التوجهات المستقبلية للاقتصاد السعودي

24/11/2015 2
سعيد بن محمد

شهدت المملكة العربية السعودية خلال الشهر الماضي صدور عدد من القرارات الهامة التي تعطى دلائل على توجهات مستقبل الاقتصاد السعودي و هي بداية الانطلاق لتحقيق رؤية الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظة الله حينما غرد في تويتر قائلاً: 

" هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة و سأعمل معكم على تحقيق ذلك".

وتتمثل هذه القرارات في التالي:

•فتح نشاط تجارة التجزئة والجملة بملكية 100% للشركات الأجنبية.

•الدفع لمشروع الرسوم الحكومية للأراضي البيضاء لمراحل التنفيذ.

•إنشاء هيئة لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

•إنشاء هيئة لقياس أداء الأجهزة الحكومية مرتبطة برئيس مجلس الوزراء.

وهذه الخطوات تعمل لتحقيق استراتيجيات الدولة التي تهدف لتنوع الخيارات للمواطن، حيث تودي المنافسة لانخفاض الأسعار، تحسن وتطور الخدمات لمصلحة المواطن، خلق فرص وظيفية، فتح مجالات أوسع لمنافسة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الرقى بالخدمات المقدمة من الجهات الحكومية، دعم توفير السكن للمواطن، التنفيذ الصحيح للخطة الاستراتيجية بمتابعة الأداء، الاستفادة القصوى من الميزانيات السنوية، زيادة الناتج المحلي للدولة، تعزيز مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي، ....  وسنستعرض بمزيد من التفصيل هذه الخطوات.

فتح نشاط تجارة التجزئة والجملة بملكية 100% للشركات الأجنبية:

من المتوقع أن يؤدى ذلك لجذب استثمارات كبيرة وذلك لوجود قوة شرائية هائلة في المملكة بالإضافة لعدد السكان، عدم وجود ضرائب وجود طلب عالي على السلع والخدمات المقدمة من المصدر في المملكة لثقة العميل في المنتج، الاسم التجاري العالمي، الاستفادة من موقع المملكة الاستراتيجي لإعادة تصدير المنتجات على المستوى الإقليمي والدولي.  

في المقابل سيؤدي ذلك لزيادة التنافس لجذب العميل، تنوع خيارات المنتجات، الابتكار في التسويق، تطور وسائل،  والإنتاج للوصول للعميل، فتح مجال التوظيف لمجالات متعددة، ارتفاع الصادرات ويقلل من البون الشاسع بين الواردات والصادرات غير النفطية.

وهذا التوجه يتطلب تطور  وسرعة الأنظمة التجارية والقضائية و تقليل الإجراءات ، تشجع المنافسة، القضاء على احتكار التجار لعدد كبير من السلع والخدمات في المملكة.

إقرار مشروع الرسوم الحكومية  على الأراضي البيضاء:

أقر مجلس الوزراء مشروع الرسوم الحكومية على الأراضي البيضاء بعد دراسته في مجلس الشوري، ومن المتوقع والمأمول أن يكون لذلك آثر كبير لانخفاض أسعار الأراضي وبالتالي يسهم ذلك في زيادة تملك المواطن للسكن بسعر غير مبالغ فيه و تنخفض تكلفة السكن، الإيجار،  وينخفض مؤشر تكلفة المعيشة في المملكة لكون عامل السكن هو المؤثر الأكبر في المؤشر. 

وستكتمل الفائدة عندما تقوم وزارة الإسكان بالبناء من خلال الشركات العالمية (تجربة إسكان السلي-في الرياض) تعتبر ناجحة من حيث انخفاض التكلفة والجودة خاصة مع ارتفاع تكلفة اليد العملة ومواد البناء على المواطن.

إنشاء هيئة لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة:

تعتبر المنشآت الصغيرة والمتوسطة من أهم النشاطات الاقتصادية في الدول المتقدمة بل هي العامودي الفقري للاقتصاد :

•تفوق  صادرات المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الولايات المتحدة ما نسبته 97% ، و 70% في هونغ كونغ، 60% في الصين من صادرات الخدمات.

•تعتبر المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الولايات المتحدة، كندا، اليابان، دول الاتحاد الأوروبي من الأعمدة الرئيسية للاقتصاد.

•توفر ما يقارب من 75% من الوظائف الجديدة في الاقتصاد، مما يخفف العبء على ميزانية الدولة.

•تصل مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي لكندا ما يقارب 30% ، و ما يقارب  60% في الاتحاد الأوروبي، وتستهدف الإمارات العربية المتحدة الوصول لنسبة مساهمة هذه المنشآت في  GDP ما بين    60% – 70% بحلول عام  2021م مقارنة مع 5% عام 2014م.

•تتجه الكثير من الشركات الكبرى، وبعض القطاعات الحكومية تحويل بعض الأعمال المهام (outsource) للاعتماد على المنشآت الصغيرة والمتوسطة للقيام ببعض الأنشطة ذات الاختصاص.

•عدد المنشآت المتوسطة والصغيرة في الولايات المتحدة يقارب 27 مليون منشآه يحقق عوائد تصل لـــ 27.5  ترليون دولار،  وبلغ عدد المنشآت في الاتحاد الأوروبي  ما يقارب 21 مليون منشآه تصل مبيعاتهم لـــ 3.5 ترليون يورو.

•من أهداف تشجيع الدول على تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة توفير مزيد من الوظائف لتخفيف معدل البطالة.

•تشجيع وتنمية المنشآت الصغيرة في مختلف الأنشطة يساعد على الابتكار والأبداع في الصناعة والخدمات.

إنشاء هيئة لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة يعتبر من الخطوات الهامة لمستقبل الاقتصاد السعودي ولكن ذلك يرتبط بتوفير البيئة التشريعية المناسبة،  تقديم  و توفير التدريب وتقليل المخاطر والصعوبات في مختلف المراحل، ولعل الأهم أن تكون هذه المنشآت بيئة حاضنة، آمنة للموظف وان تكون قائمة على أسس إدارية ومالية منظمة وليست عشوائية.

وتوفير مصادر التمويل من القطاع الحكومي والخاص وتقديم أنواع متعددة الدعم المادي واللوجستي لتشجيع الإقبال على إنشاء هذه المنشآت.

إنشاء هيئة لقياس أداء الأجهزة الحكومية مرتبطة برئيس مجلس الوزراء:

يعتبر من أهم الخطوات والمكمل الأساسي لتنفيذ خطط الدولة السنوية والذي يربط أداء كل جهة حكومية بالاستراتيجية على المدى القصير والطويل، وارتباط هذه الجهة بالملك حفظة يعطيها الدعم القوي للعمل مع الوزارات للتنفيذ السليم للمشاريع في الوقت المحدد من خلال تحديد مكامن الخلل أو المعوقات التي تواجه تنفيذ خطة الدولة، و يضع الجميع أمام تحدي لتحقيق الإنجاز ويقلل من الروتين والأعذار الغير مبررة، وهذا التوجه سينقل العمل الحكومي لعمل مؤسساتي منظمي ذو رؤية واضحة محددة، وما يساعد على ذلك هو العمل الجبار (المتوقع) لوزارة الاقتصاد والتخطيط لقيادة التنمية وفق استراتيجية واضحة تحقق رؤية الملك :

 " هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة و سأعمل معكم على تحقيق ذلك"

وسيكون للخطة الاستراتيجية وفقاً للتصور الجديد آثر إيجابي هائل على تنمية المملكة لكون الجميع من القطاع العام، الخاص، المواطن، يعمل للوصول للأهداف وفق مخرجات واضحة المعالم تعزز من التطور المستقبلي للمملكة العربية السعودية.  

القرارات الأخيرة الصادرة من مجلس الوزراء تبشر بخير لمستقبل أفضل وتبرز التوجهات لتفعيل الاقتصاد بشكل أفضل بما يحقق التنمية ويفتح ويدعم الفرص الاستثمارية للمواطن، مزيد من الوظائف، تقليل تكلفة السكن من خلال تنشيط جانب العرض بتوفير الأراضي السكنية.

كل تلك القرارات مؤشرات لمستقبل أفضل في ظل تفعيل متابعة أداء الأجهزة الحكومية  ويحقق الاستفادة القصوى من الميزانيات السنوية.