مؤشر السوق وقياس الضغط

27/12/2015 3
عبد الرحمن بسيوني

تحتاج الى كثير من الوقت لكي تنمي مالك، لكن لاتحتاج إلا القليل لكي تخسره، تستطيع أن تخسره بإلمضاربة والمغامرة في سوق الأسهم بسبب متابعتك اليومية لمؤشر السوق، أو متابعتك للأحداث العالمية التي ليس لها علاقة في أغلب الأوقات بإداء سهم الشركة التي تملك حصة بها.

تركيزك منصب فقط على مؤشر السوق، وعلى السوق الأمريكي ومدى تأثير أرتفاع معدلات الفائدة به، وعلى العملات وسعر الذهب وأسعار النفط. لكنك تجاهلت ماهو أهم من ذلك كله وهو التركيز على مؤشرات أداء الشركة التي ترغب الشراء فيها، ربما لاتعلم من هو مديرها التنفيذي، وماهي أهدافه للفترة القادمة، أو القيمة المضافة التي يريد تحقيقها.

تجاهلت الأعتماد على مايطلق عليه في عالم الإستثمار التحليل الأساسي للشركة المراد الإستثمار فيها وتملك حصة بها

 فالمستثمر يجب أن يركز على أداء الشركة ونتائجها على المدى الطويل وعلى ما سوف تحققه هذه الإدارة في المستقبل من نمو وقيمة مضافة للشركة.

وليس بالمتابعة اليومية لمؤشرالسوق الذي لايستفيد منه غير توتر الأعصاب وخسارة الوقت.

فأنت عندما تضارب في سوق الأسهم فأنت لاتخاطر بمالك فقط، بل يمكن أن تخاطر بصحتك أيضاَ، عن طريق الأصابة بالتوتر والقلق النفسي أو أرتفاع ضغط الدم لاسمح الله، فصحتك ووقتك ليس لهما ثمن.

لذلك ينصح بمتابعة وفحص المحفظه الإستثمارية مرة أو مرتين في السنة، مثل مراجعة الطبيب لعمل الفحص الشامل أو فحص قياس الضغط. 

في إحدى اللقاءات مع وران بافيت الذي يعتبر أحد أفضل مستثمرين القرن الواحد والعشرين، وثالث أغنى رجل في العالم، حيث تصل سيولة شركة بيركشير هاثاواي الذي يرأس مجلس إدارتها النقدية فقط (نقد + أستثمارات قصيرة الأجل) ألى 200 مليار دولار مع نهاية شهر سبتمبر 2015م، يقول، أنا لا أهتم كثيراَ بألأخبار الخارجية عن الشركة مثل إرتفاع معدل سعر الفائدة أو نسبة التضخم أو مؤشر السوق، لكن ما أهتم به هو الإجابة على لماذا يتم الشراء في هذه الشركة أو تلك.

أذا أستطعت الإجابة على هذا السؤال وتوقعت نسبة النمو للمبيعات أو الأرباح أو التوزيعات للخمس السنوات القادمة فأني غالباَ ما أستثمر بها. وعندما سئل عن تحديد أتجاه السوق، كانت إجابته هي لاأعلم.

فهو يعلم عن القيمة الحقيقة والجوهرية للشركات التي يملك حصة من أسهمها، عن طريق معرفة نشاطها ودراسة قوائمها المالية وحساب نسبة نموها التقديرية والمؤشرات المالية الأخرى، والتي سوف تنعكس على قيمتها السوقية على المدى الطويل.

لكن لايهمه أن يعلم حركة سعر أسهم هذه الشركات على المدى القصير، أو تحديد نقاط وهمية يمكن لأسهم هذه الشركات أن تخترقها أو تكسرها في حالة الصعود أو الهبوط. فهل من الممكن زيادة أرباح الشركة أو نموها خلال ساعات التدوال أو في خلال بضعة أيام؟ّ!. 

لذلك لا أحد يستطيع التحكم بمؤشر السوق، لكن إدارة الشركة تستطيع ضبط عملياتها التشغيلية وزيادة أرباحها ونموها وتوزيعاتها النقدية والذي سوف ينعكس تدريجياَ على قيمتها السوقية ومن ثم بإرتفاع سعر أسهمها على المدى الطويل.

فالإستثمار في سوق الأسهم مثل باقي الإستثمارات الأخرى يتطلب دراسة ومعرفة في ماتود الإستثمار فيه، بالإضافة ألى الصبر وإدارة المخاطر أكثر من أى مهارات أخرى. ولذلك يقال أذا كنت تريد الربح السريع فالأجابة دائماَ سوف تجدها هي لا. 

بعكس بعض المحليلين الفنيين لسوق الأسهم الذين يقومون بتحليل جميع القضايا والمؤشرات التي لاتتعلق بالشركة المراد الإستثمار بها على المدى الطويل. بل كل مايقومون به هو تحليل مؤشر السوق والإدعاء بإمكانية تحديد أتجاهه بتحديد الموجات الصاعدة والهابطة عن طريق بعض البرامج ألتي لاتحتاج أي نوع من الخبرة أو المعرفة لإستخدامها بمجرد الحصول عليها.

بل هم يقومون في بعض الإوقات ألى أبعد من ذلك ببث المعلومات المغلوطة للمستثمرين لحثهم بالقيام بالشراء مثل الأعلان عن فتح باب الإستثمار للأجانب أو أن السوق السعودي سوق ناشئة فمن الطبيعي أن تكون نسب المؤشرات المالية مرتفعة جداَ لبعض شركات المضاربة مثل مؤشر مكرر الربح، أو منخفضة مثل مؤشر العائد على حقوق الملكية

أما التوصيات التي يقوم بتدوالها بعض الأفراد في المنتديات أو من خلال مواقع التواصل الأجتماعي  ويستخدمها الضحايا طمعاَ في الحصول على الثراء السريع فهي نوع من السفه وتبذير للمال.

فبعض هؤلاء   الموصين مجهلوين الهوية، أو لا أحد يعلم ماهي مصلحتهم أو مستوى تعليمهم وخبرتهم ومعرفتهم في إدارة المال، أو حتى معرفة المبلغ الذي يقومون هم بإستثماره والذي في بعض الأوقات وإن وجد فإنه لايتجاوز ألاف من الريالات!.

بعكس الأفراد أو الضحايا المستخدمين لهذه التوصيات والذين غالباَ مايكونون مستثمرين لجميع مدخراتهم أو مقتترضين من البنك في أوقات أخرى 

المال قوام للحياة الدنيا ووسيلة إلى الدار الأخرة، وهو زينة ونعمة من الله أمرنا أن نحفاظ عليه وننميه في سبل الخير وأن نستثمره وننفقه بحكمة، ونهانا عن تبذيره بإستثماره والمضاربة به بناءاَ على الحظ أو المغامرة.

فالمخاطر تزيد بجهل الفرد بما يقوم بإلاستثمار فيه. وضياع المال هو من السفه، والسفيه هو الذي لايجيد إدارة المال والإحتفاظ به ونماءه، والتعامل معه بجهالة وغباء وضيق أفق.

وقد أمرنا سبحانه وتعالى حيث قال: وَلاَ  تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا.(النساء:5)   فأللهم أرزقنا رزقاَ حلالاَ مباركاَ فيه، والحكمة في إستثماره وأنفاقه، ونحن بصحة وعافية، وألى مقالاَ أخر بإذن الله.