أدى التواصل المستمر بشأن زيادة احتمال قيام البنك المركزي الأمريكي برفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة الأسبوع القادم للمرة الأولى منذ تقريبا عقد من الزمان لخلق مستوى مذهل من التقلب في الأسواق العالمية.
ويتم مشاهدة تحركات حادة في أسواق العملات في ظل قيام المستثمرين بشكل منهجي بالتخلي عن مراكزهم القديمة والدخول في مراكز جديدة على أمل أن يقفوا في الجانب الصحيح لأحد أبرز الأحداث المالية المنتظرة بشدة في الآونة الأخيرة قبل قرار البنك المركزي الأمريكي الأسبوع القادم.
وفي حين أن جزء من هذا التقلب الشديد يمكن أن يعزى إلى انخفاض النفط لمستويات قياسية متدنية والإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي والتي لم تكن على مستوى التوقعات، هناك مخاوف من أن يكون بيان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأسبوع القادم متشائما ويكرر التأكيد على أن البنك المركزي الأمريكي سيقوم برفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة بوتيرة بطيئة.
وعودة إلى الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي والتي لم تكن على مستوى التوقعات، فقد ساهمت في منح اليورو زخما صعوديا ودفعت زوج اليورو/الدولار الأمريكي لأعلى مستوياته في أسبوع فوق مستوى 1.10.
وصحيح أن هذا الارتفاع يعتبر ارتفاعا كبيرا بالنظر إلى أن الزوج كان يتجه لأدنى مستوياته في 12 عاما عند مستوى 1.05 منذ أسبوع واحد فقط، ولكن الارتفاع الذي شهده زوج اليورو/الدولار الأمريكي يبدو قصير الأمد حيث إن معظم متابعي السوق يتوقعون هبوط الزوج على المدى الطويل وأن يظل الزوج معرضا للضغوط.
وعند النظر إلى الصورة الشاملة وبعيدا عن رد الفعل المبالغ فيه على الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي والتي لم تكن على مستوى التوقعات، ما تزال التوقعات قوية بأن البنك المركزي الأمريكي من المرجح أن يقوم برفع سعر الفائدة الأسبوع القادم وهو الأمر الذي يزيد من الاختلاف الحالي في كلا من السياسة النقدية والمعنويات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وأوروبا، ويعني ذلك أن الباب ما يزال مفتوحا على مصراعيه لانخفاض زوج اليورو/الدولار الأمريكي في المستقبل.
ومن ناحية أخرى، تخلى المستثمرون عن الدولار لليوم الثاني عن التوالي ودفعوا العملة لأدنى مستوياتها في عدة أسابيع أمام اليورو والين الياباني حيث قام معظم المستثمرين بجني الأرباح من مراكزهم قبل اجتماع السياسة للبنك المركزي الأمريكي الأسبوع القادم.
وعلى الرغم من الضعف قصير الأمد للدولار الأمريكي، ما تزال المعنويات تجاه الدولار مرتفعة وفي ظل أن البيانات التي صدرت خلال شهر نوفمبر قد زادت التفاؤل بشأن رفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة في ديسمبر فضلا عن أن البنوك المركزية الأخرى تهدد باللجوء لمزيد من إجراءات التيسير، من المرجح أن يعوض الدولار خسائره ويرتفع مرة أخرى في المستقبل.
وصحيح أن مؤشر الدولار قد انخفض إلى مستويات لم نراها منذ أسابيع، ولكن من المحتمل أن يكون المتداولين الذي يتبعون أساليب التحليل الفني يتابعون المتوسط المتحرك البسيط لمدة 200 يوم والذي يظهر على الرسم البياني أدناه باعتباره فرصة محتملة، وهو الأمر الذي يمكن أن يكون سببا لتشجيع المشترين على دفع السعر للارتفاع.
وكان عدم الاستقرار الذي نشأ بسبب الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس الماضي والتي لم تكن على مستوى التوقعات قد استمر في إضعاف الدولار الأمريكي وهو الأمر الذي منح بدوره فرصة لثيران الذهب لدفع المعدن للارتفاع لأعلى مستوياته الأسبوعية عند 1085 دولار.
وعلى الرغم من المكاسب الأخيرة إلا أن المعدن الأصفر النفيس ما يزال هبوطيا ومن المفترض أن تؤدي زيادة التفاؤل بأن البنك المركزي الأمريكي سيقوم برفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة الأسبوع القادم للحد من المستوى المرتفع الذي يمكن أن يبلغه الذهب.
وما تزال هناك فرصة أمام دببة الذهب لخلق موجة جديدة من الانخفاض في سوق المعدن، وفي ظل أن أسواق العقود الآجلة لسعر فائدة البنك المركزي الأمريكي تتوقع بنسبة 80% أن يقوم البنك المركزي الأمريكي برفع سعر الفائدة الأسبوع القادم، سيظل الذهب معرضا لتكبد المزيد من الخسائر.
زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي يرتفع من مستوى 1.5000
شهد زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي ارتفاعا كبيرا وبلغ أعلى مستوياته الأسبوعية عند مستوى 1.5190، ولم يكن لهذا الارتفاع علاقة بتحسن المعنويات تجاه الجنيه الإسترليني وإنما كان بسبب الضعف المؤقت للدولار الأمريكي.
وما يزال الجنيه الإسترليني يتلقى العقاب بشكل منتظم من الامتناع الواضح للبنك المركزي البريطاني عن البدء في رفع سعر الفائدة في بريطانيا، في حين أن الدلائل الأخرى على تباطؤ النمو الاقتصادي وركود التضخم يؤدي لتخفيف الضغوط عن كاهل البنك المركزي البريطاني للتدخل.
وينتظر المستثمرون في وقت لاحق اليوم نتيجة الاجتماع الشهري للبنك المركزي البريطاني حيث يتوقع أغلب المحللين الاقتصاديين أن يتم الإبقاء على سعر الفائدة بدون تغيير عند 0.5%، وهو الأمر الذي يعني عدم أهمية هذا الحدث بالنسبة للمتداولين.
ومع ذلك فإن المشاركين في السوق سيصبون تركيزهم على اللهجة التي سيتسم بها ملخص السياسة النقدية لمعرفة المزيد بشأن متى يمكن أن يبدأ البنك المركزي البريطاني في رفع سعر الفائدة في بريطانيا، على الرغم من أن التوقعات لتوقيت رفع سعر الفائدة قد تم تأجيلها إلى ما بعد العام القادم لتكون في مطلع علم 2017.
وعلى الرغم من الارتفاع المفاجئ الذي شهده زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي في جلسة التداول السابقة، ما يزال الزوج، من وجهة نظري، هبوطيا ومعرضا لتكبد الخسائر.
فالمخاوف بشأن التباطؤ المحتمل في الزخم الاقتصادي للاقتصاد البريطاني والتوقعات القوية بأن البنك المركزي الأمريكي سيقوم برفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة الأسبوع القادم يمكن أن يشجع البائعين على دفع زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي للانخفاض نحو مستوى 1.49 المتدني الذي بلغه مؤخرا.