تلقت الثقة في الاقتصاد العالمي دفعة قوية بعد أن قرر البنك المركزي الأمريكي بالإجماع أخيرا أن يرفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة للمرة الأولى في نحو عشر سنوات.
وحظي الدولار الأمريكي ببعض الزخم الصعودي في مختلف أسواق العملات العالمية، ومع ذلك فإن البنك قد قام، كما كان متوقعا، بتكرار القول بأن رفع سعر الفائدة في المستقبل سيكون تدريجيا.
وفي ضوء أن حقبة بقاء سعر الفائدة قريبا من الصفر قد وصلت لنهايتها في الولايات المتحدة، سينصب التركيز الآن على وتيرة وحدة رفع سعر الفائدة في المستقبل حيث يشير الرسم البياني بالنقاط لسعر الفائدة للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بأنه سيصل إلى 1.50% في نهاية عام 2016، ويعني ذلك أنه سيتم رفع سعر الفائدة أربع مرات أخرى العام القادم وهو الأمر الذي يعد مفرطا في الطموح إلى حد ما بالنظر إلى أن رئيسة البنك المركزي الأمريكي جانيت يلين كانت واضحة في تكرار رسالتها بأن رفع سعر الفائدة سيكون تدريجيا جدا.
وتلقت المعنويات تجاه الدولار الأمريكي لكمة خفيفة خلال المؤتمر الصحفي للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة عندما أشارت جانيت يلين إلى أن سعر الفائدة في الولايات المتحدة كان من الضروري أن يتم رفعه لمنع رفعه بطريقة مفاجئة ومتسرعة في وقت لاحق وهو الأمر الذي يمكن أن يزيد من مخاطر دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة الركود.
وفي ظل تعافي التوظيف في الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير، سيؤدي المعدل الثابت لنمو التضخم للحيلولة دون قيام البنك المركزي الأمريكي برفع أسعار الفائدة بنفس عدد المرات الذي يشير إليه حاليا الرسم البياني بالنقاط لأعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.
ومن المنتظر أن يظل نمو التضخم حجر عثرة أمام البنك المركزي الأمريكي ويمكنه أن يتسبب في عرقلة الوتيرة المتوقعة لمرات رفع سعر الفائدة في المستقبل، وهو الأمر الذي ينبغي أن ترصده الأسواق لاحتمال ضعف الدولار في المستقبل.
ويجب القول إن البنك المركزي الأمريكي قد نجح في السيطرة على رد فعل السوق تجاه الرفع التاريخي لسعر الفائدة الأمريكية خلال جلسة التداول يوم أمس الأربعاء، على الرغم من التكهنات المرتفعة بأن تقلب السوق يمكن أن يشتد ويصبح خارج نطاق السيطرة.
ولابد من أن يكون مفهوما أن البنك المركزي الأمريكي قد كرر في مناسبات عديدة على مدار عام 2015 بأن هناك احتمال كبير بأن يتم رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة خلال عام 2015 وأن الثقة المتكررة التي كانت لدى المستثمرين منذ أواخر شهر أكتوبر بأن توقيت هذا الرفع سيكون في شهر ديسمبر يعني أن القرار كان متوقعا بالفعل بشكل كبير في الأسواق.
وكانت الأسهم الأمريكية قد تأثرت بشكل إيجابي برفع سعر الفائدة كما كان رد فعل المستثمرين إيجابيا تجاه المؤشرات الدالة على أن هناك ثقة في تمتع الاقتصاد الأميركي بما يكفي من المرونة لتحمل زيادات تدريجية في تكاليف الاقتراض بوتيرة بطيئة.
ومن المفترض أن يكون لهذه الإيجابية التي شعرت بها الأسهم الأمريكية تأثيرا إيجابيا على الأسواق الآسيوية وأن تؤدي لرد فعل إيجابي في بداية جلسة التداول الأوروبية، بينما ربما يواصل مؤشر الدولار اقترابه من حاجز المقاومة النفسي القوي عند مستوى 100.