عاد مؤشر داو جونز نهاية الأسبوع الماضي إلى نفس المستوى الذي كان عليه مع نهاية العام الماضي أي إلى مستوى 17823 نقطة، بدون تغير، بعد أن بدا واضحاً من البيانات الاقتصادية أن الاقتصاد الأمريكي ينمو بشكل جيد، مع وجود توقعات شبه مؤكدة بامكانية رفع أسعار الفائدة على الدولار في الاجتماع القادم للجنة السوق المفتوحة ببنك الاحتياط الفيدرالي قبل نهاية العام.
وقد تزامن ذلك أيضاً مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى منذ سنوات أمام اليورو، وأمام بعض العملات الأخرى. وفي المقابل نجد أن المؤشر العام لبورصة قطر كان لا يزال مع نهاية الأسبوع الماضي عند مستوى 11860 نقطة، منخفضاً بما نسبته 11,3% عن إقفال العام 2014.
ومن الواضح أن أداء بورصة قطر قد تأثر بشكل سلبي بانخفاض أسعار النفط، ولم يستفد من النمو الذي حققه الاقتصاد القطري في النصف الأول من العام بما نسبته 4,8%.
وللمقارنة فإن الاقتصاد الأمريكي قد نما في نفس الفترة بنسبة 3,9% أي أقل من معدل نمو الاقتصاد القطري، ولكن مؤشرات البورصة الأمريكية استفادت من نمو اقتصادها وتجاوزت الأثار السلبية التي نتجت عن عوامل خارجية، بينما بدت مؤشرات البورصة القطرية أكثر تأثراً بالعوامل الداخلية والخارجية. فما هي هذه العوامل:
1-كان في مقدمة العوامل الخارجية انخفاض أسعار النفط بما نسبته 53,3%- أي من 96,29 دولار لبرميل الأوبك في متوسط العام 2014 إلى 51,33 دولار للبرميل لمتوسط العام 2015 حتى تاريخه- مع ملاحظة أن السعر لإقفال يوم 19 نوفمبر قد انخفض إلى مستوى 38,52 دولار للبرميل.
هذا الإنخفاض الحاد، ومثله ربما في أسعار الغاز المسال، قد أثر سلباً على الإيرادات العامة للدولة وحولها من فائض ضخم في ميزانية العام 2014/2015 بقيمة 92,3 مليار ريال، إلى عجز في الربع الأول من السنة المختصرة في 9شهور للعام 2015 أي ما بين إبريل-يونيو بقيمة 11,8 مليار ريال، مع توقع تنامي هذا العجز في العام 2016 إلى نحو 40 مليار ريال.
هذا الإنخفاض الكبير في الإيرادات، مع التوجهات الناجمة عنها لضغط النفقات، سيؤثر على الأنشطة المختلفة للشركات المدرجة في البورصة، ويقلص من أرباحها. وقد كان لهذا العامل تأثير عام على جميع أسعار أسهم الشركات المدرجة في البورصة تقريباً، وخاصة قطاع البنوك، وإن بدرجات متفاوتة.
2- تأثرت بشكل مباشر أرباح الشركات ذات العلاقة بأسعار النفط ومشتقاته، وفي مقدمتها شركات صناعات، والخليج الدولية، ومسيعيد. ولأن توزيعات هذه الشركات سوف تؤثر على توزيعاتها المرتقبة بعد عدة شهور من الآن، فإن انخفاض أرباح هذه الشركات قد ساهم في خفض أسعار أسهم هذه الشركات إلى مستويات متدنية بحيث وصل سعر سهم مسيعيد إلى 112 ريال مقارنة بأعلى مستوى وصله في 12 شهر وهو 200 ريال.
وانخفض سعر سهم مسيعيد إلى 20 ريال مقارنة بـ 32 ريال في أعلى مستوى له في سنة، وانخفض سعر سهم الخليج الدولية بأكثر من نصف ما كان عليه قبل سنة أي إلى 57 ريال مقارنة بـ 126,8 ريال كحد أعلى في سنة.
3-ارتفع سعر صرف الدولار-ومعه الريال- أمام اليورو، والعملات الرئيسية الأخرى، وأثر ذلك سلباً على نتائج الشركات التي لديها استثمارات في الخارج ومنها أوريدو، والوطني والخليجي، والدولي، والريان والتجاري، وغيرها. ومع انخفاض الأرباح لهذا السبب، فإن التوزيعات المحتمله لهذه الشركات قد تأثرت، ومن ثم أثرت على أسعار أسهمها.
4-كان هنالك تطورات خارجية بعضها اقتصادي، والآخر سياسي. فمن ناحية كان لتراجع الأداء الاقتصادي في الصين هذا العام تأثير سلبي على بورصتها وعلى بورصات العالم الأخرى. كما كان للتطورات السياسية في المنطقة، ومنها احتدام المعارك في اليمن وفي سوريا والعراق وليبيا تأثيرات سلبية عامة على المستثمرين الذين فضل جانب منهم -وخاصة الأجانب والمحافظ الأجنبية- الخروج من السوق، والبحث عن فرص آمنه وجذابة في السوق الأمريكي.
وقد بينت أرقام تداولات بورصة قطر لفترة الأسبوع الماضي أن الأفراد غير القطريين قد باعوا صافي مقابل مشتريات صافية من بقية الفئات الأخرى.
5- أنه بخلاف العوامل المستجدة أعلاه، نجد أن هناك عناصر ضعف بنيوية في البورصة القطرية حيث لا يوجد نمو في أعداد الشركات المدرجة في البورصة منذ أكثر من 6 سنوات، وفي حين كان هنالك إدراج لأسهم شركة واحدة هي مسيعيد، فإن الإندماجات التي حدثت في هذه الفترة قد خفضت العدد من 46 شركة في عام 2010 إلى 43 شركة في عام 2015.
هذا الجمود في عدد الشركات كان من بين العوامل المهمة في التأثير السلبي على أحجام النشاط والتداولات، وخاصة لجهة الفئة الأهم وهي الأفراد القطريين.
وفي حين كان حجم نشاط هذه الفئة يشكل ما نسبته 52% من تداولات البورصة وبقيمة بلغت نحو 91 مليار ريال في عام 2008، فإن نشاطها قد تراجع في السنوات الأخيرة، بحيث قد لا يزيد هذا العام عن 35 مليار ريال.