خلاصة القول أن أعضاء مجموعة العشرين هي القاطرة لاقتصاد العالم، فأعضاء المجموعة يسهمون بنحو 85 بالمائة. ومع صدور البيان الختامي للمجموعة اتضح ان الدول مصرة على قيادة العالم بأن يكون أداء المجموعة 2 بالمائة افضل من متوسط الاقتصاد العالمي حتى العام 2018.
ولن يكون كافياً اتباع المسارات التقليدية من الاكتفاء بضخ الأموال في البنية التحتية في مسعى لزيادة سعة الاقتصاد وبالتالي النمو، بل لابد من التوجه كذلك للتحول لزيادة سعة قطاع الخدمات، والأنشطة المعتمدة على التقنية، ومن ذلك التحول للاقتصاد المعرفي.
وبالنسبة لبلد كالمملكة العربية السعودية، حيث يمثل النفط دعامة ارتكازية من دعائم الاقتصاد الوطني، فمن الضروري اتخاذ مسارات اكثر صرامة لتحقيق نمو اقتصادي مرتفع نسبياً، على الرغم من ضعف أسعار النفط.
إذ هناك من يتوقع ان اسعار النفط سترتفع في العام 2016 لتصل الى 70 دولارا في المتوسط، وبالمقابل هناك من يرى ان سعر النفط لن يصل لذلك المستوى إلا في العام 2017!
ما الذي ستتخذه المملكة من مبادرات وسياسات اقتصادية ومالية ونقدية جديدة لتحقيق ذلك؟
القضية ليست تفاؤلا وتشاؤما، بل تحوط من ان تبقى اسعار النفط عند مستواها الحالي، مما يعني أن الخزانة العامة ستعاني من عجز، في حال -كما يقول الاقتصاديون- بقي كل شيء آخر على حاله. لكن لا احد يريد ان يرى عجزاً ولا أن يشهد سحباً من الاحتياطيات.
نحن أمام حاجة لتحقيق نمو في حدود 4.5-5.0 بالمائة للأعوام حتى العام 2018، وفيما يبدو فلن نحقق ذلك اعتماداً على تحسن وشيك وهائل في أسعار النفط، فالأرجح ان خيارنا لتحقيق ذلك:
1.رفع كفاءة القطاع الحكومي وخفض نفقاته.
2.إعادة الحياة لاستراتيجية الخصخصة بحيث لا تقوم الحكومة بأي نشاط اقتصادي، بوسع القطاع الخاص القيام به ولاسيما في المرافق العامة كالماء والكهرباء والصرف الصحي على سبيل المثال لا الحصر، للاستفادة من الضخ الاستثماري الذي يمكن أن يوفره القطاع الخاص لتغطية الاحتياجات الهائلة لهذا القطاع،
بذل جهد حقيقي وملموس ومنتج لاستقطاب واجتذاب الاستثمارات الأجنبية، اذ تشير بعض التقديرات ان متوسط التدفقات الاستثمارية المباشرة تبلغ نحو 10 مليارات دولار، وكما ندرك فإن الاستثمار الأجنبي المرغوب استقطابه هو الذي: ا.يولد فرص عمل قيمة للسعوديين،..ب-.يولد قيمة مضافة للاقتصاد الوطني،..ج- ويساند الخزانة العامة من خلال دفع ضريبة الدخل (قدرها 20 بالمائة).
4.تشجيع العمالة الوافدة استثمار اموالها ضمن نطاق اقتصادنا الوطني، وذلك بهيكلة البنوك المحلية أدوات تنافس ما هو متاح في بلدانهم. وهذا أمر لم تنظر فيه بنوكنا بأي جدية -فيما يبدو، على الرغم من ضخامة وتنامي قيمة تحويلات العمالة التي تقدر بنحو 150 مليار سنوياً.
وليس محل جدل ان علينا التنبه لتعزيز وضع الحساب الجاري باستقطاب استثمارات اجنبية وحفز المواطنين والوافدين الابقاء على اموالهم بتوفير خيارات استثمارية منافسة، وليس الترخيص لدكان حوالات سريعة عند كل زاوية!.
وهكذا، نجد ان بوسعنا التعايش مع تراجع ايرادات النفط، لكن علينا أن نحاول بجد واجتهاد واصرار. وبالقطع فليس في الأمر مكابرة، بل دعوة لطالما رددها كثيرون لعقود بأن علينا التحول لاقتصاد الانتاج، فهو شرط سابق وضروري لتحقيق نمو اقتصادي مستقر، قام النفط أم قعد.
هذه هي فرصتنا الثمينة بأن نعيد توظيف مقدراتنا بصورة أكثر ملاءمة ليس فقط لظروفنا الراهنة بل كذلك -والأهم- لنتمكن من تنفيذ خططنا بناء على قدراتنا وليس اعتماداً على تأرجحات ايرادات النفط التي لم تتوقف يوماً.
أقرت قمة العشرين ان الاقتصاد العالمي غير متوازن، وأن على الدول تطبيق سياسات اقتصادية كلية بالتعاون فيما بينها، وانه لابد من التوازن بين مؤشر الدين العام للناتج المحلي الاجمالي وبين النمو الاقتصادي.
وتحقيق التوازن سيتطلب منظومة متكاملة من السياسات الاقتصادية والمالية والعمالية والتعليمية والاجتماعية، وهي تشمل كذلك عناصر اساسية تساهم في النمو اذا ما منحت الفرصة، ويأتي في المقدمة الشباب توظيفاً وريادةً ومشروعات صغيرة.
نقلا عن اليوم