المنافسة الكويتي 4-12.

(12 ) نظام المنافسة السعودي م5.

الصورة السادسة: التصرف أو السلوك المؤدي إلى عرقلة دخول مؤسسات أخرى إلى السوق أو إقصائها منه أو تعريضها لخسائر جسيمة.

ومع أن نظام المنافسة السعودي أغفل النص على منع التصرف أو السلوك المؤدي إلى عرقلة دخول مؤسسات أخرى إلى السوق أو إقصائها منه أو تعريضها لخسائر جسيمة، إلا أنه داخل في عموم المنع، ولأجل ذلك فقد حظرت اللائحة التنفيذية لنظام المنافسة السعودي على المنشأة ذات الوضع المهيمن إساءة استغلال الهيمنة للإخلال بالمنافسة أو الحد منها أو منعها، ومن ذلك القيام بسلوك يؤدي إلى عرقلة دخول منشأة أخرى إلى السوق أو إقصائها منه أو تعريضها لخسائر بما في ذلك اضطرارها للبيع بالخسارة( ).

والتصريح بمنع هذا التصرف منصوص عليه في الكثير من أنظمة المنافسة مثل قانون المنافسة ومنع الاحتكار السوري والأردني والكويتي، فقد منعت أن يحصل من أي منشأة في وضع مهيمن أي تصرف أو سلوك مؤدٍّ إلى عرقلة دخول مؤسسات أخرى إلى السوق أو إقصائها منه أو تعريضها لخسائر جسيمة ( ).

الصورة السابعة: الامتناع عن التعامل مع مؤسسة منافسة أو إرغام عميل على مقاطعة مؤسسة منافسة.

وقد منعت الكثير من الأنظمة امتناع منشأة ما عن التعامل مع منشأة منافسة لها أو إرغام عميل لها على مقاطعة مؤسسة منافسة، إلا أن المنظم السعودي لم ينص عليها صراحة في نظام المنافسة السعودي، ولكنه داخل في عموم المنع، ولذا فقد نص اللائحة التنفيذية لنظام المنافسة السعودي على أنه يحظر على المنشأة ذات الوضع المهيمن إساءة استغلال الهيمنة للإخلال بالمنافسة أو الحد منها أو منعها، ومن ذلك إرغام عميل لها أو الاتفاق معه على الامتناع عن التعامل مع منشأة منافسة لها.

( 13) القانون الإماراتي الاتحادي للمنافسة م6-1وقانون المنافسة الأردني م6، وقانون المنافسة ومنع الاحتكار السوري م 6، وقانون المنافسة اليمني م8-ب، وقانون المنافسة السوداني م-6.

( 14) الاحتكار والأفعال الاحتكارية - د.أحمد الملحم. ص 199.

( 15) اللائحة التنفيذية لنظام المنافسة السعودي- م 7-2، وتنظر المادة 4-5.

( 16) قانون المنافسة الأردني م6، قانون المنافسة ومنع الاحتكار السوري م6. قانون المنافسة الكويتي 4-12.

والنص على حظر قيام أي منشأة في مركز مهيمن بالامتناع عن التعامل مع منشأة منافسة لها أو إرغام عميل لها على مقاطعة مؤسسة منافسة مقرر في العديد من أنظمة المنافسة مثل قانون المنافسة ومنع الاحتكار السوري والأردني والمصري والإماراتي.

ويمنع القانون القطري للمنافسة أي منشأة في مركز مهيمن أن تلزم أي مورد بعدم التعامل مع منافس.

كما يمنع القانون القطري للمنافسة أي منشأة في مركز مهيمن أن تلزم المتعاملين معها ألا يتيحوا لشخص منافس لها، استخدام ما يحتاجه من مرافقهم أو خدماتهم، رغم أن إتاحة هذا الاستخدام ممكن اقتصادياً.

الصورة الثامنة: تقليل عرض المنتج في السوق بغرض بيعه بسعر أعلى.

وهو ممن الممارسات الاحتكارية المحظورة، إذ من البدهي أن المحتكر لا يستطيع التحكم في الأسعار والكميات المعروضة في الوقت نفسه، ولذا فإذا خفض الإنتاج أو خفض الكميات المعروضة للبيع، فإنه بهذا قد أساء استغلال مركزه الاحتكاري، لأن سعر المنتج لا يمثل القيمة الحقيقية له.

وهذا التصرف يقع من المنشآت المهيمنة، التي وصلت لمركز احتكاري قوي يجعلها تستطيع التحكم في الأسعار، مما يضر المستهلكين بطريق مباشر.

وهذه الصورة لم يرد لها ذكر في نظام المنافسة السعودي ولائحته التنفيذية، ويمكن أن تدخل في عموم المنع إذا كان القصد منها تقييد المنافسة أو الإضرار بها.

( 17) اللائحة التنفيذية لنظام المنافسة السعودي- م 7-7.

( 18) قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري م 8، وقانون المنافسة الأردني م6، القانون الإماراتي الاتحادي للمنافسة م6-1، قانون المنافسة ومنع الاحتكار السوري م 6، القانون القطري للمنافسة: 4. قانون المنافسة الكويتي 4.

( 19) الاحتكار والأفعال الاحتكارية. د.أحمد الملحم. ص 197.

وخلاصة القول فإنه بالنظر في أنظمة المنافسة؛ يمكن القول أن إيرادها للمخالفات الاحتكارية إنما هو على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، بدليل لأن نظام المنافسة السعودي حظر على المنشأة التي تتمتع بوضع مهيمن أي ممارسة تحد من المنافسة، وفقاً لما تحدده اللائحة، من ذلك ...، والدلالة اللغوية في هذا السياق لحرف الجر "من"، تدل على التبعيض.

كما يفهم من المادة السادسة من القانون الأردني للمنافسة أن هذه الأفعال الاحتكارية إنما هي على سبيل التمثيل، فقد حظر القانون الأردني للمنافسة على أي مؤسسة لها وضع مهيمن في السوق أو في جزء هام منه إساءة استغلال هذا الوضع للإخلال بالمنافسة أو الحد منها أو منعها بما في ذلك ما يلي...

وهذا واضح أيضا في الكثير من القوانين مثل القانون الإماراتي الاتحادي للمنافسة والقانون القطري للمنافسة وقانون المنافسة ومنع الاحتكار السوري وقانون المنافسة الكويتي وقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري.

ويؤكد الدكتور الملحم أن جميع أنظمة المنافسة تمنع الممارسات الاستبعادية ويدخل فيها كل ما من شأنه تقييد المنافسة والإضرار بالمستهلك نظرا إلى عدم التكافؤ في المقدرة التعاقدية بين المحتكر والمستهلك, وللحيلولة دون إساءة استغلال المركز المحتكر، وهو رأي صحيح بالنظر إلى مقصود المنظم.

ولذا فإنه يظهر لي عدم حصر هذه المخالفات، وما ذكر في نظام المنافسة السعودي ولائحته إنما هو على سبيل المثال، ويكون المعتبر في ذلك العرف التجاري.

وفي المقال القادم أختم تعليقي على قرار مجلس المنافسة بحق إحدى شركات الاتصالات الكبرى ببيان عقوبة من ثبت وقوعه في إحدى هذه الممارسات الاحتكارية.

( 20) نظام المنافسة السعودي م5.

( 21) قانون المنافسة الأردني لسنة 2004 م 

( 22) قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري م 8، القانون الإماراتي الاتحادي للمنافسة م6-1، قانون المنافسة ومنع الاحتكار السوري م 6، القانون القطري للمنافسة: 4. قانون المنافسة الكويتي 4.

( 23)الاحتكار والأفعال الاحتكارية - د.أحمد الملحم ص 200.