ضرورة تطوير الصناعات بالمملكة

03/11/2015 4
م. برجس حمود البرجس

الصناعات المتقدمة توفر وظائف مجدية برواتب عالية، وهي المحرك الأكبر للخدمات المتقدمة، والصناعات أيضاً تنويع لمصادر الدخل وتطوير للاقتصاد، فلا يمكن للمملكة العربية السعودية أن تكون معتمدة على الدول الأخرى في استيراد أجهزة وإلكترونيات ومعدات وسيارات.

حجم التبادل التجاري للسلع بين دول العالم 18 تريليون دولار سنوياً، هذا التبادل ممثلاً بالصادرات والواردات بين الدول، وإذا ما استثنينا النفط من هذا التبادل، فإن أكبر ثلاثة سلع هي الإلكترونيات حيث تصل الصادرات من الدول لهذه السعلة 2.1 تريليون دولار سنوياً، وتأتي السلعة الثانية المعدات والأجهزة والتي يصل التبادل التجاري بها إلى تريليوني دولارسنوياً، وأما السلعة الثالثة فهي معدات النقل ومنها السيارات والقطارات والطائرات والمعدات الثقيلة والتي يصل حجم التبادل التجاري بين الدول لهذه السلع 1.3 تريليون دولار سنوياً.

عند النظر للدول المتقدمة ودول العشرين (G20) وكذلك حتى الدول الناشئة فإنهم جميعاً يصدرون هذه الثلاث سلع "الإلكترونيات، المعدات والأجهزة، ووسائل النقل" ضمن أكبر خمسة سلعة يصدرونها، وحجم هذه الصادرات 5.4 تريليونات دولار سنوياً، وتأتي في مقدمة هذه الدول حسب حجم الصادرات الصين، ثم ألمانيا فالولايات المتحدة الأميركية وبعدها اليابان وكوريا.

طبعاً، هذه صادرات فقط ولا تمثل الصناعات داخل كل دولة، فالولايات المتحدة الأميركية (مثلاً) تصنع أكثر مما تصدر بكثير ولكنها تبقى داخل الدول للاستهلاك المحلي. 

أما في المملكة، فإن هذه الثلاثة سلع هي أكبر ثلاثة سلع تستوردها المملكة، وبالتأكيد لا نصنع محلياً هذه السلع ولا نصدر أي منها.

وارتفعت قيمة واردات المملكة من 156 مليار ريال قبل 10 سنوات إلى 650 مليار ريال العام الماضي، ومنها ما قيمته أكثر من 300 مليار ريال في "الإلكترونيات والمعدات والأجهزة ووسائل النقل".

وخلال 7 سنوات ارتفعت واردات المملكة السنوية للسيارات ومعدات النقل من 51 مليار ريال إلى 107 مليارات ريال، وارتفعت واردات المملكة السنوية للأجهزة والمعدات من 73 مليار ريال إلى 182 مليار ريال.

يتضح حجم الواردات للمملكة في تزايد، وهذا يعتبر هدر اقتصادي كبير متمثلاً في تحويل قيمة هذه الواردات للخارج وعدم تنويع مصادر الدخل وهدر الفرص الوظيفية المجدية، وهذه المؤشرات كافية لتطوير الصناعة والتصنيع في المملكة.

أما بالنسبة للصناعات الموجودة بالمملكة، فهي لا تفي باستراتيجيات المملكة الرئيسية "تنويع مصادر الدخل، وتوفير الفرص الوظيفية الملائمة".

الصناعات القائمة في المملكة غير النفطية والبتروكيماويات تكاد لا تذكر مع أنه يعمل بها أكثر من مليون عامل وفقط 15% سعوديين، ولكن عند النظر لمعدل الأجور يتضح لنا نوعية وجدوى هذه الصناعات.

فبمقارنة أجور العمالة في القطاع الصناعي يتضح أننا نقبع في مؤخرة القائمة بين الدول التي يغلب على سكانها الحياة البدائية والبسيطة، فمثلا أجور العاملين في القطاع الصناعي بالمملكة 3.31 دولارات بالساعة وفي الفلبين 2.1 دولار بالساعة والهند 1.6 دولار بالساعة والصين 1.9 دولار بالساعة، أما الدول الأخرى مثل المكسيك وتايوان والبرازيل فالأجور في قطاع الصناعة من 6.28 إلى 11 دولاراً بالساعة، وفي كوريا وسنغافورة واليونان من 17 إلى 23 دولارا بالساعة، إسبانيا وبريطانيا 26 إلى 29 دولاراً بالساعة، الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وأستراليا وهولندا من 34 إلى 40 دولاراً بالساعة، ألمانيا والسويد والدنمارك من 44 إلى 46 دولاراً، وأخيرا بلجيكا وسويسرا والنرويج من 51 إلى 57 دولاراً بالساعة.

الصناعة في المملكة بحاجة إلى التطوير لتلبية الطلب المحلي لأكبر السلع المستهلكة، ومن ثم التصدير لمنافسة الدول المتقدمة من خلال الكوادر البشرية الوطنية التي تتطلب تدريبها وتأهيلها وتجهيزها لسوق العمل.

نعلم جميعاً أن الصناعات تحتاج إلى مراكز بحوث وتطوير ودراسات تساندها، فدول العالم تستثمر سنوياً 1.6 تريليون دولار في البحوث والتطوير، منها 429 مليار دولار في الولايات المتحدة، وهذه الدول تجني ثمارها في نفس السنة وتغذي الصناعات والخدمات المتقدمة.

وقد يكون وجود 32 جامعة بالمملكة نقطة الانطلاقة لهذه المراكز خصوصاً أن ثلاث من هذه الجامعات مجموع أعمارها 150 سنة "جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة الملك سعود وجامعة الملك عبدالعزيز".

أخيراً، لتطوير الصناعات والتصنيع بالمملكة، الخطوات الأولى قد تكون (1) تأسيس مراكز البحوث والتطوير، (2) تأسيس صناديق استثمارية للصناعات حيث أن القطاع الخاص غير قادر على تأسيس مراكز البحوث والتطوير وأيضاً لن يستهدف تنويع مصادر الدخل وعلاج مشكلة البطالة قبل استهداف زيادة الربحية بالحد الأقصى، و(3) فصل الصناعة عن وزارة التجارة كتنظيم هيكلي بناء على حجم الأعمال.

نقلا عن الوطن